وسط سجل حافل بالأخطاء.. ضحايا جدد ينضمون لقائمة صندوق النقد

وسط سجل حافل بالأخطاء.. ضحايا جدد ينضمون لقائمة صندوق النقد وسط سجل حافل بالأخطاء.. ضحايا جدد ينضمون لقائمة صندوق النقد

تحرير: أحمد شوقي

مباشر: في عام 2013، أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً يعترف فيه بأنه "قلل من شأن" الآثار المترتبة على التقشف فيما يتعلق باقتصاد اليونان، ومع ذلك ارتكب الصندوق نفس الأخطاء في اتفاقته اللاحقة مع الأرجنتين والإكوادور.

وبسبب هذه الأخطاء التي زادت ضحايا المؤسسة الدولية، يجب أن تتغير عملية اختيار مدير صندوق النقد الدولي، خاصة الحاجة لتجاهل تقليد اختيار أوروبي لهذا المنصب - استنادًا إلى الاتفاق الودي غير العادل الذي عفا عليه الزمن والذي تم التوصل إليه مع الولايات المتحدة عندما تم إنشاء المؤسسة قبل 75 عامًا، بحسب رؤية تحليلية نشرها موقع "بروجيكيت سينديكيت".

ولكن الأهم من ذلك، يجب تغيير نهج صندوق النقد الدولي القديم في منح القروض.

ويتمتع صندوق النقد بتاريخ طويل من أخطاء السياسة، ومع ذلك أظهرت فترة ولاية كريستين لاجارد التي اسٌتكملت للتو أن الصندوق لم يتعلم الكثير من أخطائه.

أزمة الأرجنتين

انظر إلى حالة الأرجنتين، في منتصف عام 2018 وافق صندوق النقد الدولي على منح البلاد قرض مدته ثلاث سنوات بقيمة حوالي 57 مليار دولار - وهو الأكبر في تاريخ المؤسسة - بعد سلسلة من القرارات المتهورة التي اتخذها الرئيس موريسيو ماكري.

وأحد هذه القرارات التي اتخذها ماكري بعد فترة وجيزة من توليه منصبه في عام 2015، كان إبرام صفقة مع الدائنين الذين ما زالوا يقاتلون في المحاكم الأمريكية للحصول على أموالهم بالكامل، بعد تخلف الأرجنتين عن سداد ديونها الأرجنتين عام 2002 وإعادة الهيكلة اللاحقة.

ومن الأمثلة الأخرى، الإسراف في الاقتراض الذي قام به ماكري، ما تسبب في تضخم الدين العام - ومعظمه بالدولار - بأكثر من الثلث ليصل إلى 321 مليار دولار في عام 2017.

وبحلول العام الماضي، تجاوز العجز المالي وعجز الحساب الجاري في الأرجنتين 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي الأزمة الاقتصادية والمالية التي تلت ذلك ارتفع الدين العام إلى ما يقرب من 90 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما ساهم هروب رأس المال في انخفاض قيمة البيزو، كما تسارع التضخم.

ونتيجة لذلك وبعد ضغط من الرئيس الأمريكي دونالد (الذي كان له علاقات تجارية مع ماكري)، تدخل صندوق النقد الدولي بدعم نشط من لاجارد.

وربما كان القرض لم يسبق له مثيل من حيث القيمة المالية، لكنه كان يحمل جميع الخصائص المألوفة لبرامج تمويل صندوق النقد الدولي السابقة.

وفي مقابل الحصول على الأموال، كان على الأرجنتين تنفيذ تخفيضات هائلة في الموازنة من أجل تحقيق التوازن في موازنتها الأولية في عام 2019 والحد بشكل كبير من العجز الخارجي.

وامتثلت الأرجنتين لهذه الشروط ليشهد الاقتصاد تدهوراً بشكل مطرد.

وفي الوقت الحالي يبلغ معدل التضخم أكثر من 55 بالمائة، وتجاوز معدل الفقر 30 بالمائة، وتقلص الإنتاج والتشغيل، ما يجعل الأرجنتين بعيدة من أهداف صندوق النقد الدولي للاستثمار ونمو الناتج المحلي الإجمالي، والتي تم تعديلها بالفعل مرتين وفي انتظار المزيد.

