أخبار عاجلة

"سبق" تستعرض تاريخ الشرقية مع الزلازل.. و"العمري" يحذر

تتميز بأنها ذات فترة دورية طويلة

قال رئيس الجمعية لعلوم الأرض الأستاذ الدكتور عبدالله العمري: إن الإحساس بالزلازل في مدن المنطقة الشرقية قد يرجع إلى أن المسار الموجي للحركة الأرضية للزلازل التي تقع في منطقة الخليج العربي تتميز بأنها ذات فترة دورية طويلة.

وأشار إلى أن الدراسات الحديثة التي أُجريت على المنطقة الشرقية دلت على أن سُـمك القشرة يصل إلى 48 كم، ويصل عُمق صخور القاعدة 8.5 كم، بالرغم من أن مستوى النشاط الزلزالي منخفض في المنطقة الشرقية إلا أن قربها من المناطق النشطة زلزاليا في جبال زاجروس بإيران يستوجب أخذها بالاعتبار هندسيا، وهو ما يتطلب دراسة الخواص الديناميكية للتربة ومعرفة معدلات تعتيم الحركة الأرضية وتأثير الموقع والمعاملات الزلزالية والهندسية الأخرى للمنطقة لاستنتاج خرائط التمنطق الزلزالي الدقيق Microzonation.

وأضاف "العمري" في تصريح خاص لـ"سبق" أنه نظراً لأن مدن الدمام والخبر تمتد على ساحل الخليج العربي، فإنها تتعرض دائماً في المستقبل لمثل هذه الهزات وربما أشد منها، والتي لا تمثل خطراً كبيراً إذا تم التأكد من تصميم وتنفيذ الأبراج العالية والمباني بصفة عامة بناء على المواصفات القياسية الهندسية الصحيحة. ويتم تصميم الأبراج بصفة خاصة لتحمل الزلازل والرياح الشديدة وضغط المياه الأرضية من خلال برامج هندسية وتحليلية وحسابية معقدة وعبر معامل متخصصة في تمثيل تأثير الزلازل والرياح والمياه الأرضية على نماذج ومجسمات للأبراج للتأكد من مدى مقاومتها وصلاحيتها للمؤثرات الطبيعية المختلفة.

وأضاف أن تمايل الأبراج أثناء الهزات الأرضية أمر طبيعي ومحسوب هندسياً لامتصاص الصدمات، حيث يتم وضع التصميم الإنشائي للأبراج لتكون مرنة لتسمح بالانحناء والتمايل أثناء الهزات الأرضية والرياح الشديدة.

وأكد على أنه ينبغي تدريب جميع المستخدمين للأبراج بصفة دورية على عمليات الإخلاء الوهمية للتعرف على أقرب وأفضل طرق الهروب والتأكد من صلاحيتها وخلوها من العوائق. ويجب الاهتمام بوضع البرامج التوعوية والعلامات الإرشادية الظاهرة والمناسبة لتعريف قاطني الأبراج بطرق الهروب والتعامل مع المخاطر بمختلف أنواعها.

وأوضح الدكتور "العمري" أن الزلازل وما ينجم عنها من إزهاق للأرواح وهدم لمقومات الحياة بصورة آنية -قد لا تتجاوز ثوانٍ معدودة- لاسيما في المجتمعات المعاصرة التي تداخلت فيها مقومات الحياة بصورة معقدة، أدى إلى تطوير العديد من الحلول الهندسية لتقليل الآثار التي قد تسببها هذه الهزات الأرضية. ومع أن أي حل هندسي للتقليل من آثار الزلازل يعتمد على: إمكانية تحديد وقت وقوع الزلزال؛ وتصميم المنشآت وتنفيذها بدون إغفال القوى الناجمة عن الهزات الأرضية، فإن خيار التصميم الهندسي المناسب لمقاومة الزلازل يبقى هو الحل الوحيد ويتمثل في اعتماد مواصفات البناء الهندسي الذي يحقق شرطين أساسيين هما:

1- تفادي انهيار المباني حتى عند وقوع زلزال شديد وبالتالي تفادي وقوع نسبة عالية من الوفيات.

2ـ القبول بمبدأ السماح بالأضرار الإنشائية التي يمكن إصلاحها بتكلفة تقل بكثير عن التكلفة اللازمة للبناء الإنشائي الذي لا يسمح بأي ضرر عند وقوع زلزال شديد.

وأكد الدكتور "العمري" أن تأثير الزلازل على المنشآت المرتفعة يعتمد على مستوى النشاط وقوته، فالموجات الاهتزازية خلال سريانها من مصدرها في قاع البحر تتعرض لعدد من العوامل التي تعمل على اضمحلالها، مثل بعدها عن الساحل، وتأثير مياه البحر عليها، ووجود رواسب ملحية على امتداد المناطق الساحلية تعمل على امتصاص الموجات الاهتزازية. فتصل ضعيفة لا يحس بها الإنسان، ومع ذلك فقد تشكل هذه الموجات خطراً لو أن الهزات كانت قوية أو تسببت في انزلاق على أحد الصدوع المستعرضة التي تنتشر في البحر الاحمر باتجاه شمال شرق- جنوب غرب.

