مباشر- أحمد شوقي: كان تحالف "أوبك+" يدرك أنه يجب مفاجأة الأسواق، وهذا ما فعله بالفعل.
لكن المفاجأة تمثلت في فشل التوصل إلى اتفاق، بدلاً من حفض إضافي لإنتاج النفط يتجاوز ما كانت تتوقعه الأسواق.
ومع هذه التطورات، يتوقع "وارن باتيرسون" في رؤية تحليلية عبر البنك الاستثماري "أي.إن.جي" تراجع متوسط سعر خام برنت القياسي إلى 30 دولاراً للبرميل في الربع الثاني من 2020
روسيا والاحتفاظ بحصة السوق
كانت خطوة محفوفة بالمخاطر ومغامرة لم تؤتي ثمارها أن تعلن أوبك في نهاية اجتماعها يوم الخميس الماضي موافقة المجموعة على توصية بتخفيض إضافي لإنتاج تحالف أوبك والحلفاء من خارجها بمقدار 1.5 مليون برميل يوميًا حتى نهاية عام 2020، مع تمديد التخفيضات الحالية البالغة 2.1 مليون برميل يوميًا حتى نهاية العام.
وحدث هذا الإعلان رغم عدم التأكد من أن روسيا توافق على هذه التدابير كلها.
وكانت نتيجة الاجتماع الأوسع يوم الجمعة واضحة إلى حد كبير وهي "لا صفقة"، حيث لم تكن روسيا على استعداد لأي خفض إضافي في الإنتاج، وابتداءً من 1 أبريل/نيسان الماضي سيكون للأعضاء حرية ضخ ما يريدون من النفط في السوق.
وأغلق سعر خام برنت على انخفاض بنسبة 10 بالمائة تقريبًا يوم الجمعة الماضي، ( وكانت أسعار النفط تهاوت بنحو 24.6 بالمائة في جلسة الإثنين مسجلةً أسوأ أداء يومي منذ 1991) وبالنظر إلى حجم الفائض الذي على وشك الوصول إلى السوق، لا يزال هناك مساحة إضافية لمزيد من الهبوط في الأسعار.
بالنسبة لروسيا، كان التخلي عن حصتها في السوق للولايات المتحدة هو العامل الرئيسي وراء عدم إجراء تخفيضات أعمق.
ويمكن لروسيا أن تتعامل مع هبوط أسعار النفط أفضل من بعض أعضاء أوبك، كما يمتلك الروس سعر التعادل المالي أقل من 50 دولارًا للبرميل (الحد الأدنى لسعر النفط الذي يتماشى مع الإنفاق المتوقع في الموازنة العامة)، بينما تحتاج السعودية إلى حوالي 80 دولارًا للبرميل.
لكن من الواضح أن الجانب السلبي المتوقع للأسعار سيكون مصدر قلق متزايد لروسيا، خاصة إذا رأينا فترة طويلة من ضعف الأسعار.
المزيد من الفائض
ومن المتوقع تراجع متوسط سعر خام برنت إلى 33 دولاراً للبرميل في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة مع تقديرات سابقة عند 56 دولاراً للبرميل.
وبالنظر إلى الفائض المتوقع وجوده في سوق النفط، لن تكون مفاجأة أن نشهد تراجع سعر الخام القياسي إلى أدنى مستوياته منذ 2016.
لكن في النصف الثاني من العام الحالي قد يصل متوسط سعر خام "برنت" إلى 43 دولاراً للبرميل.
ورغم أن انخفاض الأسعار من المحتمل أن يؤثر على الإنتاج خاصة في الولايات المتحدة، فإنه هذا من غير المرجح أن يظهر أثره في السوق إلا في وقت لاحق من العام الجاري وحتى عام 2021.
وعلاوة على ذلك، فإن تراكم المخزون خلال النصف الأول من عام 2020 سيعني على الأرجح ارتفاعًا محدودًا فقط للأسعار في النصف الثاني من العام.
والافتراض الرئيسي للتوقعات هنا هو أن "أوبك +" لن تقوم بتغيير كبير أو توافق على مزيد من التخفيضات للإنتاج.
ويخاطر نهاية الاتفاق بين أوبك والحلفاء بإعادة 2.1 مليون برميل يومياً إلى السوق، كما قد نشهد عودة إنتاج ليبيا إلى طبيعته في الأشهر المقبلة ما يعني مليون زيادة المعروض في السوق بمقدار مليون برميل يومياً.
وقد يأتي المعروض الإضافي البالغ 3.1 مليون برميل يومياً في وقت سيكون فيه فائض كبير في السوق خلال الربع الثاني من عام 2020.
وبينما تظل صورة الطلب غير مؤكدة، من الواضح أنها هشة بسبب فيروس كورونا.
وفي الواقع، هناك توقعات متزايدة بحدوث انكماشًا في الطلب هذا العام، بدلاً من مجرد تباطؤ في نمو الاستهلاك مع انتشار "كوفيد 19".
ولكن في الوقت الحالي، ما زلنا نرى نموًا متواضعًا في الاستهلاك على مدار العام.
دع حرب الأسعار تبدأ
يعني الفشل في التوصل إلى اتفاق أننا سنرى حرب أسعار بين المنتجين، وقد كان رد فعل السعودية سريعًا حيث قامت بالفعل بتخفيض سعر البيع الرسمي لشحناتها النفطية لشهر أبريل/نيسان.
وهبط سعر البيع الرسمي إلى آسيا 6 دولارات للبرميل، بخصم قدره 3.10 دولار للبرميل مقارنة بخام برنت، بينما انخفض سعر الشحنات السعودية لأوروبا 8 دولارات للبرميل بخصم 10.25 دولار عن المؤشر، وهي مستويات لم نشهدها منذ 2002 على الأقل.
هل ستكون تخفيضات البيع الحادة التي أجرتها السعودية كافية لجعل روسيا تعيد النظر في موقفها؟ فقط الوقت كفيل بإلإجابة على هذا التساؤل.
ومن المعروف أن هدف روسيا هو الضغط على صناعة النفط الأمريكية، وعلى الرغم من أن هذا قد ينجح على المدى المتوسط، إلا أنه من غير المؤكد ما سيكون عليه التأثير على المدى الطويل.
وفي المرة الأخيرة التي جربت أوبك فيها هذه الخطة ارتدت صناعة النفط في الولايات المتحدة أقوى وأكثر كفاءة من قبل.
كانت التوقعات السابقة لاجتماع "أوبك +" أن المعروض النفطي الأمريكي سينمو بمقدار 960 ألف برميل يومياً هذا العام و 350 ألف برميل يومياً فقط في عام 2021.
ولكن والأسعار الأضعف للنفط في الفترة المقبلة قد تعني مزيد من الهبوط في هذه التوقعات.