تحرير: نهى النحاس
مباشر: استيقظت الأسواق العالمية في أولى تعاملات الأسبوع على نبأ إفلاس أقدم شركة سياحة في العالم "توماس كوك"، وهو الخبر الذي بالرغم أنه كان متوقعاً إلا أنه تسبب في صدمة للأسواق.
وفي بيان هو الأسوأ في تاريخ الشركة الذي يصل إلى 178 عام أعلنت "توماس كوك" أنها دخلت في تصفية إلزامية مع التنفيذ الفوري لذلك، عقب فشل مفاوضات الإنقاذ المالي.
وذكرت "توماس كوك" أنه تم تقديم طلب إلى المحكمة العليا من أجل التصفية الإلزامية للشركة قبل بدء تعاملات اليوم، وأن الطلب تمت الموافقة عليه من أجل تعيين الحارس القضائي الرسمي لتصفية الشركة.
وتم تعيين كل من "إلكس بارتنيرز" و"كيه.بي.إم.جي" كمدراء خاصين لأجزاء مختلفة من الأعمال.
وتطورت الأحداث بهذا الشكل السيء بعد تراكم الديون على "توماس كوك" حتى وصلت إلى 2.1 مليار دولار، ورفضت الحكومة البريطانية خطة إنقاذ "توماس كوك" بقيمة 150 مليون إسترليني (187 مليون دولار) لأن تنفيذ ذلك سيكون بمثابة إرساء لمخاطر أخلاقية.
وتجيب وكالة "رويتز" عن مجموعة من الأسئلة الملحة في الساعات الأولى لإعلان رائدة صناعة الرحلات في العالم انهيارها.
لماذا انهارت "توماس كوك"؟
تراكمت الديون على "توماس كوك" حتى وصلت إلى 2.1 مليار دولار، ومنعتها الديون من الاستجابة إلى المنافسة الإلكترونية التي انتشرت مؤخراً.
ومع تراكم الديون على مدى السنوات نتيجة القيام بصفقات في أوقات خاطئة، احتاجت الشركة لبيع 3 ملايين رحلة سفر سنوياً من أجل الوفاء بمدفوعات فوائد الديون فقط.
ومع محاولة الشركة إلى الانتقال إلى جيل جديد من السياحة اصطدمت بمحاولة الانقلاب الذي حدث في تركيا، والتي تعد واحدة من وجهاتها الرئيسية، ثم الموجة الحارة واسعة النطاق التي ضربت أوروبا في العام الماضي، ومنعت العديد من السياح من مغادرة بلادهم.
واحتاجت "توماس كوك" إلى 200 مليون إسترليني إلى جانب حزمة بقيمة 900 مليون إسترليني والتي تمت الموافقة عليها بالفعل، وذلك حتى تستمر في العمل خلال شهور الشتاء حيث تتلقى سيولة نقدية أقل إلى جانب ضرورة سدادها أموال للفنادق من أجل خدمات الصيف.
وحطم طلب الشركة لـ200 مليون إسترليني إضافية خطة الإنقاذ الذي يتم العمل عليها منذ عدة أشهر.
والتقى مسؤولو توماس كوك بالمقرضين والدائنين في لندن أمس لمحاولة التوصل إلى صفقة أخيرة لإبقاء الشركة في السوق، لكنهم فشلوا.
وبموجب الشروط الأصلية للخطة، فإن "فوسون" المساهم الأكبر سُيمنح 450 مليون جنيه إسترليني (552 مليون دولار) مقابل 75 بالمائة على الأقل من أعمال تنظيم الرحلات السياحية و 25 بالمائة من قطاع الطيران التابع للشركة.
أما حاملي السندات والبنوك المقرضة لـ"توماس كوك" فعليها أن تدفع 450 مليون إسترليني إضافية وأن تحول ديونهم القائمة إلى حقوق ملكية بمنحهم نحو 75 بالمائة من الخطوط الجوية، وما يصل إىل 25 بالمائة من مشغلي شركات الرحلات.
من تأثر بالقرار؟
تدير "توماس كوك" فنادق ومنتجعات وخطوطاً جوية لـ19 مليون مسافر سنوياً داخل 16 دولة، ويتضح ذلك في صورة إيرادات سنوية للشركة بقيمة 9.6 مليار إسترليني (12 مليار دولار).
