ماذا بعد تصويت مجلس النواب بعزل ترامب من منصبه؟
مباشر - سالي إسماعيل: أثار تصويت مجلس النواب الأمريكي لصالح مساءلة وعزل دونالد ترامب من منصبه، تساؤلات جمة حول مدى إمكانية إزالة رئيس الولايات المتحدة رقم 45 من منصبه.
لكن الواقع يؤكد أنه لا يوجد رئيس واحد في تاريخ الولايات المتحدة البالغ 243 عاماً تعرض للعزل من منصبه عبر تحقيقات المساءلة.
إذن؛ ماذا يحدث؟، وماذا يعني قرار مجلس النواب؟، وماذا عن قرار مجلس الشيوخ؟، وهل هناك رئيساً آخر مر بالظروف نفسها؟، وما هي ردود الأفعال؟
ماذا يحدث؟
تسببت مكالمة بين الرئيس الأمريكي ونظيره الأوكراني المنتخب حديثاً "فولوديمير زيلينسكي" في اتهامات من جانب الحزب الديمقراطي باستغلال الأول لمنصبه تحقيقاً لمصالح شخصية.
واتهم ترامب بأنه مارس ضغوطاً على الرئيس الأوكراني من أجل فتح تحقيقات تتعلق بنجل المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية المقبلة "جو بايدن".
ورغم أن الرئيس سمح بالكشف عن تفاصيل المكالمة المثيرة للجدل والتي جرت يوم 25 يوليو/تموز الماضي، لكن رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي قررت بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي البدء رسمياً في تحقيقات المساءلة.
واستمرت التحقيقات من جانب الديمقراطيين منذ ذلك الحين، في خطوة تمهيدية للعزل، قبل أن تنتهي إلى طرح المسألة للتصويت في جلسة مجلس النواب يوم الأربعاء، والتي دامت لنحو 8 ساعات.
ماذا عن قرار مجلس النواب؟
صوت مجلس النواب بأغلبية لصالح قرار عزل ترامب من منصبه؛ بناءً على تحقيقات المساءلة التي استمرات لنحو ثلاثة أشهر وخلصت إلى مادتين أساسيتين، وهما إساءة استخدام السلطة وعرقلة الكونجرس.
وصوت 230 عضواً في مجلس النواب لصالح المادة الأولى - إساءة استخدام السلطة - مقابل معارضة 197 شخصاً.
فيما بلغ عدد الأصوات المؤيدة للمادة الثانية، عرقلة الكونجرس، 299 صوتاً مقابل 198 عضواً معارضاً.
وفي مخالفة للعقيدة السياسية، صوت عضوين بمجلس النواب من صفوف الديمقراطيين ضد إجراءات المساءلة والعزل، وهما النائب كولين بيترسون من ولاية مينيسوتا، والنائب من ولاية نيوجيرسي "جيف فان درو".
بينما صوت النائب "جاريد غولدن" من ولاية ماين ضد المادة الثانية وهي عرقلة الكونجرس، رغم تأييده المادة الأولى المتعلقة بإساءة استخدام السلطة.
هل يعني القرار عزل ترامب من منصبه؟
الأمر لم يحسم بعد، حيث أن القرار النهائي يتوقف على تصويت مماثل من المقرر أن يشهده مجلس الشيوخ والتي تمتلك السلطة بالإدانة والعزل أو تبرئة الرئيس.
ولم تفصح رئيسة مجلس النواب بعد عن الموعد الذي سترسل خلاله المادتين إلى مجلس الشيوخ للتصويت.
ومع حقيقة أن الجمهوريين، الذي ينتمي لهم الرئيس الحالي، يسطيرون على مجلس الشيوخ المكون من 100 عضو، فمن الصعب أن يتم عزل ترامب من منصبه.
ويشهد مجلس الشيوخ سيطرة من جانب الجمهوريين مع حصولهم على 53 مقعداً مقابل 47 مقعداً لصالح الديمقراطيين.