اليونان لا تزال تعاني

وفي عام 1998، عندما كان شرق آسيا في خضم الأزمة المالية، كان على الصندوق أن يوقع ما لا يقل عن خمس مذكرات تفاهم مع تايلاند، وذلك لأن الوفاء بجميع متطلبات التقشف التي فرضتها المؤسسة عليها يعني فشل تحقيق مستهداف الاقتصاد الكلي.

ومع ذلك، وبعيدًا عن التعلم من سوء التعامل مع الأزمة المالية الآسيوية في التسعينيات، ارتكب صندوق النقد نفس الأخطاء في أوروبا بعد أن أدت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 إلى جعل منطقة اليورو في مأزق.

وعلى وجه الخصوص، بدلاً من السماح لليونان بالتخلف عن سداد ديونها الضخمة للدائنين من القطاع الخاص، قام صندوق النقد إلى جانب البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية بإقراضها.

ولكن شروط التقشف المصاحبة لهذه القروض جعلت سداد تلك الديون- التي يحتفظ بها الآن الدائنون رسميون- أمرًا مستحيلًا، في الوقت الذي تواصل فيه اليونان المعاناة حتى يومنا هذا.

الإكوادور.. الضحية القادمة

وفي عام 2013 اعتراف صندوق النقد بأنه استخف بالآثار المتوقعة للتقشف على اليونان، وهو ما كان يبدو وعداً ضمنياً بتغيير مقبل.

ولكن بعد خمس سنوات فقط لم ينعكس إدراك الصندوق لاعترافه في التعامل مع الأرجنتين أو في صفقة تمويل أحدث مع دولة أخرى في أمريكا اللاتينية وهي الإكوادور.

وفي شهر مارس/أذار الماضي، وافق صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 4.2 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات لصالح الإكوادور كجزء من خطة لتخفيض الدين العام وإصلاح الاقتصاد، وفي المقابل يطالب الصندوق بإصلاح مالب سريع عبر تخفيض الأجور ووظائف القطاع العام ورفع الطاقة بالإضافة إلى رسوم جديدة للخدمات الحكومية، وضرائب غير مباشرة أعلى.

وكما لاحظ "مارك ويسبروت" و"أندريس أروز" في تقرير لمركز البحوث الاقتصادية والسياسية، فإن هذه الخطوات من المرجح أن تؤدي إلى انخفاض فوري في الناتج المحلي الإجمالي وتتسبب في استمرار الركود الحالي طوال مدة استمرار البرنامج والبالغة أربع سنوات.

ورغم ذلك، أقنع صندوق النقد الدولي نفسه بطريقة ما أن النمو سوف ينخفض ​​بشكل معتدل فقط في عام 2019، قبل أن ينتعش في عام 2020، حيث أن التعزيز الهائل لثقة القطاع الخاص - الذي نتج بشكل طبيعي عن الإنضباط المالي والخصخصة - سيؤدي إلى زيادة في الاستثمار الأجنبي الداخلي.

ووفقًا لمنطق الصندوق، حتى لو انخفض معدل التوظيف والاستهلاك، وكان الاقتصاد في حالة ركود، فإن صافي تدفقات رأس المال الخارجة البالغة 1.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سوف يتحول إلى صافي تدفقات وافدة بـ4.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020.

وكالعادة، سوف تصبح حماقة هذا المنطق واضحة مع مرور الوقت المناسب (الاقتصاد المتعثر لا يمكن أن يكون جذابًا لرأس المال الخاص).

وفي غضون ذلك، سيعاني شعب الإكوادور معاناة كبيرة بسبب ارتفاع البطالة وتراجع مستويات المعيشة وتزايد عدم المساواة وزيادة الفقر.

وفي النهاية فإن اعتقاد صندوق النقد الدولي الغريب بـ "التقشف الذي يؤدي للنمو" سيكون أمرًا مثيرًا للضحك إذا لم يكن مدمرًا.

كيف يمكن لصندوق النقد الدولي أن يبرر اتباع نهج ما بهذا السجل التاريخي السيئ؟ أحد التفسيرات يمكن أن يكون الافتقار إلى المساءلة وهو الأمر الذي يتغلغل في بيروقراطية المؤسسة وصولاً إلى القمة.

وإذا كان هذا هو الحال، فيجب أن يكون تعزيز المساءلة هو أول أمر يديره المدير العام لصندوق النقد الدولي القادم مع مواءمة نهج إقراض الصندوق مع الواقع الاقتصادي.

مباشر (اقتصاد)