من: سالي إسماعيل
مباشر: ما بين التكهنات العديدة والمناقشات المطولة والقرارات المتوقعة، سيطر اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" ومنتجي الخام من غير الأعضاء على الأسواق العالمية خلال الأسبوع الماضي.
وفي مسعى لتحقيق التوازن داخل أسواق الخام ودعم الأسعار، توصلت المجموعة إلى تعميق اتفاق خفض مستويات إنتاج النفط الحالي بمقدار 500 ألف برميل يومياً في الثلاثة أشهر الأولى من العام المقبل.
ويعني ذلك أن اتفاق خفض الإنتاج الذي تتبعه أوبك والحلفاء حالياً والبالغ 1.2 مليون برميل يومياً سيصبح 1.7 مليون برميل يومياً بدايةً من 1 يناير/كانون الثاني 2020 وحتى نهاية مارس/آذار من العام ذاته.
ويتحمل أعضاء أوبك الجزء الأكبر من هذا الخفض الجديد بنحو 395 ألف برميل يومياً، في حين أن روسيا ومنتجي الخام من غير الأعضاء في أوبك سيلتزمون بخفض 105 ألف برميل يومياً.
وتهدف أوبك في المقام الأول إلى دعم أسعار النفط والحيلولة دون حدوث تخمة في الأسواق، إلا أن تكهنات تمديد الاتفاق إلى منتصف العام المقبل أو حتى نهاية عام 2020 لم تتحقق بل تم إرجاء تلك الخطوة إلى وقت لاحق من العام المقبل.
ومنذ بداية النصف الثاني من العام الحالي وحتى نهاية تعاملات الجمعة الماضية، فإن خامي برنت ونايمكس سجلا خسائر بنسبة 1.2 بالمائة و3.2 بالمائة على التوالي.
وبحسب البيان الختامي لاجتماعات أوبك في الأسبوع الماضي، فمن المقرر أن تجتمع المجموعة مجدداً يومي 5 و6 مارس/آذار القادم؛ لتحديد ما إذا كان سيتم تمديد اتفاق الخفض أو إعادة النظر في مستويات الإنتاج.
ويأتي قرار تعميق خفض الإنتاج في مسعى لمواجهة الضغوط الخارجية على سوق الخام، والتي يتمثل أحد شقيها في مكافحة طفرة الإنتاج النفطي من الولايات المتحدة، فيما يكمن الشق الآخر في تباطؤ الطلب العالمي على الخام.
وفيما يتعلق بالطفرة الأمريكية، تواصل الولايات المتحدة تسجيل مستويات قياسية جديدة واحدة تلو الأخرى في مستويات إنتاج الخام على الصعيد الأسبوعي.
وبلغ الإنتاج الأمريكي من النفط في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي 12.900 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
أما بالنسبة للعامل الآخر والمتمثل في النمو المخيب للآمال للطلب على النفط، والذي جاء على خلفية التوترات التجارية التي ألقت بظلالها السلبية على النمو الاقتصادي العالمي وبالتبعية تسببت في هذا الطلب الباهت.
وتضع وكالة الطاقة الدولية حالياً تقديرات بأن الطلب على النفط سينمو بمقدار مليون برميل يومياً فقط في العام الحالي بعد أن كانت التوقعات تشير إلى أنه سيبلغ 1.4 مليون برميل يومياً.
كما تؤكد الوكالة الدولية أن منظمة أوبك وحلفائها سيواجهون تحديات رئيسية في العام المقبل وسط تراجع الطلب بشكل حاد.
وفي سياق متصل، فإن منظمة أوبك تتوقع نمو الطلب على النفط في العام الحالي بنحو 0.98 مليون برميل يومياً.
لكن على ما يبدو أن النقطة التي لا تزال عالقة داخل المجموعة تكمن في كيفية تقاسم الحصص بين الدول الأعضاء في أوبك الـ14 إضافة إلى روسيا وغيرها من منتجي الخام الحلفاء.
وفي حين تتحمل السعودية العبء الأكبر في تخفيضات إنتاج النفط خلال الآونة الأخيرة إلا أن بعض الدول بما في ذلك العراق ونيجيريا وروسيا تضخ مستويات أكثر من المتوقع.
ويؤكد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن جميع الدول يجب أن تمتثل لاتفاق خفض مستويات الإنتاج النفطي بشكل كامل.
في حين قال وزير الطاقة السعودية الأمير عبد العزيز بن سلمان في بداية جلسة الجمعة الماضية: "الأمر يشبه ما تنص عليه الأديان، إذا كنت مؤمناً فعليك أن تؤدي العبادات وبدون ذلك فأنت لست مؤمناً".
وأضاف: "يجب على السوق أن يثق بنا، كما ينبغي على المحللين الإيمان بنا، وإذا لم يفعلوا ذلك فلن نتمكن من تقديم ما نرغب في تحقيقه، الأمر بهذه البساطة وفي بعض الأحيان يكون بتلك الصعوبة".
وبحسب مذكرة صادرة عن بنك "جي.بي.مورجان"، فإنها توقعت أن توافق السعودية على خفض حصتها من إنتاج النفط في مقابل الضغط على المنتجين الآخرين من أجل تحسين مستويات امتثالهم.
ويرى تحليل لبنك الاستثمار الهولندي "آي.إن.جي" أنه رغم وصول مستوى امتثال أوبك لاتفاق خفض الإنتاج إلى 137 بالمائة هذا العام لكنه يخفي عدم التزام فردي من قبل بعض الأعضاء.
واستفادت أسعار النفط من قرار أوبك والحلفاء في الأسبوع المنصرم، ليسجل خامي برنت ونايمكس مكاسب قوية بلغت 3.1 بالمائة و7.3 بالمائة على الترتيب.
ومن الجدير بالملاحظة، أن هذا القرار يأتي في الوقت الذي تقوم فيه السعودية بطرح جزء من شركة النفط الحكومية المربحة للغاية في أكبر اكتتاب عام في العالم.
وينتظر المستثمرون الإفصاح عن تقرير أوبك عن شهر نوفمبر/تشرين الثاني في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
وبحسب أحدث تقرير صادر عن المنظمة، فإن إنتاج الدول الأعضاء في أوبك بلغ 29.65 مليون برميل يومياً في شهر أكتوبر/تشرين الأول.