أخبار عاجلة

الأردنيون يحتفلون بالعيد الرابع والسبعين لاستقلال المملكة غداً

الأردنيون يحتفلون بالعيد الرابع والسبعين لاستقلال المملكة غداً الأردنيون يحتفلون بالعيد الرابع والسبعين لاستقلال المملكة غداً

جى بي سي نيوز :- يحتفل الأردنيون غداً الاثنين، الخامس والعشرين من شهر أيار، بالذكرى الرابعة والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، يحدوهم الأمل نحو مستقبل أفضل، متسلحين بالعزم والإرادة تجاه وطنهم وأمتّهم، وصون مكتسبات الاستقلال والنهوض بالوطن ومؤسساته، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني.
وفي هذا اليوم الوطني، يستذكر الأردنيون صور التضحية والوفاء والانتماء للوطن الغالي، التي سطّرها الآباء والأجداد بمنجزات أعلت شأن الأردن ورسّخت من مكانته الإقليمية والعالمية بشتى المجالات.
وتأتي هذه المناسبة العزيزة على قلوب الأردنيين، في ظل ظروف استثنائية وطارئة، عصفت بالعالم أجمع منذ بدايات العام الحالي، حيث واجهت مختلف دول العالم جائحة " المستجد"، والذي عجزت الإمكانات الطبية الحديثة عن الحد من انتشاره وإيقاف مسلسل الإصابات، في حين أظهرت المملكة كفاءة وتميزاً في اتخاذ الإجراءات الوقائية الاحترازية لمواجهة خطر تفشي هذا الفيروس، كما أثبتت المنظومة الرسمية الأردنية بقيادة جلالة الملك، عبر تعاملها السريع مع الأوضاع الصحية المستجدة، مكنتها من تحصين المجتمع وضمان سلامة أفراده، من خلال سلسلة قرارات وإجراءات وتدابير اتخذتها بتوجيهات ملكية للحد من تفشي هذا الفيروس ومواجهة انتشاره.
فاليوم، ورغم الظرف الاستثنائي الذي يمر به وطننا الغالي جراء هذه الجائحة، إلا أن المواطن الأردني قد تصدّر جميع الأولويات الوطنية، لتجنيبه الإصابة بهذا الوباء العالمي والحفاظ على صحته وسلامته، وهو ما أكده جلالة الملك منذ بدايات الأزمة بقوله "ما عندي أهم من سلامة المواطن الأردني".
وفي الذكرى الرابعة والسبعين للاستقلال، تسطع صفحات مشرقة من المجد والسعي لحياة فضلى، كما تفتح هذه الذكرى الخالدة خلود الوطن سفر البذل والعطاء، لتقرأ في صفحته الأولى ملحمة الكفاح والنضال، مدركين أن الاستقلال مشروع إرادة وحرية قاده الهاشميون وحولهم شعبهم الوفي، للنهوض الشامل والسيادة المطلقة على امتداد خارطة الوطن.
وتأتي هذه المناسبة العزيزة على قلوب الأردنيين جميعاً، وهم يواصلون مسيرة البناء والعطاء والريادة والإبداع، والإصرار على الإنجاز والبقاء نموذجاً للدولة الحضارية والعصرية، التي تستمد قوتها من تعاضد أبناء شعبها وثوابته الوطنية، والمبادئ والقيم الراسخة التي حملتها رسالة الثورة العربية الكبرى، التي كان الأردن وما يزال وسيبقى وريثها السياسي وحامل مبادئها، متطلعين للمستقبل بتفاؤل وعزيمة لتحقيق التقدم والازدهار بقيادة جلالة الملك، ومتحملين مسؤولياتهم تجاه وطنهم بعزم واقتدار.
وعلى مدى 74 عاماً، استند الأردن إلى قواعد راسخة في الإصلاح والعدالة والعيش المشترك وقبول الآخر والتكاتف والعمل والعطاء، لتحقيق التنمية الشاملة والعيش الكريم لأبنائه، كما أرسى المغفور بإذن الله، الملك عبدالله الأول المؤسس قواعد إنشاء دولة المؤسسات، أسندها المغفور له بإذن الله الملك طلال بن عبدالله بدستور حضاري، ورفع بنيانها وزاد من شأنها باني الأردن الحديث، المغفور له بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراهم.
وفي يوم الاستقلال، لا زالت ذاكرة الوطن تحتفظ بتاريخ هذا اليوم، الذي التأم فيه المجلس التشريعي الأردني في 25 أيار من العام 1946، وتُلي فيه قراره التاريخي بإعلان استقلال المملكة بما يلي: "وبمقتضى اختصاص المجلس الدستوري، تقرر بالإجماع إعلان البلاد الأردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية، والبيعة بالمُلك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية عبدالله بن الحسين المعظم، بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الأردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية"، لتبقى هذه اللحظات عالقة في ذاكرة التاريخ، كمحطات فخر واعتزاز لا تمحو الأيام عبيرها، وستبقى في الوجدان أنشودة وطن يتغنى بها المخلصون من أبنائه وبناته.

