من: أحمد شوقي
مباشر: يبدو أن العالم أمام موجة كبيرة من خفض معدلات الفائدة هذا العام، في تحول ملحوظ نحو التيسير النقدي نتيجة لمخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي أثارتها العديد من العوامل التجارية والجيوسياسية.
واستهلت الأسواق الناشئة موجة خفض الفائدة مع تلمحيات من قبل البنوك المركزية في الاقتصاديات المتقدمة إلى اتجاههم نحو سياسة نقدية تيسيرية بسبب مخاوف النمو وتباطؤ التضخم.
وجاء صندوق النقد الدولي ليؤكد هذه المخاوف بشأن النمو الاقتصادي بعد خفض للمرة الرابعة لتوقعات نمو الناتج المحلي العالمي خلال الـ9 أشهر الماضية.
وتوقع "دويتشه بنك" عمليات خفض معدلات الفائدة في كافة أنحاء العالم، مع التحول نحو النهج الحذر من المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي.
ويرصد "مباشر" عمليات خفض الفائدة التي قامت بها البنوك المركزية حول العالم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.
وخلال يوليو/تموز الجاري، قامت عدة دول أغلبها من الأسواق الناشئة بخفض معدلات الفائدة.
وشهدت تركيا أقوي خفض لمعدل الفائدة بعد الضغط الذي مارسه الرئيس التركي رجب طيب أرودغان وإقالة محافظ البنك المركزي السابق، حيث قرر المركزي خفض معدل الفائدة بشكل حاد بلغ 4.25 بالمائة دفعة واحدة ليصل إلى 19.75 بالمائة بفارق كبير عن التقديرات.
وذكر البنك المركزي التركي إلى أن البيانات الأخيرة تشير إلى تعافي النشاط الاقتصادي كما أن هناك تحسناً في توقعات التضخم، مشيراً إلى أن تغير في البيانات الجديدة سيصاحبها تغير في موقف السياسة النقدية.
وفي روسيا، قرر البنك المركزي خفض معدل الفائدة الرئيسي بنحو 25 نقطة أساس إلى 7.25 بالمائة وفقاً للتوقعات.
وجاء عملية الخفض نتيجة لنمو أقل من المتوقع للنشاط الاقتصادي في روسيا منذ بداية العام، بالإضافة إلى تراجع معدل التضخم.
كما أشار المركزي الروسي إلى وجود مخاطر على النمو الاقتصادي مع القيود التجارية الدولية والعوامل الجيوسياسية.
وللمرة الأولى في منذ عام 2016، خفض البنك المركزي في كوريا الجنوبية معدل الفائدة بمقدار 0.25 بالمائة ليصل إلى 1.5 بالمائة.
ولجأت كوريا الجنوبية إلى خفض الفائدة مع زيادة المخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية والتي دفعت البنك المركزي لخفض تقديرات النمو للعام الجاري إلى مستوى 2.2 بالمائة مقابل التوقعات السابقة عند 2.5 بالمائة.
وبالنسبة لأندونسيا، فقد قرر البنك المركزي خفض الفائدة بنحو 25 نقطة أساس إلى 5.75 بالمائة، للمرة الأولى في عامين.
وجاء خفض الفائدة مع تباطؤ النمو الاقتصادي بالإضافة إلى آمال البنك المركزي في أن تساعد عملية الخفض في تقليل تأثير الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
وفي جنوب أفريقيا، خفض البنك المركزي معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 6.5 بالمائة.
ووافق صناع السياسة النقدية في المركزي الجنوب أفريقي على خفض الفائدة مع عدم اليقين بشأن اقتصاد الدولة الأفريقية الذي انكمش في الربع الأول بنحو 3.2 بالمائة.
ورغبةً في دعم الاقتصاد، قرر البنك المركزي الأسترالي خفض معدل الفائدة للاجتماع الثاني على التوالي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 1 بالمائة وهو أدنى مستوى على الإطلاق.
