أخبار عاجلة

"جاك النيوترون".. كيف تبني شركة عملاقة بتسريح الفاشلين؟

مباشر - سالي إسماعيل: "أحبه المستثمرين، لكن كان يخشاه الموظفون".. هكذا تتلخص الحياة العملية للرئيس السابق لشركة جنرال إليكتريك "جاك ويلش"، الذي وافته المنية في الأسبوع الماضي.

وتوفي "جاك ويلش"، نجل اثنين من المهاجرين الإيرلنديين، في منزله يوم الإثنين 2 مارس/آذار 2020 عن عمر يناهز 84 عاماً، إثر مشاكل صحية، بحسب ما أكدته زوجته "سوزي ويلش".

وفي بيان لتكتل الصناعة الأمريكي، اعتبرت "جنرال إليكتريك" يوم رحيل "ويلش" عن الحياة بمثابة يوم حزين، حيث قال الرئيس الحالي للمجموعة "هنري لورانس": "اليوم عبارة عن يوم حزين لكل عائلة جنرال إليكتريك، لقد قام بإعادة تشكيل شركتنا وعالم الأعمال".

وبعد ساعات من وفاته، قام الرئيس الأمريكي بكتابة كلمات عزاء على حسابه الشخصي في تويتر، قائلاً: "توفي الرئيس والرئيس التنفيذي السابق لشركة جنرال إليكتريك الأسطورة، لم يكن هناك قائداً مثل جاك النيوترون".

لكن وفاته أعادت إلى الأذهان الكثير من أعماله التي عززت مكانة جنرال إليكتريك في الفترة من 1981 وحتى عام 2001 عندما شغل منصب الرئيس والرئيس التنفيذي للشركة.

ونجح جاك ويلش، الذي لقب بـ"مدير القرن"، في تحويل جنرال إليكتريك إلى العملاق الصناعي الأكثر قيمة في الولايات المتحدة، رغم أنه نشأ في ظروف أسرية سيئة.

وينبع حب المستثمرين لـ"جاك ويلش" من كونه ترأس زيادة حادة في القيمة السوقية لجنرال إليكتريك، حيث رفع القيمة السوقية للشركة الأمريكية من 12 مليار دولار إلى 410 مليار دولار.

كما قاد قفزة بنحو 3000 بالمائة تقريباً في قيمة سهم الشركة خلال فترة توليه رئاسة الشركة البالغة عقدين من الزمن، مع حقيقة أنه عزز إيرادات الشركة 5 أمثال إلى 130 مليار دولار.

واكتسب "ويلش" لقب "مدير القرن" من مجلة فورتشن الأمريكية في عام 1999؛ نتيجة إلى نجاحه في زيادة القيمة السوقية لجنرال إليكتريك.

وأصبحت جنرال إليكتريك في عهده أكبر شركة من حيث القيمة السوقية في العالم حينذاك، عندما كانت قيمتها تتجاوز 500 مليار دولار في عام 1999.

لكن على الجانب الآخر، كان الموظفون يخشون "ويلش" الذي لُقب بـ"جاك النيوترون" كونه اشتهر بالخفض عديم الرحمة في الوظائف داخل جنرال إليكتريك.

وأطلق عليه "جاك النيوترون" نسبة إلى القنبلة النيوترونية، نتيجة قيامه بخفض آلاف الوظائف في الشركة، حيث كان من أنصار التخلص من العمالة الضعيفة.

وقال "ويلش"، الذي لاقت كتاباته حول القيادة وأسلوب الإدارة رواجاً قوياً، في أحد كتبه: "بشكل عام، يجب أن يرحل أصحاب الأداء الضعيف".

وفي حركة أصبحت عادة منتظمة، كان يقلص "جاك ويلش" الوظائف بشكل سنوي، حيث يقوم بتسريح 10 بالمائة من العمالة الأقل أداءً.

لكن في المقابل، فإن "ويلش" كان مشجعاً رئيسياً للعمال الأفضل أداءً، حيث قال: "وظيفتي الرئيسية هي تطوير المواهب، لقد كنت بستاني أوفر المياه وغيرها من الأمور المطلوبة إلى أفضل 750 شخصاً في شركتي، وبالطبع، كان عليّ أن أسحب بعض الأعشاب الضارة كذلك".