كما ألقى، المغفور له بإذن الله، جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين خطاباً في صباح ذلك اليوم، قال فيه "وإننا في مواجهة أعباء ملكنا وتعاليم شرعنا وميراث أسلافنا لمثابرون على خدمة شعبنا والتمكين لبلادنا والتعاون مع إخواننا ملوك العرب ورؤسائهم لخير العرب جميعاً ومجد الإنسانية كلها"، كما صادق المغفور له بإذن الله على قرار إعلان الاستقلال، مصدّراً أول إرادة ملكية سامية، موشحة بالعبارة التالية: "متكلاً على الله تعالى أوافق على هذا القرار شاكراً لشعبي واثقاً بحكومتي".
وعمّت المملكة في ذلك اليوم احتفالات رسمية وشعبية، وألقى المغفور له جلالة الملك المؤسس في الاستعراض العسكري الذي جرى في مطار ماركا وسمي فيما بعد قاعدة الملك عبدالله الأول كلمة قال فيها "جيشنا الباسل يسرنا أن نرى في مجالك عزة الوطن والقدرة القومية في الدفاع عن الحوزة وصيانة الحق، وأن تكون تحيتك لنا رمزاً لطاعة الجندي وفنائه المطلق في خدمة العلم والوطن والقيادة".
وبدأت قصة الاستقلال في مطلع عشرينيات القرن الماضي، بقدوم الأمير العربي الهاشمي عبدالله بن الحسين، حين التفَّ حوله الأردنيون لتكون البداية المؤزرة في بناء الدولة الأردنية الحديثة، وخلال الفترة الممتدة من عام 1923- 1946 نهضوا بمسؤولياتهم نحو تحقيق الاستقلال التام بثقة وإيمان عميق بالمستقبل ليتم وضع أول قانون أساسي للبلاد في 16 نيسان 1928، والتي تناولت فصوله السبعة؛ حقوق وواجبات الشعب والتشريع والقضاء والإدارة ونفاذ القوانين والأحكام، لتجري أول انتخابات تشريعية، تبعها افتتاح الدورة الأولى للمجلس التشريعي الأول المنعقد في شرق الأردن في 2 تشرين الثاني 1929.
وشهدت ثلاثينيات القرن الماضي تأكيدا لنهج الديمقراطية والحرية، التي رافقت بدايات تأسيس الدولة الأردنية، من خلال انعقاد مؤتمرات وطنية تمسكت بحق الأردنيين في التخلص من الاستعمار الأجنبي وبناء الدولة بسواعد رجالاتها.
ووقعت آنذاك سلسلة معاهدات بين إنجلترا وشرق الأردن، آخرها المعاهدة البريطانية - الأردنية في 22 آذار 1946، والتي أنهت الانتداب البريطاني ونصّت على الاعتراف بالأردن دولة مستقلة ذات سيادة والأمير عبدالله ملكاً عليها، لتلعب المملكة بعدها أدواراً متقدمة وبارزة على مختلف المستويات العربية والدولية، وتتبوأ مكانة مميزة على الخارطة العالمية بعد أن وظّفت استقلالها في الدفاع عن قضايا أمتيّها العربية والإسلامية.
ولم تغب القضية الفلسطينية بصفتها قضية الأردن الأولى وأولويتها الرئيسية عن فكر الهاشميين، بل كانت وما زالت حاضرة في جهودهم وأولوياتهم، حيث طافوا بها مختلف المحافل الدولية، ووضعوها على جدول الاهتمام الدولي، فبعيد إعلان الاستقلال بأيام وفي مؤتمر قمة "انشاص" بمصر، أعلن ملوك ورؤساء الدول العربية وفي مقدمتهم جلالة الملك المؤسس أن القضية الفلسطينية تهم سائر العرب وليس الفلسطينيين وحدهم.
وأنجز الأردن دستورا جديداً للدولة، والذي صادق عليه المجلس التشريعي في 28 تشرين الثاني 1946، وفي 4 آذار 1947 تم تشكيل أول حكومة في عهد الاستقلال، وجرت في 20 تشرين الأول 1947 أول انتخابات برلمانية على أساس الدستور الجديد. وفي حرب النكبة عام 1948، سطر الجيش العربي المصطفوي أروع بطولات التضحية والفداء في الدفاع عن فلسطين والقدس وقدم مئات الشهداء على أرضها.

