أخبار عاجلة

تحليل.. الاقتصاد الأمريكي ينتظر عاماً صعباً وتهديدات متزايدة

مباشر- أحمد شوقي: استسلمت البداية القوية للاقتصاد الأمريكي في عام 2019 إلى مخاوف الركود، لكن هدوء المخاوف التجارية وتخفيض معدلات الفائدة ساهما في عودة الثقة مرة أخرى.

وفيما يتعلق بعام 2020، يرى "جيمس كينيتلي" عبر رؤية تحليلية للبنك الاستثماري "أي.إن.جي" أنه سيشهد قلقاً متزايداً جراء التوترات الجيوسياسية التي امتدت إلى الشرق الأوسط، والسياسة الداخلية المحفوفة بالمخاطر.

ومع حقيقة وجود فرصة محدودة للتحفيز النقدي، فإن البنك الاستثماري يرى أن المخاطر على النمو الاقتصادي تميل إلى الجانب الهبوطي خلال العام الحالي.

2019 ينتهي على ارتفاع

إذا نظرنا إلى بداية عام 2019، توقع "إي.إن.جي" نمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 2.3 بالمائة، وهو ما تحقق مع نهاية العام بالفعل، وإن كان تطلب ذلك قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أكثر من المتوقع لمعدلات الفائدة.

وكانت التوترات التجارية موضوعًا رئيسيًا في عام 2019 حيث أدت التدابير الحمائية إلى رفع التكاليف وإلحاق الضرر بسلاسل التوريد وربحية الشركات، بينما أدى ضعف الطلب العالمي وارتفاع الدولار إلى تفاقم الأزمات.

وخلال فصل الصيف، كان هناك مخاوف حقيقية من الركود مع انعكاس منحنى عائد سندات الخزانة الأمريكية وعمليات البيع في سوق الأسهم.

ومع ذلك، فإن مزيج خفض الفائدة الأمريكية 25 نقطة خلال 3 مرات متتالية وإعلان الرئيس دونالد المرحلة الأولى من الصفقة التجارية مع الصين كانت كافية لتحسين الثقة مجدداً.

وأنهى مؤشر "ستاندرد آند بورز" للأسهم الأمريكية العام الماضي بارتفاع يقارب 30 بالمائة، بينما تراجع العائد على سندات الخزانة لآجل 10 سنوات بنحو90 نقطة أساس.

178597746c.jpg

2020: الصراع السياسي

لم يبدأ عام 2020 بحالة وردية، حيث اتخذت التوترات مع الشرق الأوسط منعطفاً دراماتيكياً نحو الأسوأ بعد اغتيال القائد العسكري الإيراني "قاسم سليماني"، وبينما يبدو أن الأعمال العدائية قد هدأت إلى حد ما، فإن معنويات السوق لا تزال ضعيفة.

فضلاً عن ذلك، فإن السياسة الداخلية الأمريكية لا تزال أيضاً مصدراً لعدم اليقين، والمناقشات حول قواعد المساءلة ترامب تعطل إجراءات العزل، مع خطر متزايد بعدم التوصل إلى قرار حتى مارس/آذار المقبل.

وقد يكون لهذا آثار على اختيار المرشح الديموقراطي للرئاسة بالنظر إلى أن السناتور "بيرني ساندرز" و"إليزابيث وارين" من الجناح الأكثر شعبية في الحزب سيتم ربطهما في إجراءات المساءلة في مجلس الشيوخ بدلاً من المشاركة في الحملة الانتخابية، بينما يخاطر "جو بايدن" المرشح الحالي بسبب علاقات ابنه بأوكرانيا، وهو السبب في مساءلة ترامب، علاوة على ذلك، قد يُطلب من "بايدن" الإدلاء بشهادته.

ونظرًا لكون مؤتمري الحزب في ولايتي "إيوا" و"نيو هامشير" من المقرر عقدهما في 3 و 11 فبراير/شباط على التوالي، فإنه من المحتمل أن يفتح الباب أمام الديمقراطيين الوسطيين مثل "بيت بوتجيج" و"مايكل بلومبرج".

في نهاية المطاف، تعني الحزبية المستقطبة في الكونجرس الحالي أن ترامب، بعد أن تم التصويت بعزله من قبل مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون سيتم تبرئته من قبل مجلس الشيوخ لصعوبة إدانته التي تحتاج إلى المجموعة الديمقراطية بأكملها وكل النواب المستقلين و20 سيناتور جمهوري سيحتاجون للتصويت ضد الرئيس  الأمريكي.

ومع ذلك، لا يزال من الممكن أن يضر ترامب، خاصة إذا ظهرت المزيد من التوضيحات والأدلة ضده، لذا فإن أفضل ما يمكننا قوله هو أن نتائج انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني لا تزال غير مؤكدة إلى حد كبير.

ومع أن نطاق الآثار الاقتصادية والتنظيمية المحتملة من المرشحين المختلفين واسع، فيمكن أن يكون هذا بمثابة عامل يحافظ على الشركات حذرة ومترددة في وضع أموال للاستثمارات بطريقة مفيدة هذا العام.

