مباشر - أحمد شوقي: فائض الإنتاج وتباطؤ الطلب وضعف الأسعار: هذا يلخص سوق الغاز الطبيعي في الوقت الحالي أفضل مما يعبر عن سوق النفط.
لسوء الحظ، مع تفشي فيروس كورونا في الصين وتسارعه عالمياً، فقد تصبح الأمور المتعلقة بالغاز الطبيعي أسوأ قبل أن تتحسن، بحسب رؤية تحليلية للكاتبة "إرينا سلاف" لموقع "أويل برايس".
ورعم معاناة النفط، فهو على الأقل لديه منظمة أوبك الساعية لمحاولة موازنة الأمور، لكن الغاز ليس كذلك مما يجعله في وضع غير مؤاتٍ.
معاناة أسعار الغاز
يعتبر فائض المعروض العالمي من الغاز الطبيعي ليس أمراُ جديداُ، فمزيج من الغاز الطبيعي المسال الجديد والطاقة الإنتاجية لخطوط الأنابيب والشتاء الأكثر اعتدالًا في بعض أنحاء العالم كافياً لإدخال السوق في فائض بالمعروض يستمر حتى الآن.
وفضلاً عن ذلك كان الطلب يزداد سوءًا بفضل انتشار الفيروس الذي أصبح وباءً، ونتيجة لذلك، تنخفض أسعار الغاز في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة.
وفي أوروبا، تراجع سعر الغاز الطبيعي بنحو 27 بالمائة منذ بداية العام الجاري بعد خسائر تقارب 50 بالمائة في العام المنصرم، بينما في الولايات المتحدة، تقل أسعار العقود الآجلة للغاز (مؤشر هنري هوب) عن دولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
ويرى "ريتشارد سولتانيان" رئيس مجموعة الاستشارات في مجال الطاقة "أن.يو.إس" أن الأسعار في الولايات المتحدة قد تضعف أكثر لمستوى يتراوح بين 1.50 إلى 1.60 دولار لعقود التسليم في الشهر المقبل، قبل أن تبدأ في التحسن في وقت لاحق من العام.
ماذا يمكن أن يدعم أسعار الغاز؟
أوروبا مليئة بالغاز إلى أقصى حد وكذلك آسيا، كما توقعت إدارة معلومات الطاقة أن تصل مخزونات الغاز في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي في وقت لاحق من هذا العام عند 1.935 تريليون قدم مكعب، أي بزيادة 12 بالمائة عن متوسط الخمس سنوات.
ولا يُظهر الإنتاج أي علامات على التباطؤ، في الغالب لأن الكثير من الغاز المنتج في الولايات المتحدة يرتبط بالغاز من آبار النفط الصخري.
كما يبدو أنه لا توجد وسيلة تدعم صعود الأسعار، وهذا يعني المزيد من الألم لبعض منتجي الغاز، وخاصة شركات التنقيب التي تركز على الولايات المتحدة.
ويقول تقرير لمزود بيانات الطاقة "روكيس آند باكين ان فوكس" أن العديد من المنتجين النشطين في المنطقتين الصخريين لديهم أسعار إنتاج أعلى بكثير من أسعار المؤشرات، بعضها أعلى من 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وهذه قد تكون أمور تدفع تجاه وقوع حالات إفلاس ما لم تتغير الأمور بسرعة، وسط مشاكل متعلقة بنقص وسائل النقل والتخزين.
وتظل أزمة النقل كما هى على الرغم من أن الإغاثة تأتي من خلال خط أنابيب بريمان السريع الذي تم إنهاء بناؤه في وقت سابق من هذا الشهر، وسينقل خط الأنابيب 2 مليار قدم مكعب من الغاز يوميًا إلى منطقة هيوستن، ومع ذلك لن يغير إشباع الطلب على الغاز في الولايات المتحدة.
وبحسب أحد المحللين في "بلومبرج"، فإن العالم بحاجة إلى المزيد من قدرة توليد الطاقة التي تعمل بالغاز من أجل تعافي أسعار الغاز.
