بلومبرج إيكونوميكس: احتمالات متزايدة لركود الاقتصاد الأمريكي
تحرير: سالي إسماعيل
مباشر: الجميع ينظر بعين الاهتمام إلى الوضع الاقتصادي حول العالم بشكل عام وإلى الولايات المتحدة بصفة خاصة كونها صاحبة الاقتصاد الأكبر عالمياً.
ويوضح تقرير نشرته وكالة بلومبرج الأمريكية لثلاثة اقتصاديين وهم "ريد بيركت" و"يو تشيو" و"ألكسندر ماكنتاير" أن هناك احتمالية لحدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة بنحو 27 بالمائة في غضون الإثنى عشرة شهراً القادمة.
ونمت مخاوف وقوع ركود اقتصادي في الأشهر الأخيرة وسط الحرب التجارية المستمرة مع الصين، والتراجع في التوظيف من جانب الشركات والاستثمارات، والقطاع الصناعي الذي انزلق بالفعل لمنطقة الانكماش.
ويشهد الاقتصاد الأمريكي حالة من الاتجاه الهبوطي، لكن السؤال الهام هو ما إذا هذا التباطؤ سيتحول إلى شيئاً أكثر قتامة.
ودشنت "بلومبرج إيكونوميكس" نموذجاً لتحديد احتمالات الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة.
وفي الوقت الحالي، يقدر المؤشر احتمالية ركود الاقتصاد الأمريكي في مرحلة ما خلال العام المقبل بنحو 27 بالمائة.
وتعتبر هذه النسبة أعلى مما كانت عليه الاحتمالات قبل عام مضى، لكنها أقل عند المقارنة مع الوضع قبل مرحلة الركود الاقتصادي الأخير.
وهناك مبررات لمراقبة الاقتصاد عن كثب لكن ليس هناك داعي للذعر حتى الآن.
ويتضمن نموذج احتمالية حدوث الركود الاقتصادي الذي طوره الاقتصاديون في وكالة بلومبرج "إليزا وينجر" و"يلينا شولياتيفا" و"أندرو هوسبي" مجموعة من البيانات تشمل الظروف الاقتصادية، والأسواق المالية، ومؤشرات الضغط الأساسية.
وتومض بعد المؤشرات مثل منحنى العائد على السندات، بإشارات تحذيرية في حين أن المؤشرات الأخرى مثل زيادة الأجور الحقيقية لا تفعل ذلك.
وتحول الفارق بين عوائد سندات الخزانة الأمريكية مستحقة السداد بعد 3 أشهر وتلك التي يحل موعد استحقاقها بعد 10 سنوات إلى النطاق السالب في وقت مبكر من هذا العام وظل كذلك في غالبية آخر 6 أشهر.
وانقلب هذا الفارق الائتماني قبل كل حالة ركود اقتصادي في الحالات السبعة الأخيرة، لكن العومل الخاصة - بما في ذلك جهود البنوك المركزية لضخ أموالاً في الاقتصاد عبر برنامج التيسير الكمي - والتي قد أدت إلى تسطيح العائد ربما تعني أنه لا يمكن الاعتماد عليه كمؤشر للركود في حد ذاته هذه المرة.
وفي الوقت ذاته، فإن مكاسب الأجور المعدلة وفقاً للتضخم ترسم صورة أكثر إشراقاً.
وقبل الركود الاقتصادي الذي حدث في الفترة من عام 2007 وحتى عام 2009، تراجعت وتيرة نمو الأجور بشكل حاد مع انخفاض الطلب على العمالة، بينما الآن تظل الأجور الحقيقية قوية رغم أن معدل نموها عند وتيرة معتدلة.
وبالنظر إلى مصادر الضغط الأبطأ، فإن هوامش أرباح الشركات تُشكل مصدراً للقلق.
ومع تراجع الربحية، فإن الشركات سوف تبحث عن طرق لخفض التكاليف، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى انخفاض معدل التوظيف - أو حتى حدوث عمليات تسريح للعمال - مما يضعف إنفاق المستهلكين والذي يُعد مصدر الدعم الأساسي للنمو الاقتصادي في الوقت الحالي.
ومن الصعب للغاية التكهن بموعد بدء الركود الاقتصادي، لكن مع اقتراب الاتجاه الهبوطي فإن المؤشرات تومض بإشارات تحذيرية أوضح.
ونظراً لأن المؤشرات المختلفة تظهر إشارات الضغط في نقاط متفرقة، فإن الخريطة الموضحة في الأسفل تعكس احتمال حدوث الركود في نقاط مختلفة من الوقت مع حقيقة أن كل واحدة تركز على مجموعة مختلفة من المؤشرات.
وعلى سبيل المثال، تعتمد القراءة الخاصة بما إذا كانت الولايات المتحدة على أعتاب الدخول الفوري في مرحلة ركود اقتصاد بشكل جزئي على الإفصاحات الأسبوعية الخاصة بطلبات إعانة البطالة.
وفي الجزء الخاص بالثلاثة أشهر، يركز النموذج على متغيرات الأسواق المالية مثل الفارق بين عوائد سندات الخزانة لمدة 3 أشهر و10 أعوام.
أما على مدى الستة أشهر القادمة، فإن المؤشر الاقتصادي لمجلس المؤتمرات يحظى بدور رئيسي.
وبالنظر لما هو أبعد من ذلك، فإن التركيز يكون على الاختلالات التي تحدث على فترات أطول مثل تكاليف مدفوعات فوائد ديون الشركات نسبة إلى الأرباح.
وعبر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول عن التزامه بتمديد النمو الاقتصادي لكن البنك المركزي يمتلك وسائل محدودة للقيام بذلك.
وقبل فترة الكساد العظيم، كانت معدلات الفائدة تدور حول مستوى 5 بالمائة، ما يعني ترك مساحة وفيرة لخفض تكاليف الاقتراض وتحفيز الاقتصادي، أما في بداية هذا العام، كان معدل الفائدة الرئيسي يقف عند نصف هذه النسبة.
وقام الفيدرالي بخفض معدلات الفائدة خلال آخر اجتماعين ويتوقع بعض المحللين أن يقوم صناع السياسة للإعلان عن خفض جديد يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول.
ويقوم الكثيرون بتعريف الركود الاقتصادي على أنه يمثل انكماشاً لمدة ربعين متتالين، لكن اللجنة الرسمية في المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية تتبع نهجاً أكثر شمولية، حيث تحدد الركود الاقتصادي بأنه تراجع كبير في النشاط الاقتصادي ينتشر في جميع أنحاء الاقتصاد ويدوم لأكثر من بضعة أشهر.
وكما يوضح الرسم البياني التالي، فإن جميع حالات الركود الاقتصادي التي حدثت ليست متساوية.
ولقد كان الاتجاه الهبوطي الأخير والذي جاء بالتزامن مع أزمة مالية، طويل الأمد وعميقاً بشكل خاص على عكس حالات الركود السابقة والتي كانت أقصر وأكثر سطحية.
وفي العادة تكون حالات الركود الاقتصادي مصحوبة بزيادة سريعة في معدل البطالة.
ويختلف معدل البطالة بشكل كبير بين حالات الاتجاه الهبوطي استناداً إلى مدى اتساع وشدة الركود الاقتصادي.
وفي حين أن معدل البطالة وصل للذروة عند 10 بالمائة في عام 2009، وارتفع لمستويات أعلى في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي إلا أن حالات الركود الأخرى أدت إلى زيادات مؤلمة ولكنها أصغر في معدل البطالة.