تحرير: سالي إسماعيل
مباشر: مع استمرار الفجوة بين أغنى 1 بالمائة وباقي السكان داخل الولايات المتحدة في الاتساع، فإن السياسيين المحافظين قد ساهموا في إضعاف واحدة من أفضل أدوات مكافحة عدم المساواة الاقتصادية.
ويشير تحليل نشره موقع "سي.إن.إن بيزنيس" لعضو الكونجرس الأمريكي "جيمي جوميز" إلى أن هذه الأداة هي ضريبة العقارات الفيدرالية على ثروات الأسر.
ويؤكد عضو الكونجرس الأمريكي أنه ينبغي تعزيز تلك الضريبة حتى يبدأ الأثرياء في دفع حصتهم العادلة.
وهذا هو السبب وراء تقديمي - جوميز - "قانون من أجل الـ99.8 بالمائة"، وهو مشروع قانون من شأنه تعزيز الضريبة العقارية بحيث يمكنها استعادة قدر من العدالة في قانون الضرائب.
ومن المقرر أن يتم فرض الضريبة العقارية على العقارات التي يمتلكها الشخص المتوفي قبل توزيعها على الورثة.
ويشير عنوان مشروع القانون إلى أن 99.8 بالمائة من العائلات لن تدفع سنتاً واحداً كضرائب على عقاراتها بموجب هذا المقترح، لكنها سوف تستفيد من الإيرادات المحصلة بدلاً من ذلك.
ومن شأن هذا الإجراء، والذي يُعد بمثابة تشريع مصاحب لمشروع القانون الذي أدخله السيناتور بيرني ساندرز في وقت سابق من هذا العام، أن يُعيد ضريبة العقارات إلى مستوياتها في عام 2009.
وقبل عقد مضى، تم تحصيل ضرائب على العقارات المملوكة للأفراد بقيمة لا تقل عن 3.5 مليون دولار (7 ملايين دولار للمتزوج).
أما اليوم، بالنظر إلى قانون خفض الضرائب والوظائف والذي دخل حيز التنفيذ في عام 2018، فإنه لا يتم فرض ضرائب على العقارات ما لم تكن قيمتها تبلغ 11.4 مليون دولار على الأقل أو 22.8 مليون دولار للأزواج.
وفي حين أن العديد من العوامل مرتبطة بنمو الدخل وعدم المساواة في الثروة، فإن ضعف ضريبة العقارات كان عاملاً مساهماً.
ورغم أن تلك المسألة لا تثبت وجود علاقة سببية، لكن من الأمور الواقعية أن تناقص الضريبة العقارية الفعلية على مدى الـ50 عاماً الماضية قد تزامن مع مجتمع يعاني من عدم المساواة بشكل متزايد، وهو الأمر الذي لاحظه الاقتصاديون وغيرهم من الخبراء.
وفي عام 1970، كان أكثر من 5 بالمائة من كافة العقارات خاضعة للضريبة، حيث كان معدل الضريبة المفروض على كل دولار لأي عقار تتجاوز قيمته 10 ملايين دولار يبلغ 77 بالمائة.
وفي ذلك الوقت، تلقى النصف الأدنى من المجتمع الأمريكي حوالي خمس إجمالي الدخل في البلاد، وهو ما يعادل ضعف الدخل الذي كان يحصل عليه أغنى 1 بالمائة من السكان.
وعلى مدى نصف القرن التالي، مع تراجع الضريبة العقارية، انعكست تقريباً تلك الحصص في الدخل القومي مع حقيقة أن فئة الـ1 بالمائة الأغنى تحصل على خمس إجمالي الدخل والنصف الأدنى من المجتمع يتلقى ما يزيد قليلاً فقط عن 10 بالمائة.
وفي عام 2009، خضع حوالي 5700 عقار إلى الضرائب، طبقاً لبيانات مركز السياسة الضريبية، لكن في العام الماضي كان هذا الرقم حوالي 1900 عقار فقط.
لماذا نرفع الضريبة العقارية الآن؟ لأن الفجوة بين الأثرياء وبقية الأفراد في الولايات المتحدة قد وصلت إلى معدلات مقلقة.
ويمتلك أغنى 1 بالمائة من سكان الولايات المتحدة أكثر من 40 بالمائة من ثروة البلاد، كما أن أغنى 400 فرد في البلاد يمتلكون معاً 2.9 تريليون دولار وهو ما يعادل ما يمتلكه ثلثي الأمريكيين.
