أخبار عاجلة

تحليل.. هبوط الإسترليني دليل ضعف وتراجع وليس مؤشراً إيجابياً

تحليل.. هبوط الإسترليني دليل ضعف وتراجع وليس مؤشراً إيجابياً تحليل.. هبوط الإسترليني دليل ضعف وتراجع وليس مؤشراً إيجابياً

تحرير: أحمد شوقي

مباشر: كما هو حال الطقس، يتغير سوق صرف العملات كل يوم ويظهر في نهاية الأخبار المسائية، ولكن على عكس الطقس، فإن هبوط قيمة الجنيه الإسترليني أمام العملات الأخرى لا يدرك معظم البريطانيين أثاره بشكل مباشر إلا عندما يمضون عطلة خارجية.

ويرى تحليل نشرته صحيفة "الجارديان" أن هذا يخلق شيئًا من الفراغ المعرفي في استيعاب الكثير من النظريات الشعبية المسيّسة، ويجعل سعر الصرف من المناقشات الأقل جودة.

وعانى الجنيه الإسترليني من خسائر قوية خلال الأيام الماضية مسجلاً أدنى مستوى في 30 شهراً أمام الدولار مع مخاوف البريكست بدون اتفاق، ما جعل العملة البريطانية تشهد ظهوراً استثنائياً في مقدمة الأخبار.

وتراجع قيمة الإسترليني ليس طريق للنجاح على المدى الطويل، وإيطاليا خير مثال على ذلك.

ومن ناحية، هناك ميل إلى اعتبار سعر الصرف أقرب إلى سعر السهم المحلي، والاعتزاز بحقيقة أن الجنيه الإسترليني الواحد يشتري أكثر من وحدة واحدة من كل عملة في العالم تقريبًا، باستثناء بعض الدول الغنية بالنفط.

ومن جهة أخرى، فإن المملكة المتحدة لديها جماعات ضغط تدعو لضعف العملة، وتستند إلى ذكريات سابقة لسياسة معدل الفائدة المشددة والضغط الذي فُرض على الصادرات الصناعية في الثمانينيات عندما كانت بريطانيا دولة نفطية لفترة وجيزة.

ولكن ما يدعم أن هذه "التراهات" تجد أذاناً صاغية أنه على المدى القصير من الصعوبة بمكان إثبات خطأ هذه النظرية مع حقيقة أن الإشارات تكون دائماً مختلطة.

وفي الأساس، يمثل انخفاض قيمة العملة تخفيضًا في الأسعار، حيث أنه وسيلة لخفض قيمة جميع الأجور والأسعار في الدولة في آن واحد، كما يتضح من وجهة نظر شركاء المملكة المتحدة التجاريين.

وإذا كان هذا يحدث كجزء من سياسة مقصودة لتحفيز الطلب، فقد يترك المملكة المتحدة في وضع أفضل، لكن يبدو أنها مجرد نتيجة لمغادرة رؤوس الأموال للبلاد، لأن دول العالم لا تعتبر مسؤولي البريطانية أشخاصاً جادين قادرين على الالتزام بالاتفاقيات بعد الآن.

ولذلك فإن المملكة المتحدة فقط، بشكل لا لبس فيه، تزداد فقراً من حيث كمية السلع التي سيشتريها الناتج القومي والأجور المحلية في السوق العالمية.

وحتى الفكرة البديهية القائلة إن هبوط العملة "جيد للمصدرين" أقل صحة مما كانت عليه في السابق.

وخفض قيمة العملة قد يكون أمر جيد لقطاع السياحة، ولكن بالنسبة للصناعة والخدمات في إطار عالمي يتم فيه تصنيع الصادرات من السلع المستوردة فإن الفوائد تكون قصيرة الآجل وصغيرة.

وإذا كان انخفاض قيمة العملة هو السبيل إلى النجاح الصناعي، فإن إيطاليا قبل اليورو كانت لتكون قوة أوروبية كبرى.

ولكن بعد وقت قصير تضيع مكاسب حصة السوق، وترتفع تكاليف المدخلات، في الوقت الذي تظل فيه جميع المشكلات الصناعية والسياسية التي تسببت في انخفاض قيمة العملة قائمة.

إن خفض قيمة العملة ليس وسيلة قابلة للتطبيق لإدارة اقتصاد عالمي متقدم؛ إنه أشبه بنوع من مسكن الألم الذي لا تدرك أنك تدمنه ببطء.

ولهذا السبب ترتبط الصرف المتقلبة والمتراجعة على المدى الطويل بحكومات ضعيفة وغير ناجحة.

ومن الصعب الاعتراف بذلك، لكن هذه هي الصورة التي يراها العالم لبريطانيا حالياً؛ ومع تعاقب ثلاثة رؤساء وزراء في السنوات الأربع الماضية، فإن لندن أصبحت تبدو مثل إيطاليا في مرحلة ما قبل برلسكوني.

وهذا النوع من الإدمان هو الخطر الحقيقي على المملكة المتحدة من الإسترليني ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نظرًا لأنها تؤثرعليها ببطء وغموض ولا يلاحظ أحد الاتجاهات طويلة الأجل في العملات.

وقد يكون هناك بعض القلق السياسي في المملكة المتحدة من احتمالية تراجع الإسترليني دون سعر التعادل مع اليورو ثم مع الدولار الأمريكي، ولكن هذا لن يكون موجوداً عندما تكون الحجة القائلة بأن "تخفيض قيمة العملة مفيد للاقتصاد" ثبت بطلانها بشكل حاسم.

وإذا انتصرت وجهة نظر ضعف الإسترليني، فإن البريطانيين سوف ينظرون للماضي بعد 50 عامًا ويتذكرون أنه كان هناك وقت يتم مقارنة بلادهم بمستويات الإنتاج والمعيشة في ألمانيا وفرنسا، وليس إيطاليا وإسبانيا.

مباشر (اقتصاد)