وذكر البنك المركزي في أستراليا أن تيسير السياسة النقدية سيدعم نمو التشغيل وسيوفر ثقة أكبر بأن التضخم متسقاً مع المستهدف على المدى المتوسط.
وبالنسبة لأوكرانيا، فقد خفض البنك المركزي معدل الفائدة للمرة الثانية هذا العام بنحو 50 نقطة أساس ليصل إلى 17 بالمائة، بأكثر من تقديرات المحللين.
وجاء خفض الفائدة في الدولة التي تعاني من أزمة اقتصادية وتنتظر صرف مساعدات صندوق النقد مع تباطؤ التضخم.
فيما خفض البنك المركزي في صربيا وباراجواي الفائدة بمقدار 0.25 بالمائة ليصل إلى 4.50 و2.75 بالمائة على التوالي.
أما في الشهر الماضي، فقد خفض البنك المركزي في الهند معدل الفائدة للمرة الثالثة هذا العام بمقدار 25 نقطة أساس إلى 5.75 بالمائة.
وقرر البنك خفض الفائدة مع تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع مستويات البطالة، مشيراً إلى أن الخفض سيدعم الجهود الرامية إلى تعزيز إجمالي الطلب وتنشيط الاستثمار.
كما خفض البنك المركزي في شيلي الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، ليصل إلى 2.50 بالمائة، بينما خفضت إيسلندا معدل الفائدة بنحو 0.25 بالمائة إلى 3.75 بالمائة.
وفي مايو/آيار الماضي، اتبع البنك المركزي في الفلبين نهج تيسيري بشأن السياسية النقدية ليقوم بخفض معدل الفائدة بنحو 25 نقطة أساس إلى 4.50 بالمئة، وهو نفس القرار الذي اتخذه البنك المركزي في ماليزيا ليصل معدل الفائدة إلى 3 بالمائة.
ويأتي قرار الفلبين على خلفية توقعات بأن معدل التضخم سيتراجع بعد أن نما الاقتصاد بأبطأ وتيرة في 4 سنوات خلال الربع الأول من هذا العام.
وشهد عدد من الاقتصادات النامية تخفيضات في معدلات الفائدة في الأشهر الأخيرة على خلفية ظروف السياسة النقدية العالمية الأكثر تيسيراً وهم وأنجولا وأذربيجان وكوستاريكا والسلفادور وجامايكا وموزمبيق وسريلانكا وطاجيكستان، وجمهورية الدومينكان وزامبيا.
قرارت تيسيرية مرتقبة
يعتبر قرار الاحتياطي الفيدرالي في الأسبوع المقبل هو الأكثر ترقباً من قبل الأسواق العالمية مع توقعات على نطاق واسع أن يقوم بخفض معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليتراوح بين 2 بالمائة إلى 2.25 بالمائة.
وأشار الفيدرالي في تصريحاته مؤخراً إلى خفض معدل الفائدة للحد من تباطؤ التضخم المستمر دون هدف البنك البالغ 2 بالمائة، بالإضافة إلى مخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي.
ويرى رئيس الفيدرالي الأسبق آلان جرينسبان أنه يجب على الفيدرالي أن يقوم بخفض تأميني للفائدة دون انتظار حدوث كارثة للاقتصاد لكي يقوم بتصرف.
وبالنسبة للمركزي الأوروبي فعلى الرغم من أنه قرر تثبيت معدل الفائدة في اجتماعه الأخير، إلا أنه ألمح إلى خفض الفائدة واتخاذ إجراءات تحفيزية لمواجهة تباطؤ التضخم.
ومع مخاوف تباطؤ النمو من المتوقع أن يخفض البنك المركزي في الهند معدل الفائدة إلى 5.5 بالمائة في الاجتماع المقبل في 7 أغسطس/آب بعد خفض الفائدة 3 مرات هذا العام.
كما أن البرازيل من المتوقع أن تخفض الفائدة لأول مرة منذ أكثر من عام خلال اجتماع السياسة النقدية الأسبوع المقبل، وفقاً لتوقعات "جولدمان ساكس".