ومع إفلاس الشركة فإنه يوجد نحو 600 ألف مسافر تابع لها خارج بلادهم، من ضمنهم 150 ألف مسافر بريطاني.
أما على صعيد الموظفين، فإنه يعمل لدى الشركة 21 ألف شخص.
ماذا سيحدث للسياح؟
طلبت الحكومة البريطانية من السلطات الجوية المدنية تدشين برنامج على مدار الأسبوعين المقبلين، حتى يوم الاثنين 6 أكتوبر/تشرين الأول، من أجل إعادة عملاء "توماس كوك" إلى المملكة المتحدة.
وذكرت الحكومة البريطانية أنه نتيجة للنطاق الواسع للموقف، فإن بعض التوقفات ستكون حتمية، ومع ذلك أكدت أن السطات المدنية الجوية ستسعى لإعادة الأشخاص إلى بلادهم في أقرب وقت ممكن للمواعيد المخطط لها.
ومن المقرر استخدام أسطول من الطائرات الجوية لإعادة المواطنين البريطانيين، كما من المقرر أن يتم استخدام رحلات تجارية بديلة في عدد قليل من الوجهات.
وأطلقت السلطات الجوية المدنية موقعاً خاصاً، حيث يمكن للعملاء أن يجدوا عليه تفاصيل ومعلومات حول رحلات إعادتهم إلى بلادهم.
ومن المقرر أن يتم الإعداد إلى اتفاقيات بديلة بالنسبة للعملاء اللذين لن يسافروا من المملكة المتحدة، وفي سوق العملاء الشعبي لـ"توماس كوك" في ألمانيا من المقرر أن تنسق شركات التأمين الاستجابة إلى الأزمة.
ويوجد في اليونان نحو إعادة 50 ألف سائح تابعين للشركة البريطانية، وموجودون بشكل أساسي في جزر، وذلك بحسب وزارة السياحة هناك.
ووجهت السلطات المدنية البريطانية بضرورة عدم توجه العملاء المتواجدين في الوقت الحالي خارج البلاد إلى المطار حتى يتم التأكيد أن رحلاتهم التي ستعيدهم إلى بريطانيا موجودة على موقعها على الإنترنت.
وتابعت: "وعلى عملاء توماس كوك في بريطانيا المقرر لهم أن يسافروا ألا يتجهوا نحو المطار حيث تم إلغاء كافة الرحلات المقرر أن تغادر بريطانيا".
من سيدفع تكلفة الفنادق؟
شددت السلطات الجوية المدنية أنها تواصلت مع الفنادق والشركات الأخرى المحتمل أن تكون تأثرت بانهيار "توماس كوك" لطمأنتهم بأنهم سوف يحصلون على أموالهم.
وتابعت: "وإذا تمت مطالبة السائحين بدفع أي تكاليف فعيلهم التواصل معنا".
ويتم تغطية قائمة عملاء رحلات "توماس كوك" بواسطة "ترخيص منظمي السفر الجوي" والذي يضمن الإقامة ورحلات العودة، ومع ذلك أكدت السلطات على أن أنه سيتم مطالبة بعض العملاء بالانتقال إلى محل إقامة آخر.
أما عن الرحلات التي كانت محجوزة مستقبلاً فإن الهيئة أكدت أنه في حالة أن العملاء لم يبدأوا رحلاتهم، فإنه تم إلغاء معظم الرحلات والإجازات التي تم حجزها مع "توماس كوك" وعلى العملاء عدم التوجه إلى المطار.
ماذا عن الصناعة؟
أثر خبر انهيار "توماس كوك" بالفعل على شركات السياحة، فعلى سبيل المثال صرحت شركة السياحة الأسترالية "ويب جيت" أن انهيار "توماس كوك" سيتسبب في خسائر بقيمة 30 مليون دولار لها، كما أن شركة الرحلات الإلكترونية "أون ذا بيتش" صرحت بأنها ستعاني لمساعدة عملائها في المنتجعات ممن سافروا مع "توماس كوك" لإعادتهم إلى بلادهم.
ومع ذلك فإن انهيار "توماس كوك" سيوفر دعما للشركات المنافسة مثل "تي.ي.إل" حيث ارتفع سهم الشركة بأكثر من 10 بالمائة في التعاملات الصباحية اليوم، وقد يستفيد قطاع الخطوط الجوية الأوروبي المكتظ، من إغلاق الخط الجوي لـ"توماس كوك".