كما يقول "كامبل فولكنر" كبير محللي البيانات لدى "إن.يو.إس" في وقت سابق من هذا الشهر: "تتقارب الأسعار على مستوى العالم، وإلى أن يكون هناك كمية كبيرة من توليد الطاقة يتم بناؤها محليًا وفي الخارج، ليس هناك مساحة كبيرة لاستيعاب الغاز في السوق".
ومع ذلك، يمكن أن يرتفع الطلب قريباً على الأقل في بعض أنحاء العالم وخاصة الولايات المتحدة، وفقًا لـ"سولتانيان".
كما يتوقع أن يؤدي زيادة استهلاك الكهرباء خلال موسم الصيف إلى توفير بعض المساعدة لأسعار الغاز في الولايات المتحدة وكذلك صادرات الغاز إلى المكسيك التي تعد واحدة من أكبر المشترين للغاز الأمريكي.
ومع تزايد الطلب مع زيادة عدد سكانها، ستظل المكسيك بمثابة منفذ أساسي لفائض الغاز الأمريكي بسبب نقص الإنتاج المحلي.
ومن المتوقع أن ترتفع صادرات الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة أيضًا هذا العام، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، على الرغم من ملاحظة أن القدرة الأمريكية لتصدير الغاز الطبيعي المسال سوف تستمر في خدمة الطلب العالمي المتزايد عليه، خاصة في الأسواق الآسيوية الناشئة طالما ظلت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة قادرة على المنافسة.
والقدرة التنافسية هي اسم اللعبة في الغاز الطبيعي المسال، حيث تشعر جميع الدول المنتجة الرئيسية بالألم الناجم عن وباء الفيروس، حيث يقول "سولتانيان" إن الذين يتعاملون كثيراً في تجارة الطاقة مع الصين سوف يشعرون بألم أعمق من أولئك الذين أقل اعتماداً على الصادرات الصينية.
وبحسب رؤية إدارة معلومات الطاقة الأمريكية سيبقي الغاز الطبيعي المسال الأمريكي قادراً على المنافسة حتى عام 2030، ومع ذلك، فإن المشترين من أوروبا يرفضون بالفعل الشحنات وهذا يشير إلى واقع مختلف في الوقت الحالي.
ويخطط منتجو الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة لإتاحة المزيد من طاقة التسييل للغاز هذا العام، ولا يمكن أن تكون عمليات إلغاء الشحن جيدة لهذه الخطط، ومع ذلك ورغم أن مشهد الغاز سيئ الآن، هناك أمل وهذا الأمل يأتي من أسعار النفط.
ويوضح "سولتانيان" أن "كوفيد 19" يتسبب في انخفاض سريع في أسعار النفط ، الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلى انخفاض إنتاج الولايات المتحدة من الخام في العام الجاري مقارنة بالتوقعات السابقة، وبالتالي الحد من إنتاج الغاز الطبيعي المرتبط به.
كما ترى شركة "إن.يو.إس" أن سوق الغاز سوف يعود إلى التوازن في منتصف عام 2021 بسبب تأثير الفيروس على أنماط العرض والطلب العالمية.
وبدون "كورونا"، كان من الممكن أن يٌعاد توازن السوق بحلول نهاية هذا العام أو بداية عام 2021 على أبعد تقدير، وهذا يعني أن صغار المنتجين الأمريكيين العرضة للتأرجح في الأسعار سوف يتحملون فصل أو اثنين آخرين من الألم.
ومن المحتمل أن يخرج اللاعبون الكبار، لا سيما الشركات المدعومة من الدولة مثل الشركات القطرية والروسية، وكذلك الشركات الكبري من أزمة الغاز الجديدة سالمين.
لكن قد نشهد حالات إفلاس في شركات منطقة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة ما لم يشهد الصيف الحار تحسناً كبيراً في الطلب على الغاز لتوليد الطاقة.