مباشر - سالي إسماعيل: بينما كان الكثيرون يستقبلون العام الجديد بأحلام وطموحات جديدة جاء فيروس "كورونا" ليضرب بهذه الأحلام عرض الحائط كونه يهدد بإهدار ملايين الوظائف وفقدان ملايين الأجور.
ومع اشتداد أزمة كورونا في أنحاء متفرقة من العالم، اضطرت العديد من الدول فرض حالة من الإغلاق الجزئي نتيجة تسارع تفشي الفيروس، كما توقفت حركة العمل جراء تدابير المكافحة المتبعة.
ويوماً بعد يوم، تتزايد مطالب اتخاذ تدابير منسقة وعاجلة من أجل دعم القطاعات والأفراد الأشد تضرراً من الكورونا إلا أن هناك حقيقة واحدة وهي "انتشار وباء كوفيد-19 قد يزيد من أعداد العاطلين عن العمل في كافة أنحاء العالم".
ويوجد حالياً حوالي 355 ألف مصاب بالكورونا عالمياً كما أن هناك أكثر من 15 ألف متوفي في نحو 167 دولة حول العالم، بحسب بيانات جامعة "جونز هوبكينز".
ومن المتوقع أن يفقد العالم نحو 24.7 مليون وظيفة في العام الحالي في أسوأ السيناريوهات وحوالي 5.3 مليون وظيفة في أفضل الاحتمالات، وفقاً لتقرير حديث صادر عن منظمة العمل العالمية.
ويتوقع أن يكون أصحاب الأجور المرتفعة هم الأكثر تضرراً بخسارة 14.6 مليون وظيفة في في أسوأ الاحتمالات يليهم أصحاب الأجور فوق المتوسطة بفقدان نحو 7.4 مليون وظيفة ثم أصحاب الأجور المنخفضة بتقلص نحو 2.8 مليون وظيفة.
ويمكن أن يعني ذلك تجاوز الوضع الذي حدث في أعقاب الأزمة المالية العالمية عندما فقد سوق العمل نحو 22 مليون وظيفة.
ويعني كذلك تراجع معدلات التوظيف خسائر كبيرة في الدخل بالنسبة للعمال، حيث تقدر دراسة منظمة العمل الدولية أن تؤدي الوظائف المفقودة إلى أجور مهدرة بما يتراوح بين 860 مليار دولار إلى 3.4 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2020.
وتشير هذه الأجور المفقودة إلى هبوط في استهلاك السلع والخدمات، وهو الأمر الذي يضر بدوره التوقعات المستقبلية بالنسبة للشركات والاقتصادات، بحسب الدراسة ذاتها.
وبفعل الضغوط على الدخل نتيجة انخفاض النشاط الاقتصادي، يحتمل أن يزداد أعداد الفقراء العاملين بشكل كبير يقدر بين 8.8 مليون إلى 35 ملايين شخص إضافي من العاملين تحت خط الفقر.
وترى كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي "جيتا جوبيناث" خلال مدونة نشرت على موقع الصندوق أن توصيتها الأساسية تتمثل في وضع السيولة النقدية بشكل مباشر في أيدي الأسر والشركات لمواجهة الأثر الاقتصادي الناجم عن التفشي السريع للكورونا.
وكتبت: "بالنسبة للعمال الذين تم تسريحهم فيمكن لإعانات البطالة أن تدعمهم بشكل مؤقت من خلال تمديد مدتها أو زيادة تلك الإعانات أو تخفيف شروط المؤهلين للحصول على هذه الإعانة".
وعلى الصعيد الآخر، تُجبر شركات على تقليص العمالة وسط توقعات بعدم تسجيل أرباح في المدى القريب، وكان أبرزهم الشركة المالكة للعلامة التجارية "زارا" التي أفادت تقارير بأنها تبحث خفض 25 ألف وظيفة.
وبالفعل بدأت الآثار السلبية للكورونا تتجلى بوضوح، حيث أبلغ عدد من الشركات الأمريكية عن عمليات تسريح عمالة وسط تضرر أعمالهم، كما تشير بيانات وزارة العمل في الولايات المتحدة.
وشهد عدد الأشخاص الذين تقدموا للحصول على إعانة البطالة الأمريكية في الأسبوع الثاني من مارس/آذار 281 ألف شخص بزيادة 33 بالمائة على أساس أسبوعي.
وبحسب بيانات رسمية، قفز عدد طلبات إعانة البطالة الأمريكية إلى مستوى قياسي بعدما تقدم أكثر من 3 ملايين شخص للحصول على إعانة بطالة وسط تسريح العمال إثر ضغوط الكورونا على الشركات، وهو ما يفوق التوقعات التي كانت تشير إلى 2.25 مليون طلب في الأسبوع الثالث من مارس/آذار.
ويشير مسح أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" لنحو 34 اقتصادياً إلى أن فقدان ما يصل إلى 5 ملايين وظيفة هذا العام في الولايات المتحدة أحد التداعيات المحتملة جراء تفشي الكورونا، كما سيؤدي إلى تقلص الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنحو 1.5 تريليون دولار.
في حين أن وكالة التصنيف "موديز أنالايتكس" تعتقد أن حوالي 80 مليون وظيفة في الولايات المتحدة من المحتمل أن يكونوا عرضة للخطر المعتدل أو المرتفع، وهو ما يمثل تقريباً نصف الوظائف في الاقتصاد بشكل عام البالغ عددهم 153 مليون وظيفة.
وقال كبير الاقتصاديين في الوكالة "مارك زاندي" إنه من المحتمل أن يرى ما يصل إلى 10 ملايين من هؤلاء العمال بعض التأثير على رواتبهم، إما من خلال تسريح العمال أو الإجازات أو تخفيض عدد ساعات العمل أو تقليص الأجور.
ويوجد 27 مليون وظيفة عرضة لمخاطر عالية بسبب الفيروس بشكل أساسي في النقل والسفر والترفيه والضيافة وخدمات المساعدة المؤقتة وحفر واستخراج النفط، بينما تواجه 52 مليون وظيفة أخرى "مخاطر معتدلة" في مجالات مثل البيع بالتجزئة والتصنيع والبناء والتعليم.
ويُنادي الجميع بضرورة بذل جهود حثيثة للحد من الخسائر في الوظائف والدخل، كما يقول بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال بيان إعلانه شراء كميات غير محدودة من الأصول لدعم الأسواق.
ويحتمل أن يشهد الاقتصاد الأمريكي فقدان حوالي 3 ملايين وظيفة بحلول شهر يونيو/حزيران طبقاً لحسابات "جولدمان ساكس"، فيما تشير تقديرات "دويتشه بنك" و"جي.بي.مورجان" إلى خفض 7.5 مليون وظيفة بحلول الصيف المقبل، بحسب دراسة أجراها معهد السياسة الاقتصادية.
وإذا كان هذا هو الوضع في الاقتصاد الأكبر حول العالم، فكيف سيكون الحال داخل بقية الاقتصادات مع حقيقة أن البعض مكبل بالديون.
وتتكرر المأساة في كندا، حيث تلقت الحكومة 500 ألف طلب للحصول على إعانات بطالة في الأسبوع الماضي مقارنة مع 27 ألف طلب في الأسبوع نفسه من عام 2019.