1d8ec91ecb.jpg

إيجابيات وسلبيات

والأكثر إيجابية، أنه تم توقيع المرحلة الأولى من اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والصين في منتصف الشهر الجاري، مع آمال أن يضع هذا حداً لتصاعد حرب التعريفات الجمركية خلال العامين الماضيين.

ومع ذلك، لا توجد إشارة تذكر على أن هذه الأخبار الإيجابية تغذي التحسن في قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة حتى الآن.

وبقيت استطلاعات التصنيع في الولايات الأمريكية ضعيفة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وسجل مؤشر مديري المشتريات الصناعي على المستوى الوطني مستويات منخفضة جديدة، بقيادة الضعف في الطلبيات الجديدة.

كما تستمر طلبيات السلع المعمرة والشحنات في التباطؤ، مما يشير إلى استمرار ضعف الإنفاق الاستثماري.

كما أن الضغط على أرباح الشركات، وعدم اليقين السياسي بسبب الانتخابات الرئاسية المقبلة، والارتفاع الأخير في التوترات الجيوسياسية يقلل من فرص حدوث انتعاش كبير في هذا المكون الرئيسي من الناتج المحلي الإجمالي (القطاع الصناعي).

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون لوقف إنتاج طراز "737 ماكس" من بوينج آثار كبيرة على إجمالي الناتج المحلي للربع الأول، من خلال عدم زيادة المخزونات بوتيرة أسرع - لم تكن هناك تسليمات لهذا الطراز في الأشهر الأخيرة، ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى فقدان الوظائف لدى الموردين (هناك أكثر من 600 شركة تشارك في الإنتاج).

وفي وقت لاحق من عام 2020، وعلى افتراض أنه سيتم السماح ببيع "737 ماكس" في نهاية المطاف، ينبغي أن يؤدي ذلك إلى زيادة الصادرات والاستثمارات مع انخفاض المخزون.

ومع ذلك، لا يزال سوق العمل قوياً وهو ما يجب أن يدعم الإنفاق الاستهلاكي، بينما يبدو سوق الإسكان مصدرًا جيدًا للنمو في عام 2020 حيث أن معدلات الرهن العقاري أقل بكثير من مستوياتها قبل 12 شهرًا، وأدى ذلك لزيادة الطلب مع ارتفاع ثقة بناة المنازل لمستويات قياسية.

وهذا يبشر بالخير بالنسبة للاستثمار السكني (العقارات لأغراض السكن) وهو سبب رئيسي لرفع توقعاتنا للناتج المحلي الإجمالي لعام 2020 إلى 1.7 بالمائة.

464d340bc2.jpg

 

الاحتياطي الفيدرالي "ثابت اليد"

إن التأثير المتوازن لخفض لمعدل الفائدة للاحتياطي الفيدرالي واتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والصين يعني أن النمو الاقتصادي يبدو متيناً، مع وجود احتمال ضئيل على المدى القريب لركود الاقتصاد.

ومع اقتراح الاحتياطي الفيدرالي بأنه يحتاج إلى رؤية تغيير جوهري في الآفاق المستقبلية للنظر في تحريك في السياسة النقدية، فإن احتمالية خفض معدل الفائدة على المدى القريب تبدو ضئيلة.

وإذا تراجعت المخاطر التجارية والجيوسياسية، فمن المحتمل أن  لا نرى أي تغيير لمعدل الفائدة خلال 2020.

لسوء الحظ، فإن السياسة تبدو ذات أثر سلبي بالنظر إلى تحقيقات مساءلة ترامب واحتمال معركة انتخابات رئاسية وحشية.

كما أن هناك الشعور أيضًا بأن ترامب قد يحاول كسب شعبية سياسية من خلال مواجهة خارجية مع دول أخرى، في إطار سعيه لإعادة انتخابه.

وفي هذا الصدد، لا تزال التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تشكل تهديدًا لعام 2020 بالنظر إلى الموضوع الطويل المتمثل في تعريفات السيارات وعدم قبول واشنطن لقيام بعض دول أوروبا بفرض ضرائب على إيرادات شركة التكنولوجيا الأمريكية.

الخطأ في توخي الحذر

مع بقاء النمو العالمي ضعيفًا، يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي يتردد في توفير المزيد من الدعم بتخفيضات في معدل الفائدة، واحتمال ضئيل لأي دعم مالي إضافي، ما زلنا نخطئ في توخي الحذر عندما يتعلق الأمر بالنمو.

من المحتمل أيضًا أن يظل التضخم تحت السيطرة، حيث لا يزال تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي يسجل 1.6 بالمائة فقط على أساس سنوي، ونمو الأجور بنسبة 3 بالمائة، وتشير جامعة "ميشيجان" إلى أن توقعات المستهلكين للتضخم في غضون خمس سنوات وصلت لمستوى تاريخي جديد في الشهر الماضي.

لذلك، في حين أن التوقعات لأداء الاقتصاد الأمريكي تبدو أفضل مما كنا نظن قبل بضعة أشهر فقط، فإن نظل حذرين مع توقعات أن يكون الأداء أقل من توقعات الأسواق بشكل طفيف.

مباشر (اقتصاد)