حرب ناقلات تلوح في أفق الخليج العربي

من: محمود جمال

مباشر: من وقت لأخر يتكرر الهجوم على سفن نقل النفط بالقرب من مضيق جبل هرمز وهو ما ينبأ بعواقب وخيمة على اقتصاديات المنطقة العربية ويعيد للأذهان التوترات الإقليمية القوية و"حرب الناقلات" التي شهدتها ثمانينيات القرن الماضي.

واحتجزت مشاة البحرية الملكية البريطانية ناقلة النفط "جريس 1" الإيرانية، الأسبوع الماضي، قبالة إقليم جبل طارق التابع لبريطانيا للاشتباه في نقلها نفط إلى سوريا؛ وهو ما اعتبرته تحديًا للعقوبات الأوروبية وبعدها أفرجت المملكة المتحدة عن السفينة.

ولم يكن ذلك العراك الأول بهذا الصدد، ففيي منتصف يونيو/ الماضي، حيث تلقى الأسطول الخامس الأمريكي المتمركز في البحرين نداءات استغاثة من ناقلتي نفط قال إنهما تعرضتا إلى هجوم في خليج عمان بالقرب من مضيق هرمز.

ولم يخلو شهر مايو/ من العام الجاري من هذا التصعيد الذي يوجه فيه الاتهام الأول لـ"إيران"، حيث تعرضت أربع سفن، ناقلتا نفط سعوديتان وناقلة نفط نرويجية وسفينة شحن إماراتية لأضرار في "عمليات تخريبية" قبالة إمارة الفجيرة والتي تقع قريبة من مضيق هرمز.

والتفجيرين الأخيرين في خليج عُمان قفزا بسعر النفط بنسبة 4 بالمائة خلال أقل من 24 ساعة.

Image result for oil tankers in the gulf

حرب الناقلات

 وكل تلك الاحداث أعادت للأذهان والمتابع للشأن الاقتصادي حرب الناقلات  التي عُرفت في ثمانينيات القرن الماضي وتحديدا ما بين عامي "1980-1988" إذ اشتعلت حرب الناقلات بين إيران والعراق وحلفائهما، واستهدفت في تلك الفترة الزمنية، 543 ناقلة نفط وسفينة في مياه الخليج، بينها 160 سفينة أمريكية استهدفتها إيران، وإغراق أكثر من 250 ناقلة نفط عملاقة.

وقال خبراء لـ"مباشر" إن توالي الأحداث والتي جاءت على أشهر متتالية ووقعت قرب مضيق هرمز الحيوي لصادرات النفط العالمية ينبأ بتكرار حرب الناقلات من جديد، مشيرين إلى أنه يمثل بتهديد حركة الملاحة والذي قد يؤدي فقط إلى جنون النفط.

وأكدوا أن ما يحدث يرفع من التوقعات بالمزيد من الهجمات التي ستؤدي بالنهاية لتوقف كلي لصادرات النفط إلى أسواق الاستهلاك الرئيسية في عدد من الدول الصناعية.

ومن الجدير بالذكر أن 20 بالمائة من الصادرات النفطية التي تمر عبر مضيق هرمز قادمة من والإمارات والكويت وقطر.

 وأوضح الخبراء إن ما يحدث  سيؤثر بشكل تلقائي أيضا على الوجهة الأساسية للصادرات النفطية السعودية والخليجية التي تتجه حاليا إلى دول شرق وجنوب شرق آسيا وفي مقدمتها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية.

واليابان تستورد يوميا 3.5 مليون برميل يوميا تشكل نسبة النفط السعودي منها 40 بالمائة والخليجي أكثر من 70 بالمائة. وتستورد الصين يوميا أكثر من 8 ملايين برميل يشكل النفط السعودي لوحده نسبة 14 بالمائة منها.

والذي يزيد من الأثار السلبية لتلك الحوادث أنها أتت في وقت تعمل الصين والهند وكوريا الجنوبية على زيادة وارداتها النفطية من السعودية ودول عربية أخرى كالعراق للتعويض عن توقفها عن شراء أكثر من مليون برميل نفط إيراني يوميا خوفا من العقوبات الأمريكية ضد المتاجرة بهذا النفط.

Related image

إرهاصات حرب

وبدوره أكد مدير عام أوراق للاستشارات الاقتصادية أن تلك الأحداث أعادت إرهاصات الحرب من جديد مع استهداف أيران المتعمد لناقلات النفط العربي وإشارة الولايات المتحدة لعدم تدخلها إلا في حالة تعرض مصالحها بصورة مباشرة.

وأوضح أحمد الإمام أن تلك الأحداث تهدف منها إيران إعادة التفاوض بشأن تحسين الوضع التجاري لها في ظل الوضع الاقتصادي الصعب وارتفاع أسعار المنتجات المستوردة من 3 الى 5 أضعاف.

ويعتقد أن محاولة ايران للتفاوض  وشح العديد من المنتجات لديها يجعل نشوب حرب مباشرة أمر مستبعد في الوقت القريب.

ولفت إلى أن التأثير التجاري لهذه الأحداث ربما يمتد لسنوات بعد نهايتها بسبب التفكير الجدى في تنوع طرق تصدير النفط وتأمينه من المنطقة الى المستهلكين وتأثير ذلك على إمدادات وأسعار النفط .

وأضاف إن ارتفاع أسعار التأمين والنقل البحري في المنطقة بلغ مستويات قياسية، متوقعا  تأثر معدلات النمو لدول المنطقة في حالة زيادة معدل الهجمات بدون رد رادع.

