تحرير: نهى النحاس
مباشر: يتجه البنك المركزي الأوروبي لتغيير توجهات سياسته النقدية في اجتماعه المرتقب الأسبوع الجاري، وإعلان نيته تقديم حزمة تدابير تحفيزية جديدة في سبتمبر/أيلول القادم.
ويشير تحليل لبنك الاستثمار "آي.إن.جي" إلى المؤتمر الصحفي الحذر للبنك المركزي الأوروبي بعد اجتماع السياسة النقدية في الشهر الماضي، والخطاب الذي يحمل لهجة تيسيرية من جانب ماريو دراجي في البرتغال، بالإضافة إلى عدم وجود دلائل واضحة بشأن احتمالية تحسن الآفاق الاقتصادية في منطقة اليورو قريباً.
وفي ظل هذه الظروف فإن الأمر سيكون صعباً للغاية بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي في إرسال رسالة متشائمة بدرجة كافية بدون توصيلها بشكل فعلي في اجتماع الأسبوع الجاري.
ولذلك فإن "آي.إن.جي" يرى أن المناقشة داخل مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي ستكون أكثر إثارة.
هل البنك سيستمر في رسائله المتشائمة أم سيتخذ إجراء؟
في الواقع، أوضح خطاب دراجي في البرتغال أن التساؤل المتعلق بالتوقعات قصيرة الآجل بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي لم يعد "ما هي المفاجأة السلبية التي يحتاجها المركزي الأوروبي لخفض معدل الفائدة؟"، ولكن بدلاً من ذلك "ما هي المفاجأة الإيجابية التي قد تمنعه حقاً من خفض معدلات الفائدة؟".
وهذه هي الكيفية التي يتم من خلالها قراءة تعليقات دراجي والتي - ومع غياب التطورات الاقتصادية - تشير إلى وجود حاجة لمزيد من التحفيزات.
ودفعت البيانات الاقتصادية خارج منطقة اليورو إلى جانب تكهنات أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفض الفائدة في اجتماعه في الشهر الجاري، البنك المركزي الأوروبي بوضوح نحو اتخاذ إجراء في الشهر الجاري بدلاً من الانتظار حتى سبتمبر/آيلول المقبل.
وبعد الإشارات المبدئية حول استقرار اقتصاد منطقة اليورو بنهاية الربع الأول من العام الجاري، فإن اقتصاد منطقة اليورو يبدو وأنه تراجع مجدداً.
كما أن الأمر الآخر المقلق هو أن هناك إشارات بشأن تحول الجزء المحلي القوي في الاقتصاد إلى التراجع أيضاً، وبشكل خاص وأن بيانات ألمانيا مقلقة مع تلاشي الزخم في سوق العمل وتراجع مبيعات التجزئة.
وبالتالي فإن السؤال الرئيسي بالنسبة لاجتماع الأسبوع المقبل هو ما إذا كان البنك المركزي الأوروبي بإمكانه تحمل انتظار 6 أسابيع أخرى قبل أن يقدم للأسواق تحفيزات نقدية جديدة أو ما إذا كان يجب أن يفاجئ الأسواق المالية بتدابير جديدة.
وفي الحقيقة، فإن المراقبون التقليديون للبنك المركزي الأوروبي يدافعون عن فكرة جمع المزيد من البيانات وانتظار إصدار بيانات النمو الاقتصادي عن الربع الثاني والتي ستصدر في منتصف أغسطس/آب والتوقعات المقبلة لفريق العمل داخل البنك المركزي الأوروبي، وبعدها فقط يتم اتخاذ القرار في اجتماع سبتمبر/آيلول.
ومع ذلك فإن سجل دراجي الحافل في سرعة التصرف ومحاولة أن يكون متقدمًا على الأحداث، يمكن أن يؤدي إلى تحرك جديد من البنك المركزي الأوروبي في اجتماع البنك في يوليو/تموز.
ولكن تعتبر الاحتمالات متقاربة بين تحرك البنك المركزي الأوروبي أو تفضيله الانتظار قبل إقرار أي تدابير جديدة، وهو ما لن يُحسم إلا في اجتماع الأسبوع الجاري.
ماذا نتوقع من اجتماع المركزي الأوروبي في الأسبوع الحالي؟
من أجل الإبقاء على التوازن بين التيسير والتشديد فإن الطريقة الأوروبية النموذجية حينئذ ستكون رفع اللهجة التيسيرية مجدداً، ولكنها ستكون المرة الأخيرة التي سيتحدث فيها المركزي الأوروبي دون اتخاذ إجراء حقيقي.
وفي هذا الصدد فإن الطريقة الوحيدة التي من الممكن بها تغيير الإرشادات التوجيهية المستقبلية للبنك المركزي الأوروبي هي أن يقول إن معدل الفائدة "سيبقى عند مستوياته الحالية أو عند مستويات أقل"، والإعلان المسبق لخفض الفائدة في سبتمبر/آيلول المقبل وتلميح واضح بأن البنك يفكر مجدداً في التيسير الكمي.
وسيسمح ذلك التوجه للبنك المركزي الأوروبي بجمع المزيد من البيانات، وفي حال أصبحت بيانات الاقتصاد الكلي مخيبة للآمال بشكل أكبر فإنه يمكنه خفض معدل الفائدة على الودائع بمقدار 20 نقطة أساس في سبتمبر/آيلول وتقديم نظام لترتيب التسهيلات على الودائع وربما إعادة تنفيذ برنامج للتيسير الكمي.
وتغيرت وجهة النظر التي كانت موجودة في الماضي وهي أن البنك المركزي الأوروبي سوف يفضل تقديم تحفيزات جديدة وفقاً لخطوات صغيرة وبالتتابع.
وأشار فيلب لين في أول خطاب شامل بشأن السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي بصفته كبير للاقتصادين في المركزي الأوروبي إلى حزمة من التدابير بدلاً سلسلة من الخطوات الفردية المتتابعة.
وهذا يعني أنه بدلاً من التحركات التدريجية، يبدو أن البنك المركزي الأوروبي يتجه نحو عمل أكثر جرأة وحسماً.
وإذا كنا مخطئين والبنك المركزي الأوروبي يرغب في تحفيزات نقدية جيدة، فإن اجتماع الأسبوع الجاري سيقدم خفضاً لمعدل الفائدة، وإشارة واضحة بأن التيسير الكمي قد يبدأ في سبتمبر/آيلول.
حديث أخير قبل التنفيذ
ويرى "آي.إن.جي" أن البيانات الأخيرة للاقتصاد الكلي المخيبة للآمال والمؤشرات الأولية التي تشير إلى أن مرونة الاقتصاد المحلي تتعثر، والخفض المحتمل لمعدل الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب استمرار التصريحات المتشائمة من مسؤولي البنك المركزي الأوروبي منذ خطاب دراجي في سينترا البرتغالية، دفعت جميعها البنك المركزي الأوروبي إلى نقطة اللاعودة.
والسؤال الوحيد هو ما إذا كانت الكلمات وحدها ستكون كافية، ويبدو وأن البنك المركزي الأوروبي سيحاول الاكتفاء بالحديث للمرة الأخيرة قبل التحرك الفعلي في سبتمبر/آيلول، ومع ذلك يظل الخطر الذي يهدد هذا التوقع هو أن يحاول ماريو دراجي مفاجأة الأسواق المالية وهو ما حدث سابقاً.