مباشر - أحمد شوقي: تتجه الأرجنتين إلى حالة تخلف عن سداد الديون مجدداً هذا الشهر مع دخول الدولة فترة حرجة من المحادثات الحاسمة مع الدائنين الدوليين.
وقدمت حكومة الأرجنتين اقتراحاً بإعادة هيكلة 65 مليار دولار من ديونها الخارجية الشهر الماضي، لكن رفضت مجموعة من مديري الأصول الرئيسيين العرض الذي ينتهي اليوم الجمعة.
ليس هذا فحسب، بل من المقرر أن تنتهي فترة سماح لنحو 500 مليون دولار من مدفوعات الفوائد على ثلاثة سندات أجنبية في 22 مايو/آيار الجاري.
وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق ولم يتم الدفع، فقد يؤدي ذلك إلى انزلاق الأرجنتين إلى حالة التخلف عن السداد للمرة الثالثة في عقدين، بحسب شبكة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية.
ويأتي ذلك بعد ما يقرب من 5 أشهر من انطلاق عهد إدارة الرئيس ألبرتو فرنانديز، كما أن الأرجنتين التي تعاني بالفعل من ركود دام عامين ومعدلات تضخم عالية للغاية وأزمة ديون متصاعدة، كان آخر ما تنتظره أن تخضع للإغلاق الوطني منذ 20 مارس/آذار الماضي للتصدي لفيروس كورونا.
كيف وصلت الأرجنتين إلى هذه الحالة؟
في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال وزير الاقتصاد مارتن جوزمان لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إن البلاد مستعدة للنظر في التخلف عن سداد 65 مليار دولار من الديون الخارجية ما لم يوافق المستثمرون على المفاوضات الأخيرة.
وأشار إلى فيروس كورونا كسبب لعدم قدرة الأرجنتين على دفع مستوى غير مسبوق من الديون.
بينما قالت "جيمينا بلانكو" رئيسة قسم أمريكا اللاتينية في "فيريسك مابليسروفت" لشبكة "سي.إن.بي.سي": "كما كان مرجحاً، نتوقع أن تفضل الأرجنتين التخلف عن السداد والذي يمكن إلقاء اللوم فيه على الركود الراجع لفيروس كورونا".
وأوضحت "بلانكو" أنها تعتقد أن التخلف عن السداد الجديد أصبح الآن "مسألة وقت" فيما توقعت شركة استشارات المخاطر السياسية احتمالية 89 بالمائة أن تسجل الدولة حالة التخلف عن السداد التاسعة في تاريخها قبل نهاية العام.
وتابعت بلانكو: "بالنسبة لنا، هذا يؤكد الاستراتيجية السياسية للحكومة، نحن نرى أنها تمهيد للطريق للحصول على رد سياسي عندما تدخل في حالة التخلف عن السداد".
وقال "بلانكو": " الحكومة مستمرة في التفاوض مع حملة السندات، لكن نشر الوثائق التي كان من المفترض أن تكون سرية الآن يقوض أي ثقة كان يمكن أن تكون موجودة - كانت مستويات الثقة منخفضة بالفعل".
ويوم الثلاثاء الماضي، ظهر منشور على موقع وزارة الاقتصاد على الإنترنت يوضح بعض التفاصيل حول المحادثات مع الدائنين التي يعود تاريخها إلى ديسمبر/كانون الأول 2019.
وأضافت: "إذا حطمت الثقة فما الذي تبقى لديك للتفاوض؟".
تخلف آخر عن السداد سيجعل من الصعب "إعادة بناء الثقة"
كما أن الأرجنتين مدينة بمبلغ كبير لصندوق النقد الدولي الذي دعم مفاوضات الديون في البلاد، لكن وزير الاقتصاد الأرجنتيني قال لوكالة "رويترز" في وقت سابق هذا الأسبوع إن البلاد تخلفت عن سداد دين بقيمة 2.1 دولار لنادي باريس.
وطلبت الأرجنتين تأجيل الدفع لمدة عام واحد، والذي كان واجباً في 5 مايو/آيار، على الرغم من أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت المجموعة قد وافقت أم لا.
ونادي باريس هو مجموعة غير رسمية من 19 عضوًا يجتمعون كل شهر في العاصمة الفرنسية في محاولة لإيجاد حلول عملية لمشاكل الدفع التي تواجهها الدول المدينة.
في عام 2001، تخلفت الأرجنتين عن سداد حوالي 100 مليار دولار من الديون، وتسبب ذلك في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ البلاد وأسفرت عن سقوط ملايين المواطنين من الطبقة المتوسطة في براثن الفقر - ونتيجة لذلك يلقي الكثيرون في الأرجنتين باللوم على السياسات المالية التي فرضها صندوق النقد في ذلك الوقت.
وتحاول الإدارة الحالية تنسيق عمل متوازن حيث تعهدت برفض الموافقة على نوع التخفيضات في الموازنة التي يصر عليها صندوق النقد عادة للبلدان المتضررة من الأزمات، ولكن فقدت الأمل أيضًا لإعادة هيكلة الالتزامات مع أكبر دائن له.
وقالت "كارلا سلمان" كبيرة المحللين في أمريكا اللاتينية لدى "ماركت" للأبحاث: "نعتقد أن هناك خطرًا كبيرًا بحدوث تعثر مؤقت على الأقل عن سداد الديون، حتى إذا كانت المفاوضات مع الدائنين مستمرة".
وقالت سلمان: "تقول الحكومة أنها تعرض ما يمكنها دفعه بالفعل، مشددة على أن ديونها لا يمكن تحملها وأنها ببساطة لا تستطيع الدفع في السنوات القادمة، ولهذا السبب يطلبون تعليق الديون"، محذرةً من أن تخلفًا آخر عن السداد من الصعب على الدولة إعادة بناء الثقة بين الدائنين الدوليين.
أزمة فيروس كورونا
فرضت الأرجنتين تدابير صارمة في محاولة لإبطاء انتشار فيروس كورونا.
وشهدت البلاد تسجيل عدد أقل بكثير من الحالات والوفيات من البرازيل المجاورة، التي شهد رئيسها جاير بولسونارو انتقادات من مختلف الأطياف السياسية لتجاهلها بشكل متكرر لتهديد الفيروس.
حتى الآن، سجلت الأرجنتين 5208 حالة إصابة بفيروس كورونا، مع 273 حالة وفاة، وفقًا للبيانات التي جمعتها جامعة "جونز هوبكنز".
وفي الوقت نفسه، أبلغت البرازيل عن 126.611 ألف حالة إصابة و 8588 حالة وفاة نتيجة للفيروس.
ويتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الناتج المحلي الإجمالي للأرجنتين بنسبة 5.7 بالمائة هذا العام، قبل أن يسجل نموًا بنسبة 4.4 بالمائة في عام 2021.
مباشر (اقتصاد)