وفي كانون الثاني 1948 وافق مجلس الأمة على قرارات مؤتمر "أريحا" الذي نادى بالوحدة الأردنية الفلسطينية، وتشكّل المجلس النيابي الأول بعد الوحدة في نيسان 1950، ثم تشكلت أول وزارة موحدة للضفتين برئاسة سعيد المفتي، وصادق الملك المؤسس على قرار الوحدة الصادر عن المجلس بتاريخ 24 نيسان من العام ذاته.
وبقي الملك المؤسس يذود عن حمى الأمة العربية حتى اللحظات الأخيرة من حياته إلى أن أقدمت يد غادرة على اغتياله على عتبات المسجد الأقصى في القدس واستشهد، طيب الله ثراه، يوم الجمعة في 20 تموز 1951 لينضم إلى قافلة الشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل مبادئهم وقيمهم وثوابتهم العربية النبيلة الأصيلة.
واعتلى جلالة الملك طلال، عرش المملكة في العام 1951 وحتى 1952، وكان أول ضابط عربي يتخرج من كلية ساند هيرست البريطانية، إذ تحققت في حقبته إنجازات تعزز الاستقلال ودعائم المجتمع القائم على الحرية المسؤولة أمام القانون، حيث تم إصدار الدستور الأردني في 8 كانون الثاني 1952، كأول دستور وحدوي عربي، حيث نصّ على إعلان ارتباط الأردن عضوياً بالأمة العربية، وتجسيد الفكر القومي للثورة العربية الكبرى، ملبياً آمال وتطلعات الشعب الأردني وانسجاما مع وحدة الضفتين في العام 1950، وتنامي الشعور الوطني والوعي القومي في الوطن العربي.
كما اتخذت المملكة بعهده قراراً يقضي بجعل التعليم إلزامياً ومجانياً، فكان له الأثر الكبير في النهضة التعليمية فيما بعد، وتمّ في عهده إبرام اتفاقية الضمان الجماعي العربي، وتأليف مجلس الدفاع المشترك، وأنشئ في عهده ديوان المحاسبة.
وفي عهد المغفور له، بإذن الله، الملك الحسين بن طلال، كانت هنالك العديد من المحطات المهمة والحاسمة في تاريخ الأردن الحديث، إذ اتخذ الملك الحسين قراراً تاريخياً في العام 1956 بتعريب قيادة الجيش العربي، وعزل الجنرال كلوب بعد أن تكوّنت قناعة أكيدة لجلالته بأن بقاء قائد إنجليزي للجيش العربي سيحدّ من دور الضباط العرب ويؤثر على الاستراتيجية الدفاعية للبلاد، وقد كانت ثقة الحسين - طيب الله ثراه - كبيرة في قدرة الأردنيين على تحمّل المزيد من المسؤوليات، وتمكينهم من تدبير وإدارة شؤون بلادهم بأنفسهم، ولا سيما في واحدة من المؤسسات العريقة التي أثبتت وطنيتها وقدرتها وتفوقها على مدار سنوات تأسيس وتطور الدولة الأردنية، ليتبع ذلك إلغاء المعاهدة البريطانية الأردنية عام 1957.
وخلال الفترة بين 1961 وقبيل حرب حزيران 1967، وبعد أن تجاوز الأردن فترة بالغة من الأحداث، بدأ الاقتصاد الأردني يشق طريقه ضمن خطط تنموية مدروسة، حيث رأت النور صناعات كان لها الأثر في تأمين العمل لعشرات الآلاف من العمال، كما ظهر جيل جديد من رجال الأعمال والتجار وأصحاب المهن الحرة، إضافة إلى وضع حجر الأساس للجامعة الأردنية، وإنشاء مصفاة البترول في الزرقاء عام 1961، وإنشاء قناة الغور الشرقية عام 1966 بموازاة نهر الأردن بطول 65 كيلومتراً، فيما ضاعف ميناء العقبة من شحناته الصادرة والواردة، فضلاً عن تطور قطاع النقل الجوي والسياحة.
وبعد حرب 1967 أدّت الجهود الدبلوماسية الأردنية بقيادة الملك الحسين بن طلال، إلى استصدار القرار الأممي رقم 242 في تشرين الثاني من العام 1967، واشتمل على معادلة انسحاب شامل مقابل سلام شامل والاعتراف بحق الجميع في العيش بسلام في المنطقة.

