تحرير: نهى النحاس
مباشر: أُتيحت الفرصة أمام جيروم باول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي لمقاومة كل من متداولي السندات الشرهين ومسؤولي إدارة دوناد ترامب اللذين ينادون بخفض معدل الفائدة.
وتلقى جيروم باول دعماً من أجل تحقيق ذلك تمثل ليس فقط في بيانات أظهرت قوة سوق العمل ولكن أيضاً في دعم الرؤساء الإقليميين لبنك الاحتياطي الفيدرالي مثل لوريتا ميستر وباتريك هاركر الذان دعا في الشهر الجاري بالفعل إلى تثبيت معدل الفائدة.
ويشير مقال نشرته وكالة "بلومبرج أوبنيون" إلى أن باول بدلاً من ذلك أكد لسوق السندات والرئيس الأمريكي على السواء عبر ملاحظات معدة مسبقاً أن خفض معدل الفائدة بمقدار 0.25 بالمائة في نهاية الشهر الجاري هو شيء مؤكد.
وبدلاً من أن يبرز باول جوانب القوة في الاقتصاد الأمريكي بدا وأنه يبذل كل الجهد الممكن لتحديد كل المخاطر المحتملة وأوجه القصور.
ويقول جاي ليباس رئيس استراتيجية الدخل الثابت لدى "جاني كونجميري سكون" إن باول لم يضع وقتاً في التغاضي والإساءة لأداء النصف الأول من العام الجاري.
وقال باول في شهادته أمام الكونجرس: "أداء الاقتصاد كان معقولاً على مدار النصف الأول من العام الجاري، والنمو الحالي دخل عامه الـ11، ومع ذلك فإن معدل التضخم أدنى مستهدف لجنة السوق المفتوحة عند 2 بالمائة، والتيارات المعاكسة مثل التوترات التجارية والمخاوف بشأن النمو العالمي تضغط على النشاط الاقتصادي والتوقعات".
وتعتبر تصريحات باول متشائمة بأكثر من المتوقع، مع التركيز على التوترات التجارية وتباطؤ النمو الاقتصادي وما قد يعنيه ذلك النوع من عدم اليقين بالنسبة للولايات المتحدة.
وتابع باول: "هناك مخاطر بشأن ضعف التضخم أكثر مما نتوقع في الوقت الحالي"، ويعد ذلك تغيراً مفاجئاً في لهجة الفيدرالي.
وبطريقة ما فإن ذلك هو ما توقعته الأسواق طوال تلك الفترة، حيث كانت احتمالات خفض معدل الفائدة بمقدار ربع درجة مئوية في نطاق 100 بالمائة منذ بيانات الوظائف الأمريكية في الأسبوع الماضي.
ولكن تحركات باول الأخيرة غير الواضحة تجاه سياسة تيسيرية والتي تعتقد أن إقرار "خفضاً تأميناً" لمعدل الفائدة هي أمر ضروري تعتبر معلومة جديدة.
وحتى تصبح الأمور واضحة فإن خفض الفائدة المحتمل لم يعد بمثابة تلميح وإنما إعلان.
وكان باول لديه فرصة حقيقية عبر شهادته تلك لزعزعة قناعة متداولي السندات التي تصل لـ100 بالمائة بشأن خفض الفائدة، بل ربما كان هو عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الوحيد الذي لديه القدرة لتحقيق ذلك.
ويتخيل المقال حوار يدور بين اثنين من المتداولين في محاولة لكسر توقعات قناعة المستثمرين عند الـ100 بالمائة، حيث يراهن أحدهم على أن الفيدرالي لن يخفض معدل الفائدة في الشهر الجاري بينما يراهن الأخر على عكس ذلك حيث يرى أن الأسواق مسعرة 100 بالمائة على تلك الفرصة.
وفيما يرد المستثمر الذي يبدو متردداً بشأن حتمية خفض الفائدة على أن مخاوفه بشأن إمكانية عدم حدوث ذلك تعود إلى بيانات الوظائف الأمريكية القوية وتصريحات مسئولي الفيدرالي التي تشير إلى عدم وجود توافق كامل لخفض معدل الفائدة، فضلاً عن المكاسب القياسية في سوق الأسهم.
ويجيب المتداول الثاني على تلك الحجج بأن الأسواق لاتزال مسعرة بالكامل على خفض الفائدة في نهاية الشهر، ليكون تعليق المتداول الأول على ذلك بأنه سينتظر فقط ليرى ما إذا كانت تلك الراهنات ستنخفض أدنى 100 بالمائة قبيل الرهان عليها.
ومن الواضح أن تلك الأنواع من المحادثات على منصات التداول في جميع أنحاء العالم لا تنتهي بأن يتخذ الخطوة الأولى نحو تحديد سعر الفائدة، فهذا النوع من الجمود يتطلب شخصًا مثل باول لكسره، ولكن ذلك لم يحدث.
ومن الصعب أن يتم تحديد ما الذي أقنع باول بالتحديد لتيسير السياسة النقدية عاجلاً وليس آجلاً.
والبعض قد يستشهد بتصريحه الذي قال فيه "الوقاية خيراً من العلاج" كدليل على أنه كان يميل تجاه خفض معدلات الفائدة في يوليو/تموز.
ولكن توقعات بنك أوف أمريكا وبلومبرج كانت تشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يثبت الفائدة في الشهر الجاري، كما اعتبر سيتي جروب إن فكرة حتمية خفض الفائدة غير صحيحة.
والأمر يستحق أن نشاهد ما هي إجابات باول على الأسئلة بشأن استقلالية الفيدرالي وقدرته على تحمل الضغوط السياسية، ولا يوجد مفر للهرب من حقيقة أن بنك الاحتياطي الفيدرالي على وشك خفض معدل الفائدة بعد أشهر من مطالبة الرئيس دونالد ترامب بذلك حيث أن طوال الوقت يسخر من صناع السياسة النقدية لكونهم جهلاء، مدعياً القدرة على الإطاحة بباول أو معاقبته.
ويرى البيت الأبيض أن أداء سوق الأسهم يعبر عن قوة الاقتصاد، وبفضل تصريحات باول نجح مؤشر "ستاندرد أند بورز" يوم الأربعاء الماضي في تجاوز مستوى 3000 نقطة لأول مرة في تاريخه.
والجدال بشأن خفض معدل الفائدة في نهاية الشهر الجاري انتهى، والآن سيتجه المستثمرين نحو التفكير في ما إذا كان الفيدرالي قادر بالفعل على تنفيذ خفضاً واحداً لمعدل الفائدة من أجل تأمين الاقتصاد ضد أي مخاطر هبوطية، أو ما إذا كان ذلك بداية دورة تيسيرية ممتدة قد تدفع عوائد السندات الأمريكية مجدداً لأدنى مستوياته على الإطلاق.