إضافة إلى أن تأثير الزلازل على أي منشأ خرساني يتلخص في أنها تؤثر على هذا المنشأ بقوى أفقية متغيرة القيمة تبعا لموقع المنشأ وقربه أو بعده من المناطق الساحلية أو من مراكز وبؤر مناطق الزلازل الرئيسية. وهذه القوى الأفقية تتعارض في مفهومها عن اتزان المنشأ عن نظيراتها من القوى الرأسية التي اعتاد المهندسون تصميم المنشأ على أساس مفعولها فقط وإهمال القوى الأفقية والتصميم على أساس هذه القوى.

وأضاف: قد تحدث الانهيارات المفاجئة نتيجة عدم الدراسة الوافية للتربة، ونتيجة جهل المصمم لما تحت الأرض، فهناك وسائل مختصة بدراسة تربة الموقع قبل التنفيذ وتحديد مقاومة التربة. تتوقف مقاومة المنشآت على حساب القوى المؤثرة فيها، وبالتالي يجب أن يكون المهندس واعياً لمشكلات المنطقة من جميع النواحي، نوع التربة والتضاريس، المناخ، الزلازل، ومتوسط تواجدها ومعدلاتها.. الخ، مؤكداً على أن أفضل التصميمات للأبراج العالية هي التي تعطى للبرج وزن أقل ومتانة ومرونة في آن واحد.

واختتم الدكتور "العمري" حديثه بالإشارة إلى أن تم في المملكة العربية السعودية تنفيذ خرائط التقسيم الزلزالي والتي وأدرجت ضمن كود البناء السعودي، حيث تم عمل هذه الخرائط على أحدث طريقة مستخدمة ومعتمدة في برنامج تخطيط الزلازل الأمريكي. مؤكداً أن الأبراج الشاهقة في المملكة أو ناطحات السحاب تحكمها قوى الرياح، أو مشاكل في التربة ليس لها علاقة بالزلازل، فالأبراج الشاهقة تجبر المهندس على أن يأخذ في اعتباره الأحمال المتعددة؛ وهي الحمل الذاتي للمبنى، والحمل السكاني أو ما يسمى (الحمل الحي)، وحمل الرياح، وأحمال أخرى من ضغط مياه، وأحمال الزلازل كلها توضع ضمن برنامج محدد، ومن ثم يرى المهندس المصمم أيهما يؤثر أكثر ويصمم البرج وفقا لذلك، ومن المتوقع أن تكون هناك مشاكل في التربة تسبب تضخيم القوى الزلزالية حتى لو كانت التربة قوية، والسجل التاريخي يؤكد أن معظم المناطق الساحلية على البحر الأحمر عرضة للزلازل. كما يجب أن تراعي المشاريع الكبيرة أو المباني العالية بمدينة جدة، خرائط التأثير الموقعي للزلازل، أو "التقسيم الزلزالي الدقيق" الذي يدرس تأثير التربة على المبنى؛ بسبب الزلازل، وهل يحدث تميع أو يحدث انهيارات أو تضخيم للتربة، وتعد هذه الأشياء في الدول المتقدمة المفتاح الرئيسي لما يسمى التخطيط الرئيسي.

وقد وقعت على المنطقة الشرقية هزات أرضية أثارت مخاوف السكان؛ ففي عام 2013 تعرضت عدد من مدن المنطقة الشرقية لهزة أرضية خفيفة شعر بها السكان، مما أدى إلى حدث خوف وهلع وإغماءات للنساء والأطفال، كما شعر بالهزة سكان البحرين وقطر، وذلك إثر الزلزال الذي ضرب إيران بقوة 6.3 على مقياس ريختر.

وفي عام 2016 سجلت جنوب محافظة الهفوف بالإحساء هزة أرضية بلغت قوتها 3.3 على مقياس يختر، وذكرت مصادر مطلعة أن الهزة ضربت منطقة صحراوية تبعد 82 كم جنوب الهفوف، في حين قالت تلك المصادر إن الهزة الأرضية جاءت خفيفة، موضحة أن تلك الهزة على عمق 2كم. هذا ولم تًسجل أي خسائر بشرية أو مادية. ولله الحمد.

وفي منتصف شهر أكتوبر الماضي عام 2020 وقع انهيار أرضي لسقف أحد مواقف السيارات التابعة لإحدى الأبراج بمحافظة الخبر، وتم إنقاذ حالتين ونقلهما للمستشفى، فيما شاركت ست فرق ومعدات ثقيلة ومركبات تدخل، وتم إعداد موقع للمفرزة الطبية.

صحيفة سبق اﻹلكترونية