تحرير: سالي إسماعيل
مباشر: استقرت أسعار النفط في حالة من الروتين المؤقتة، مع بقاء خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت عالقين عند أسعار تدور حول نطاق الـ50 و60 دولاراً للبرميل على الترتيب.
وفشلت تهديدات انقطاع الإمدادات في الشرق الأوسط في دعم الأسعار في حين أن الانخفاض المستمر في الإنتاج والصادرات من جانب إيران وفنزويلا فشل كذلك في زيادة أسعار الخام، بحسب تحليل نشرته "أويل برايس".
ويرى محلل النفط لدى إينرجي أسبيكتس "فيريندرا تشوهان" في تعليقات مع شبكة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية، أن الأوضاع الجيوسياسية هي محرك رئيسي للأسعار، لكن المخاوف بشأن الطلب العالمي من الخام تحتل صدارة الاهتمامات الآن.
ويضيف أن إمدادات الدول الأعضاء في منظمة أوبك تراجعت بمقدار مليوني برميل يومياً، وهو ما يمثل أكثر وتيرة هبوط خلال عقد من الزمن، ومع ذلك لم تتحرك أسعار الخام تقريباً خلال الشهر الماضي.
ونمت الإمدادات النفطية للولايات المتحدة بشكل كبير للغاية خلال العامين الماضين وهو ما يعوض الكثير من تخفيضات مستويات الإنتاج التي تتبعها أوبك.
ولقد أصبحت هذه المسألة بمثابة مشكلة دائمة بالنسبة لمنتجي الخام من أوبك وحلفاءها، ومع ذلك فإن التباطؤ المفاجئ في الطلب يضاف إلى مأزقهم.
ونتيجة لذلك، فإن المخاوف المتعلقة بالطلب والمحيطة بالاقتصاد في بؤرة اهتمام التجار، حيث يقول "تشوهان" إن الطلب قد تباطأ بدون شك وهو ما يرجع بشكل كبير إلى الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
ويضيف أن مدى تأثير الحرب التجارية على تعطيل سلاسل التوريد العالمية يشكل مصدر القلق الأكبر بالنسبة للمستثمرين في الوقت الحالي.
وفشلت التوترات في مضيق هرمز في دفع أسعار النفط للصعود حتى الآن، بحسب مذكرة بحثية صادرة عن "كوميرزبنك".
ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى المخاوف المتعلقة بالطلب، لدرجة أن بيانات النمو الاقتصادي الأمريكي القوية لم تتمكن من تبديدها، وفقاً للبنك الألماني.
ولكن في الوقت نفسه، يرى "تشوهان" أن الطلب يمكن أن يكون عند الحد الأدنى في الوقت الحالي ويمكن أن يتعافى قليلاً في المستقبل خاصةً مع اندفاع البنوك المركزية لتيسير السياسة النقدية.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض معدلات الفائدة في خطوة ستكون الأولى من نوعها في غضون عقد من الزمن. (يذكر أن المركزي الأمريكي قرر خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مع إعلان الشهر المقبل موعداً لنهاية برنامج خفض الميزانية العمومية للبنك)
ويمكن أن يساهم خفض الفائدة في طمأنه الأسواق وتعزيز الأسهم والحفاظ على استمرار التوسع الاقتصادي، لكن هذا التوسع يمكن كذلك أن يكون بشكل ضعيف.
ويجادل رافضو خفض الفائدة بأن حقيقة قيام البنك المركزي بخفض معدلات الفائدة بعد أشهر فقط من زياداتها بمثابة أمر استثنائي وفي نهاية المطاف يشير إلى مخاوف شديدة بشأن الضعف الاقتصادي.
والأسوأ من ذلك أنه في حالة حدوث ركود اقتصادي أو أزمة مالية فإن أدوات الفيدرالي التي يجب أن يستخدمها ستكون قد نفذت.
ومع ذلك، فإن الأثر على المدى القصير ينظر إليه على أنه إيجابي بالنسبة لكل من الأسهم والسلع بما في ذلك خام النفط.
وبالعودة إلى الاقتصاد الحقيقي، فإن البيانات الأخيرة كانت مختلطة إلى حد ما، كما أظهرت بيانات نشرتها وكالة بلومبرج تباطؤاً إضافياً في الصين خلال يوليو/تموز.
وأبلغت الولايات المتحدة عن تباطؤ نمو الاقتصاد خلال الربع الثاني إلى 2.1 بالمائة فقط، وهي الوتيرة التي لا تزال جيدة لكنها أقل بكثير مقارنة مع 3.1 بالمائة المسجلة في الربع الأول.
لكن الأسوأ أن أرقام نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2018 تم تعديلها بالخفض من 3 بالمائة إلى 2.5 بالمائة فقط، ما يثير تساؤلات حول مدى قوة الاقتصاد الأمريكي بالفعل في الماضي القريب.
وفي الوقت نفسه، كان التضخم أعلى مما كان متوقعاً.
وقام المسؤولون الصينيون والأمريكيون استئناف المفاوضات التجارية هذا الأسبوع، لكن يبدو أن احتمالية التوصل لصفقة كبيرة يبدو أمراً غير مرجحاً على نحو متزايد.
وكتب "ليو لي قانغ" كبير الاقتصاديين الصينيين بـ"سيتي جروب" في هونج كونج خلال مذكرة أن التوقعات المستقبلية الاقتصادية للصين عن النصف الثاني من العام الجاري لا تزال ملبدة بغيوم مكونة من حالات عدم اليقين الشديدة بشأن العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة والتي تقيد بدورها استجابة واضعي السياسات الاقتصادية.
في حين أن الإنفاق الاستهلاكي يمثل نقطة مضيئة واحدة، كونه سجل أداءً قوياً، بينما تخيّم حالة من الركود الحاد على القطاع التصنيعي.
ويتمحور سؤالاً آخر حول مدى قدرة الإنفاق الاستهلاكي على إثبات استمرار أداءه القوي في المستقبل.
وبحسب مذكرة "كوميرزبنك"، فإن الأرقام الأخيرة أظهرت أن الاستهلاك الخاص كان قوياً للغاية خلال الربع الثاني.
ومع ذلك، يبدو أن المشاركين في السوق لا يتوقعون الحفاظ على هذا الأداء القوي بشأن الاستهلاك في الفصول القادمة.
ويقول البنك الاستثماري إن هذه المخاوف بشأن قوة الاقتصاد تفسر المراكز الاستثمارية الأخيرة من قبل المضاربين في قطاع النفط، والذين قللوا بشكل ملحوظ من صافي مراكزهم الشرائية الطويلة على خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط في التقرير الأسبوعي الأخير.
ويرى كوميرزبنك أنه إذا لم يتباطأ الاقتصاد أكثر من ذلك فيمكن أن تكون هذه المرحلة هي الحد الأدنى، قائلاً: "نرى أن ضعف الأسعار الحالي مبالغ، وهناك احتمالات محدودة لحدوث اتجاهاً هابطاً إضافياً".
وفي النهاية، فإن سوق النفط يعاني من نقص في المعروض من الخام خلال الوقت الحالي وليس تفاقم إمدادات الخام.
وربما يعاني السوق من نقص في المعروض، لكن المخاوف والارتباك والإشارات المختلطة بشأن الاقتصاد العالمي قد تحد من أيّ مكاسب في الأسعار على المدى القصير.