وتعادل ثروة ثلاثة أشخاص فقط - جيف بيزوس ووارن بافيت وبيل جيتس - تقريباً ما يمتلكه النصف الأدنى من المجتمع بأكمله.
ومن شأن "قانون من أجل الـ99.8 بالمائة" أن يعكس هذه الاتجاهات المزعجة كما من شأنه أن يحل محل النسبة الثابتة للضريبة في الوقت الحالي والبالغة 40 بالمائة بشكل تدريجي، ليبدأ بنحو 45 بالمائة على جزء من العقارات التي تتراوح قيمتها بين 3.5 مليون دولار إلى 10 ملايين دولار ويصل إلى 77 بالمائة على كل عقار قيمته تتجاوز مليار دولار.
ونظراً لأن كل عقار سيدفع خليطاً من المعدلات (بما في ذلك صفر على القيمة المعفاة)، فإن النسبة الفعلية المدفوعة ستكون أقل من أعلى شريحة تم الوصول لها.
وعلى سبيل المثال، بموجب المعدل الحالي والبالغ 40 بالمائة، فإن متوسط معدل الضريبة العقارية الفعلي في عام 2018 بلغ 16.5 بالمائة فقط، وهو ما يرجع إلى أن هناك قيمة معفاة من الضرائب تبلغ 11.4 مليون دولار من أي عقار، ولأن الأثرياء لجأوا إلى استراتيجيات قوية لتجنب الضرائب.
وكانت أكثر تقنيات التهرب الضريبي شهرة هي تلك التي تلجأ للأصول سريعة الارتفاع (مثل أسهم شركات التكنولوجيا الناشئة) وذلك من خلال أداة ائتمان قصيرة الآجل تُعرف باسم "جي.أر.إيه.تي"، الأمر الذي يسمح للورثة بتلقي الأصول بدون ضريبة عقارية إلى حد كبير.
ومن أجل تقليل مثل هذه الاستراتيجيات، فإن هذا التشريع سيعمل على سد الثغرات الأكثر سواءً في القانون الحالي بما في ذلك استخدام "جي.أر.إيه.تي" وتقييمات الأصول متكررة الانخفاض.
ويحدث التقييم المنخفض الشائع عندما يزعم ورثة صاحب عمل ثري أن الحصص المنفصلة في النشاط التجاري الذي تلقوه غير قابلة للتسويق بسهولة وبالتالي ينبغي أن يحصلوا على خصم تقييم "حصة الأقلية".
ويحاول فائقو الثراء ومؤيديهم حماية ثروات هائلة من ضريبة العقارات من خلال استخدام المبررات الزائفة.
كما يزعمون أن فرض الضرائب على العقارات الموروثة ترقى إلى فكرة "الازدواج الضريبي" كون الأموال المستخدمة في هذا العقار كانت تخضع لضريبة الدخل عندما تم الحصول عليها في الأساس.
وفي واقع الأمر، تتشكل غالبية الثروات الكبيرة من الأصول التي - في حالة غياب الضريبة العقارية - لن تخضع للضريبة حتى لو لمرة واحدة.
وتمثل تلك الثروة غير الخاضعة للضريبة القيمة المقدرة للاستثمارات، والتي لا تخضع للضريبة ما لم يتم بيع الأصل.
ويقولون إن الشركات الضغيرة ومزارع الأسر مهددة، لكن عملياً ليس أياً منهما ذو قيمة بدرجة تكفي لخضوعه إلى الضريبة.
وتشير التقديرات إلى أن 20 مزرعة صغيرة فقط أو شركة عقارات قامت بدفع ضريبة في عام 2017، ومع ذلك فإن مشروع القانون الذي تقدمت به من شأنه أن يوفر مزيداً من الحماية للمزارعين الأسر.
ويمكن القيام بأشياء كثيرة من الإيرادات المحققة عبر ضريبة العقارات، ولا يوجد رقم بشأن حجم الإيرادات التي قد يجمعها مشروع القانون ذاك، لكن خطة مماثلة تضع تقديرات بأنه قد يجمع حوالي 336 مليار دولار في غضون 10 أعوام.
ولا يكفي ذلك الرقم لسد فجوة الثروة في البلاد لكنه على الأقل سيبدأ في تقليصها.
الأمم التي تشهد انقساماً بسبب الاختلافات الكبيرة للغاية في الثروة لا تتمتع أبداً بالقوة أو الاستقرار.
ومن شأن ضريبة عقارية قوية أن تحد من الأرستقراطية الأمريكية وتقلص فجوة الثروة وتجمع الإيرادات للخدمات العامة الضرورية لهؤلاء الذين لن يكون لهم ميراث.