وتحتاج عملية الإدانة والعزل 67 صوتاً، ما يعني ضرورة انضمام حوالي 15 عضواً جمهورياً على الأقل مؤيداً لعملية العزل، وهو أمر غير مرجح الحدوث وسط عدم إشارة أيّ جمهوري لذلك.
هل تعرض رئيسي أمريكي للعزل من قبل؟
من شأن تلك الخطوة، أيّ عزل الرئيس، أن تكون تاريخية حال حدوثها؛ نظراً لأن هذا المشهد لم يتكرر في تاريخ الدولة صاحبة أكبر اقتصاد حول العالم من قبل.
لكن يجدر الإشارة إلى أن التاريخ الأمريكي شهد إجراءات المساءلة مرتين، أحدهما في عام 1868 عندما قال رئيس الولايات المتحدة آنذاك "أندرو جونسون" بإقالة مسؤول حكومي، لكن تم تبرئته من خلال صوت واحد في مجلس الشيوخ.
وتكرر هذا الوضع في عام 1998 عندما تعرض الرئيس الأمريكي بيل كلينتون إلى المساءلة بسبب الكذب والتستر على علاقته بالمتدربة في البيت الأبيض "مونيكا لوينسكي".
وانتهت هذه المساءلة كذلك بالتبرئة من قبل مجلس الشيوخ.
كما أن الرئيس ريتشارد نيكسون تقدم بالاستقالة من منصبه قبل عزله رسمياً في عام 1974، على خلفية تورطه في فضيحة فساد سياسة معروفة باسم "ووترغيت"، لكن قبل أن تطرح فكرة العزل من الأساس داخل أروقة الكونجرس الأمريكي.
ماذا قال دونالد ترامب؟
قبل التصويت في مجلس النواب، أرسل ترامب خطاباً شديد اللهجة إلى "نانسي بيلوسي" وسط اتهامات بأن تلك المحاولات غير قانونية وتعني الحرب مع الديمقراطيين.
وكتب ترامب، الذي يستعد للترشح إلى فترة رئاسية ثانية، في تغريدة على "تويتر" أمس: "هذه الأكاذيب التي يروج لها الديمقراطيين لا تعني شيء، هذا اعتداء على أمريكا، واعتداء على الحزب الجمهوري".
ماذا عن ردود الأفعال الأخرى؟
تباينت ردود الأفعال على مساءلة عزل الرئيس ترامب، بعد قرار مجلس النواب الأمريكي ووسط انتظار قرار مجلس الشيوخ.
وبعد تصويت الأربعاء، وصفت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض "ستيفاني غريشام" عملية المساءلة بأنها "مهزلة غير دستورية".
وقالت في بيان: "ترامب واثق في أن مجلس الشيوخ سوف يستعيد النظام الطبيعي والعدالة" مع الإشارة إلى ثقة الرئيس في أنه سيتم تبرئته.
أما قبل التصويت، اعتبر العضو الجمهوري "مايك روجرز" أن المسألة المطروحة أمام مجلس النواب تستند فقط على كراهية أساسية للرئيس الأمريكي، قائلاً: "هذا يشبه عملية صيد الساحرات في العصور الوسطى، هذا انقلاب على الرئيس المنتخب للولايات المتحدة".
وعلى جانب آخر، كتب مايكل بلومبرج، المرشح للسباق الانتخابي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، في تغريدة عبر تويتر أن مجلس النواب أدى وظيفته.
وتابع: "لكن لسوء الحظ، يبدو بشكل متزايد أن مجلس الشيوخ لن يفعل ذلك"، مضيفاً أن هذه المسألة لن يتم حسمها حتى نوفمبر/تشرين الثاني القادم من خلال الشعب الأمريكي.
وتابع: " 2020 ليست مجرد انتخابات ولكنها استفتاء حول ما إذا كان سيتم إنقاذ دستورنا".