وأشار إلى أن ذلك سيؤثر على التعاقدات المستقبلية ويخفض من حجم صادرات النفط وما له من تأثير ملحوظ على وضع الموازنة العامة والإنفاق العام المرتبط بصوره رئيسيه بعائدات النفط في تلك الدول.
Image result for oil tankers in the gulf

كارثة قاسية

ومن جانبه، أكد محمد مهدي عبد النبي الخبير الاقتصادي لـ"مباشر" أن عرقلة فعلية لإمدادات النفط أو توقفها بشكل جزئي من منطقة الخليج عبر مضيق هرمز ينذر بكارثة قاسية قد تكون الأكير منذ الحرب العالمية الثانية.

وأوضح أن تلك الكارثة أو الأزمة ستكون موجهة لدول جنوب شرق آسيا وفي مقدمتها اليابان والصين وذلك لان دول الخليج من أكبر مصدري النفط لتلك الدول.

ولفت إلى أن هناك خطر فادح سيلحق بتعطل إمدادات الدول العربية المصدرة وفي مقدمتها السعودية التي تصدر يوميا أكثر من 7 ملايين برميل.

وأما لـ"إيران" أوضح أن تكرار تلك الأحداث سياسهم في توقف صادرات النفط التي تشكل ما لا يقل عن 40 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأشار إلى أن "إيران" أيضا ستشهد آثارا سلبية في مجال التجارة الخارجية والتي ليس لها علاقة بالنفط والتي تمر عبر موانئ "طهران" والتي تقع على الخليج أو مقابل بحر عُمان.

فرصة ذهبية

وعلى العكس ففي حال تكرار  عرقلة أو توقف الإمدادات عبر مضيق هرمز. بين محمد مهدي أن تلك الدول الآسيوية سوف يكون أمامها أسماء لامعة في عالم النفط عالميا وبالمقدمة والتي ليس لديها إمكانية لزيادة الصادرات حاليا بشكل يسد النفص المحتمل.

وأوضح أن من تلك الأسماء فنزويلا ونيجيريا وليبيا  والتي من المرجح أن تكون فرصتهم ضعيفة وسط النزاعات الداخلية والتي تمثل عائقا أمام تلك الدول في اقتناص تلك الفرصة الذهبية.

وقال إن  العراق من تلك الدول والتي تمرر نفطها عبر الانابيب بتركيا، لافتا إلى أن الميدان أصبح متسعا للنفط الأمريكي وذلك بعد تأكدها من قدراتها على زيادة الصادرات النفطية.

وتأتي لك الأحداث في وقت يخوض الرئيس الأمريكي منذ أشهر هجوما ضاريا على منظمة "أوبك" التي تعد السعودية ودول خليجية أخرى بهدف كسر احتكار المنظمة لسوق النفط العالمي.

وفقا لتقارير صحفية، فإن الولايات المتحدة رفعت إنتاجها مؤخرا إلى أكثر 12.3 مليون برميل يوميا لتتفوق بذلك على روسيا والسعودية.

ويجدر الإشارة إلى أن الاحتياطي الأمريكي البالغ أكثر من 470 مليون برميل حاليا يكفي لإمداد السوق العالمية بأكثر من مليوني برميل يوميا على مدى أكثر من سبعة أشهر.

Image result for oil tankers in the gulf

أهم المحطات

وتاريخيا كانت أهم محطات حرب الناقلات الاتي: ففي العام 1982 استهداف العراق ناقلة نفط تركية، خلال نقل النفط الإيراني في المياه الخليجية، كما استهدف بنهاية العام ذاته ناقلة نفط يونانية.

وبعدها ففي العام 1984 استهدفت بغداد الموانئ الإيرانية في جزيرتي خارك وسيري، وفي المقابل استهدفت القوات الإيرانية ناقلة نفط كويتية بالقرب من المياه القطرية.

وأقنعت الكويت الولايات المتحدة بتوفير الحماية لناقلاتها وهو ما أدخل الولايات المتحدة في حرب مباشرة، وبدأت السفن الحربية الأمريكية في حراسة الخليج وذلك في العام 1987 .

وعلى ذات صعيد الحرب هاجمت مقاتلات عراقية، سفينة " USS Stark" ظنا منها أنها سفينة حربية إيرانية، ما أدى إلى مقتل 37 بحارا أمريكيا وذلك في منتصف عام 1987.

وفي العام 1988 استهدفت البحرية الأمريكية عددا من منشآت إيران النفطية في مياه الخليج. بعد ذلك، بدأت إيران بتفخيخ الخليج بألغام مضادة للسفن، وقد أصيب بها عدد من السفن، من بينها سفينة "USS Samuel B. Roberts" الأمريكية.

إلى ذلك، شن القراصنة الصوماليون، أكثر من هجوم على السفن في تلك المنطقة، أبرزها في عام 2010، باختطاف ناقلة نفط كورية جنوبية في خليج عدن، وفي منتصف العام نفسه، وقع هجوم على ناقلة نفط روسية، واختطفت في خليج عدن.

وفي العام 2011، اختطف قراصنة صوماليون ناقلة نفط إيطالية في بحر عمان.

ترشيحات:

500 وظيفة شاغرة بانتظار المواطنين بدبي وأبوظبي

تقرير: الإمارات أكثر بيئات الشركات الناشئة نشاطاً بالمنطقة

"دبي التجاري" يُعلق على صفقة سبينيز مصر

مباشر (اقتصاد)