وفي العام 1968 سجّل الجيش العربي الأردني أروع البطولات وأسمى معاني الفداء والذود عن حمى الوطن، إذ تمكّن هذا الجيش المصطفوي الذي لم يكن قد استعاد قوته بعد هزيمة عام 1967، من إلحاق أول هزيمة بالجيش الإسرائيلي في معركة الكرامة الخالدة، والتي رفض الملك الحسين وقف إطلاق النار فيها حتى انسحاب آخر جندي إسرائيلي من الأراضي الأردنية.
وفي العام 1988، اتخذ الأردن قراراً بفك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية، بناء على توصيات القمة العربية في الرباط، لتكون منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، وفي الوقت ذاته استمر الأردن بواجباته القومية استناداً إلى ثوابته ورؤى قيادته الهاشمية، خاصة في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية التي تسكن الوجدان الهاشمي.
وشهد العام 1989 أول انتخابات نيابية بعد قرار فك الارتباط، واستؤنفت المسيرة الديمقراطية، وفي العام 1991 قام الملك الحسين بدور جوهري في انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، وفي توفير مظلة تمكّن الفلسطينيين من التفاوض حول مستقبلهم كجزء من وفد أردني - فلسطيني مشترك، ووقع الأردن معاهدة سلام مع "إسرائيل" في العام 1994، تضمنت الاعتراف بدور الأردن في محادثات المرحلة النهائية بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" خاصة فيما يتعلق بالقدس واللاجئين والنازحين والعلاقة المستقبلية بين الأردن والدولة الفلسطينية، كما عززت موقف الجانب الفلسطيني في تفاوضه مع "إسرائيل" لاستعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967.
وكان السابع من شباط 1999، يوم حزن وأمل عند الأردنيين، الذين أسموه بيوم الوفاء والبيعة، الوفاء للملك الحسين باني الأردن الحديث، والبيعة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وريث العرش الهاشمي ومعزز الإنجاز وحامي حمى الأردن العظيم، لتبدأ مرحلة جديدة من مواصلة البناء والعطاء والإنجاز، وتحقيق التنمية بمفهومها الشمولي والمستدام سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
وتسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية، في السابع من شهر شباط عام 1999، حيث تولى جلالته مسؤولياته تجاه شعبه، الذي اعتبره عائلته، موائماً بين حماسة وحيوية الشباب المتكئ على العلم والثقافة والحداثة، وبين الحكمة والأصالة التي صقلتها الخبرات العلمية والعملية، إلى جانب تركيز جلالته على ضرورة العمل بترسيخ سيادة القانون وإدارة شؤون الوطن في مناخ من العدالة والنزاهة والشفافية، ومواكبة مختلف متطلبات العصر التي تفرض إطلاق طاقات الأردنيين وتمكينهم من أدوات العلم والمعرفة والتأهيل والتدريب.
كما شكلّ رفع مستوى معيشة المواطن، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة له، أبرز اهتمامات جلالة الملك وجوهر أولوياته منذ تسلمه سلطاته الدستورية، فقد انطلقت مسيرة الإصلاح بخطوات متسارعة عبر توسيع قاعدة المشاركة الشعبية وإشراك المواطنين في صنع القرار، من خلال إقرار حزمة من القوانين والتشريعات الإصلاحية، فضلاً عن توجيه جلالته الحكومات المتعاقبة لحماية الفئات الأقل دخلاً والطبقة الوسطى، أثناء تطبيق الإصلاحات المالية، والتخفيف من معاناة المواطنين في مختلف الظروف، إلى جانب التوجيهات المستمرة من جلالته للحكومة، لضمان توفير حياة ومستقبل أفضل للأردنيين.
ويؤمن جلالة الملك بأن ثروة الأردن الحقيقية هي المواطن، وأنه العامل الرئيسي في عملية التنمية والتقدم، وهو هدفها ومحورها، كما يؤكد جلالته ضرورة الاستثمار في المواطن من خلال تطوير التعليم في مختلف مراحله ومستوياته، ووضع البرامج والاستراتيجيات الهادفة، لتزويده بالمعرفة والمهارة والخبرة للدخول إلى سوق العمل.

جي بي سي نيوز