ومن بين مقولاته الشهيرة كذلك: "لا يمكن لأي شركة، صغيرة كانت أم كبيرة، تحقيق النجاح على المدى الطويل بدون موظفين نشطين يؤمنون بالوظيفة ويفهموا كيفية تحقيقها".

وفي تعليقات صارمة ذكرها "ويلش" خلال مقابلة مع "إندستري ويك" عام 1994، قال: "يمكن للقائد الناجح أن يصدم المنظمة ويقود تعافيها، أما القائد الفاشل سيصدم المنظمة ويشلها"، مؤكداً أن المنظمات بحاجة إلى التجديد باستمرار.

وخلال العشرين عاماً التي تولى فيها "ويلش" رئاسة جنرال إليكتريك، قام "ويلش" بشراء وبيع العديد من الشركات، ليوسع نطاق جنرال إليكتريك في الخدمات المالية والاستشارات.

وعلى مدار خمس سنوات في فترة الثمانينيات، باع "ويلش"، الذي اشتهر بشعار كفاءة العمل المتمثل في "المعالجة أو الإغلاق أو البيع"، أكثر من 200 وحدة أعمال وأغلق عشرات المصانع.

وفي ظل عهد ويلش قامت جنرال إليكتريك بإنفاق أكثر من 25 مليار دولار على عمليات الاستحواذ، كما تطلعت الشركة إلى السوق في الخارج كذلك؛ مما عزز المبيعات الأجنبية بأكثر من 50 بالمائة.

وبالنظر إلى بدايات ويلش، الذي ولد عام 1935 في ولاية ماساتشوستس، فإنه نشأ في أسرة بسيطة، حيث كان والده يعمل سائق قطار كما أن والدته كانت "ربة منزل"، لكن هذه الظروف لم تردعه عن تحقيق أحلامه.

ورغم أن "جاك ويلش"، الذي كان ينتظر عودة والده في محطة القطار، اشترك في فريق البيسبول والهوكي وكرة القدم في المدرسة الثانوية، لكنه كان يعمل خلال عطلة الصيف كرجل تسليم للصحف وبائع أحذية.

وقضى "ويلش" كامل حياته المهنية في شركة جنرال إليكتريك، حيث التحق بها كمهندس كيميائي في قسم المواد البلاستيكية في ولاية ماساتشوستس.

وأصبح بعد ذلك أصغر نائب رئيس للشركة في عام 1972، ثم نائب رئيس مجلس الإدارة في عام 1979.

وبحلول نهاية عام 1980، تم إعلان تولي "جاك ويلش" منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للشركة، وهو المنصب الذي شغله لمدة 20 عاماً قبل تقاعده في عام 2001.

ويأتي تولي "ويلش" منصب رئيس مجلس إدارة ورئيس تنفيذي للشركة في عامه الـ45 خلفاً لـ"ريجينالد جونز"، وعلى الرغم من أن جنرال إليكتريك كانت تحقق أرباحاً في ذلك الوقت لكنه كانت بحاجة كي تكون مرنة أكثر.

وقام "ويلش" بتصنيف أقسام جنرال إلى قسمين الأول الرابحين، وهي الجهات التي تحقق أداءً قوياً، أما الآخر فكان الخاسرين، وهو القسم الذي كان معظمهم من الوحدات الأقدم التي كان يجب تحسين أدائها أو اتخاذ قرار التخلص منها.

وبعدما تنحى "ويلش" من منصبه في جنرال إليكتريك، وهو القرار الذي جاء قبل الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر بأربعة أيام، أصبح مستشاراً تجارياً ومعلقاً إعلامياً لحوالي عقد من الزمن.

وتلقى تكتل جنرال إليكتريك ضربة قوية مع الأزمة المالية العالمية في عام 2008، لتتحول من تحقيق الأرباح تحت قيادة "ويلش" إلى وحدات محفوفة بالمخاطر والتي تركت ندبات عميقة تؤثر على الشركة اليوم.

ومن بين التعليقات المثيرة للجدل، قال ويلش في تغريدة عام 2012 إن الأمريكية برئاسة باراك أوباما كانت تتلاعب بالبيانات الاقتصادية، وهو إدعاء اعترف لاحقاً بأنه مثيراً للفتنة نوعاً ما.

مباشر (اقتصاد)