يضم حيا لدباغة الجلود تفوح منه رائحة أشجار العرعر
سلمان السلمي ( مكة المكرمة)
يقف الحاج مودعا أصدقاءه وأحبابه من أعلى جبل الحجون والذي كان يعرف قديما بثنية الوداع نسبة إلى توديع الحجاج عند خروجهم من مكة، وتحت ثنية الوداع من ناحية الغزة الآن غيلمة وهو اسم معروف وقديم للحي الذي يمتد من مسجد الجن حتى مقابر المعلاة . و(حي الحجون ) أحد أشهر أحياء مكة المكرمة التاريخية والذي تجاوز عمره السبعين عاما سيقترب من ساحات المسجد الحرام لأول مرة في تاريخيه عندما يخترق جبل الدفان الذي يفصل الحي عن المسجد الحرام . ويحتضن الحجون حي المدابغية الذي يعد من أقدم أحياء دباغة الجلود إذ تتميز بانتشار روائح أشجار العرعر والشبث وأشجار أخرى تستخدم في هذه الصنعة مع روائح الجلود فهو الحي الذي بني على هذه الصنعة المكية التي اندثرت ولم يعد لها أثر في مدينة عرفت بالتقاء الصناعات والثقافات كونها مظلة لقاء لكثير من الجاليات الإسلامية، وتشير المصادر أن الحي كان يضم أكثر من 50 مدبغة يعود تاريخها لأكثر من 300 عام اشتغل بها المغاربة القادمون إلى مكة المكرمة إذ كان لكل صاحب مدبغة منزل بجوارها وكانت الجلود تجلب من مسالخ مكة المكرمة وخاصة في موسم الحج عند ذبح هدي الحجاج ، ثم تدبغ بقشر الرمان وأشجار الشبث والعرعر التي تجلب من جبال الطائف. ويمتد حي المدابغية ما بين جبل السيدة المطل على مقابر المعلاة والإطلالة على المعابدة إلى شارع الحجون الرئيسي . ويعتبر حي الحجون من أكبر الأحياء التجارية في مكة المكرمة، حيث يضم أكبر سوق شعبي في مكة المكرمة للملابس النسائية والإكسسوارت إذ ذاعت شهرتالسوق في كافة مدن المملكة، ويحرص الكثير من المعتمرين على التسوق من هذا السوق نظرا لاعتدال أسعاره .عدد من سكان الحي ذكروا لـ«عكاظ» أن الحي لم يتبق فيه سوى عدد قليل من سكانه الأصليين، حيث إن الحي تحول إلى مأوى للخادمات المخالفات والعمالة التي تعمل في سوق العتيبية التجاري . ويذكر ناصر الزهراني (عقاري) أن أسعار العقار في الحجون ارتفعت حتى وصل سعر المتر 50 ألف ريال في الوقت الذي كان السعر المتداول ما بين 20 إلى 30 ألف ريال على الشارع العام. ويضيف الزهراني أن غالبية المنازل مهجوره وذات مساحات صغيرة وهي غير صالحة للسكن حاليا. الدكتور فواز الدهاس أستاذ تاريخ الجزيرة العربية، والمشرف العام على المتاحف في جامعة أم القرى كشف لـ«عكاظ» أن الحجون هو كدي الذي دخل منه سعد ابن عبادة يوم فتح مكة . وأضاف أن حي الحجون عبارة عن سلسلة جبال تمتد من الشمال إلى الجنوب وبها مقبرة أهل مكة منذ العصر الجاهلي وحتى الآن، وكانت المقبرة على سفح الجبل ثم امتدت إلى الوادي وكان هناك جبل يربط بين الحجون والوداي ثم قام معاوية بن أبي سفيان بشق الجبل الذي يربط الحجون بالوادي ثم أكمل بعده عبدالملك بن مروان، وكذلك الدولة العباسية والآن تم فتح الطريق وسهل كثيرا وحاليا يتم فتح أنفاق لربط حي الحجون بالمنطقة المركزية . وقد كانت المقبرة متصلة فيما بينها ثم فصلت بالجسر الحالي، وعمل نفق يربط بين أجزاء المقبرة. وأبان الدهاس أن هذه المقبرة تضم بين جنباتها قبور عدد كبير من الصحابة ومنهم: السيدة خديجة رضي الله عنها في الناحية الشمالية وبها سمي الجبل بجبل السيدة كما تضم قبر ابن الزبير في الناحية الجنوبية .