تحليل.. التاريخ يحذرنا من التفاؤل بحالات التعافي المؤقت للأسواق
مباشر - سالي إسماعيل: أسواق الأسهم تحب التعافي، ولقد تعافت بالفعل يوم الثلاثاء الماضي، بعد "الإثنين الأسود" الذي عاشته غالبية أنواع الأصول بفعل ثنائية الكورونا وحرب النفط.
وما حدث في عام 2020 ليس بأمر فريد، كون هذا المشهد تكرر في عام 1929 وفي عام 1987 وحتى في عام 2008، ليوضح الكاتب "جون أوثرز" خلال رؤية تحليلية نشرها موقع "بلومبرج أوبينيون" أن القاع في سوق الأسهم لن يتم الوصول إليه ما لم يفقد المستثمرين كل أمل.
وارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لآجل 10 سنوات، إلى 0.803 بالمائة، بعدما سجل مستوى قياسي متدني في وقت مبكر من يوم الإثنين الماضي عند 0.314 بالمائة.
وتعتبر هذه بمثابة أكبر تقلبات تشهدها سوق السندات منذ الأزمة المالية في 2008 و2009.
وسجلت الأسهم الأمريكية يوم الثلاثاء أفضل أداء يومي منذ عام 2018 بعدما ارتفعت البورصات الأوروبية بنحو 4.3 بالمائة قبل أن تتخلى عن صعودها وتنهي التداولات داخل النطاق الأحمر.
من الطبيعي أن نأمل انتهاء هذا الهبوط في الأسواق، لكن ليس من الحكمة الرهان على هذا الوضع، حيث إن تركيبة الأسواق تكمن في أن الانهيارات الكبيرة والمفاجئة يتبعها حالات كبيرة من التعافي.
ويشير التاريخ إلى أن الأسهم ستكون بحاجة إلى التكيف لفترة أطول بكثير قبل أن تصل إلى حالة من الاستقرار.
وقام "كريس واتلينج" من "لونج فيو إيكونوميكس" في لندن بإنشاء رسم بياني يشمل مقارنة موجات البيع الأخيرة في الولايات المتحدة مع أحدث حالات الهبوط، في يوليو/تموز 2011 (مدفوعاً بمعضلة سقف الديون في الولايات المتحدة) وأوائل عام 2018 (عندما تنهار التداولات التي تعتمد على تقلبات منخفضة).
ولا يحتوي هذا المخطط على التعافي الذي حدث في الأسواق يوم الثلاثاء، لكنه سيدفعنا إلى التكهن بذلك.
ويجب كذلك أن نتوقع ألا ترتفع أسعار الأسهم عن أدنى مستوياتها المسجلة يوم الإثنين في غضون شهر واحد.
أحدث الموجات البيعية الرئيسية في الأسهم الأمريكية - (المصدر: لونج فيو إيكونوميكس)
لكن ماذا عن حالات الانهيار الحادة للأسواق تاريخياً، في عامي 1929 و2008 (والتي أدت إلى الدخول في الأسواق الهابطة) أو عام 1987؟
نحتاج لمعرفة الكثير قبل أن نعلم ما إذا كانت هذه الواقعة ستتحول إلى "سوق الدببة"، ولكن ما حدث حتى الآن يتماشى مع تلك الانهيارات التاريخية.
الموجات البيعية للأسهم الأمريكية في أعوام 1929 و1987 و2008 - (المصدر: لونج فيو إيكونوميكس)
وكانت هناك حالات كبيرة من التعافي حول هذه النقطة من عمليات الهبوط خلال اضطرابات أكتوبر/تشرين الأول لعام 1929 وعام 1987 وعام 2008، لذا فإن الصعود المسجل يوم الثلاثاء لم يخبرنا شيئاً حتى الآن.
ومن المرجح أنه مع الهبوط الحاد الذي شهدته أسواق الأسهم يوم الإثنين لم نصل بعد إلى القاع بالنظر إلى الجوانب الفنية للسوق.
وبعيداً عن ذلك، أريد التأكيد على أن المعنويات خاطئة تماماً، حيث إنه في حالات انخفاضات السوق لم تعد الناس خائفة أو يتساءلون ما إذا كان هذا هو الوقت المناسب للتعافي لكنهم بدلاً من ذلك يسألون إلى أيّ مدى يمكن أن يصبح الوضع أسوأ.
وكدليل، دعونا نستعيد القاع الأكبر للسوق والذي حدث في مارس/آذار عام 2009، وتحل حالياً الذكرى السنوية لليوم الذي بدأت فيه أسواق الأسهم حالة التعافي الكبيرة، بعد أن وصلت إلى أقصى تراجع ممكن يوم الإثنين، 9 مارس/آذار.
وتكمن النقطة الرئيسية في أن المعنويات قبل 11 عاماً لم تكن مثل الشعور الذي سيطر على الأسواق يوم الثلاثاء.
وكان الشعور بالإحباط يسيطر على الناس كما أنهم تخلوا عن الأمل، حتى أن الأنباء الإيجابية مثل السلع التي تشهد مكاسب وارتفاع أسعار الأسهم في الأسواق الناشئة بفعل بدء نجاح التحفيز المالي للصين في النجاح، تم تجاهلها.
ونحن لسنا قريبين حالياً من التخلي عن الأمل بهذه الطريقة المريعة.
وتقوم الرابطة الأمريكية للمستثمرين الأفراد بإجراء استطلاعات رأي أسبوعية لأعضائها، وتسألهم ما إذا كانوا متفائلين أم متشائمين.
وعندما يتفوق "الدببة" على "الثيران" بأعداد كبيرة، فقد حان الوقت للبيع.
وجاء أكبر اتجاه هبوطي في تاريخ الاستطلاع قبل أدنى نقطة مسجلة في عام 2009 مباشرة، في حين أن اليوم يتساوي عدد المتشائمين والمتفائلين تقريباً.
ولا يشبه هذا الوضع الهبوط الذي لا نهاية له، عندما يؤدي الخوف إلى حالة عدم الاهتمام المطلوبة من أجل الوصول للسوق الهابط.
المعنويات الصعودية والهبوطية - (المصدر: وكالة بلومبرج)
ومن أجل توضيح أن مارس/آذار عام 2009 لم يكن عبارة عن حدث لمرة واحدة، دعونا نتبع تحركات مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" خلال السنوات الخمس التالية مقارنة مع الخمسة أعوام التالية لقفزتين بارزتين في تشاؤم السوق خلال مارس/آذار عام 2003 (أثناء غزة العراق) وفي أبريل/نيسان 2013.
وتُعد المشاعر السلبية للغاية بمثابة مؤشر جيد للشراء (استراتيجية الشراء عند الهبوط)، لكننا لم نصل إلى هذا المستوى بعد.
الأسواق بعد فقدان الأمل - (المصدر: وكالة بلومبرج)
تحذير أخير: عدم اليقين والتقلبات في سوق النفط عند مستويات غير مسبوقة، حيث إن مؤشر "أو.في.آي.إكس"، وهو في الأساس مؤشر "في.آي.إكس" لسوق النفط، والذي يرتفع مع زيادة حالة عدم اليقين بشأن مستويات الأسعار للعقود المستقبلية، قد لامس أعلى مستوى له منذ تدشينه في عام 2007.
وحتى تهدأ الأمور، لا ينبغي أن يفترض أحد أن سوق الأسهم، أو أيّ سوق آخر، قد وصل إلى القاع.