تحرير: نهى النحاس
مباشر: إنه شعور غريب أن تشاهد خطتك يتم استخدامها في عكس ما كنت ترغب فيه منذ البداية، يقول "يانيس فاروفاكيس" وزير المالية اليوناني السابق.
ويوضح "فاروفاكيس" عبر مقال نشرته "بروجيكت ساينديكيت" أن هذا الشعور تولد لديه منذ أن علم بأن الحكومة الإيطالية تخطط لصياغة مختلفة للسياسة النقدية التي اقترحها لليونان في 2015.
ما هو نظام المدفوعات الموازي؟
ويشير فاروفاكيس إلى أن فكرته كنت تأسيس نظام مدفوعات رقمي مدعوم من الضرائب يهدف لخلق حيز مالي في دول منطقة اليورو التي تحتاج إليه مثل اليونان وإيطاليا.
وفي المقابل فإن الخطة الإيطالية ستستخدم نظام مدفوعات موازي "لتفتيت منطقة اليورو".
ووفقاً للمقترح الأصلي لـ"فاروفاكيس" فإنه سيتم تزويد كل رقم ملف ضريبي يخص الأفراد أو الشركات بشكل تلقائي بحساب الخزانة ورقم تعريفي شخصي لنقل الأموال من حساب خزانة إلى أخر أو لإعادته إلى الدولة.
وحدد ذلك النظام طريقة واحدة للائتمان في تلك الحسابات عبر سداد الأموال المتأخرة داخلها، ويمكن لدافعي الضرائب اللذين يدينون بأموال للدولة أن يختاروا كل أو جزء ليتم دفعه في حسابات الخزانة الخاصة بهم بشكل فوري، بدلاً من الانتظار لأشهر حتى يتم دفعها بشكل طبيعي.
وبمثل تلك الطريقة يمكن إلغاء كافة المتأخرات دفعة واحدة وبذلك تحرير السيولة عبر الاقتصاد.
وعلى سبيل المثال في حالة افتراض وجود شركة "أ" دائنة للدولة بقيمة مليون يورو (1.1 مليون دولار)، في حيت أنها مدينة بـ30 ألف يورو لموظف و500 ألف يورو للشركة (ب).
وبافتراض أيضاً أن الموظف والشركة (ب) مدينين بملغ 10 آلاف و200 ألف يورو على الترتيب للدولة في هيئة ضرائب، فإنه في حالة إضافة مليون يورو من جانب الدولة إلى حساب الخزانة الخاص بالشركة (أ) لتقوم الأخيرة بدفع مستحقات الموظفين والشركة (ب) عبر ذلك النظام، فإن هذا النظام سيتمكن في تلك الحالة من تسوية تأخيراتهم الضريبة، وسيتم التخلص من 740 ألف يورو من المتأخرات على الأقل دفعة واحدة".
كما أن الأفراد والشركات بإمكانهم الحصول على حسابات خزانة بشكل مباشر من موقع مصرفي أو من الدولة، كما أن الدولة من الممكن أن تجعل من الأمر ذو قيمة بالنسبة لهم بعرض خصومات ضريبية كبيرة للمشتريين.
وخلاصة تلك الفكرة هي خلق سوق دين عام بدون وسيط سيسمح للدولة باقتراض كميات صغيرة ومتوسطة وكبيرة من القطاع الخاص في مقابل خصومات ضريبية.
النقد الموجه للفكرة
ويشير وزير مالية اليونان الأسبق إلى أنه حينما ناقش الفكرة للمرة الأولى، طعن المدافعون عن الوضع الراهن على شرعية النظام المقترح، مجادلين بأن ينتهك المعاهدة المؤسسة لليورو.
ويتابع فاروفاكيس: "أما عن نصائح الخبراء التي تلقتها فإنها أشارت إلى أن هذا النظام اجتاز الموافقة القانوني.
ولدى جهات الخزانة في الدول الأعضاء في منطقة اليورو السلطة لإصدار أدوات دين حسب رغبتها، وقبولهم بدلاً من الضرائب، كما أنه أمر جيد من الناحية القانونية بالنسبة للمؤسسات الخاصة للتداول بين بعضهم بأي رمز يختاروه.
أما الوضع غير القانوني يمكن أن يظهر فقط في حال أن أجبرت الحكومة الجهات البائعة على قبول الائتمانات الرقمية كمدفوعات، و"هو شيء لم يكن في نيتي على الإطلاق".
ولكن جاء رد فعل مختلف تماماً عن المقترح من هؤلاء اللذين أرادوا التخلص من اليورو كعملة موحدة ولكن ليس بالضرورة كعملة مشتركة.
و"نظر رئيس الاقتصادين السابق في أحد البنوك الكبرى وتعرف في مقترحي على مخططه الخاص للعملة الموازية التي قد تستخدمها إيطاليا واليونان وباقي أعضاء منطقة اليورو المتعثرين لدفع المرتبات والتأمينات".
وأضاف: "أجبت بأن العملة الموازية شيء غير مرغوب فيه وعديم القيمة على السواء حيث أنها قد تؤدي إلى تخفيض حاد في قيمة العملة المحلية الجديدة والتي من خلالها سيتلقى معظم الأشخاص مستحقاتهم، في حين أن الديون العامة والخاصة ستبقى مقومة باليورو، وهوا ما قد يؤدي للإفلاس السريع وبالتبعية زوال منطقة اليورو".
كما كان هناك أخرون جادلوا بأن الإعلان عن أي نظام مدفوعات موازي سيؤدي إلى تسارع الأفراد إلى سحب أمولهم من البنوك وهروب رأس المال الذي يدفع الدولة للخروج من منطقة اليورو دون الأخذ في الاعتبار نواياها.
ويتضمن ذلك التخمين على حقيقة هامة وهي "أن نظام المدفوعات الذي افترضته فد يخفض تكاليف خروج اليورو".
تطورات الأوضاع حال تنفيذ المقترح
"وبالفعل، في حال تنفيذ مقترحي بتطبيق النظام الموازي القائم على اليورو في يونيو/حزيران 2015 حينما أغلق المركزي الأوروبي البنوك اليونانية بهدف ابتزاز شعبها وحكومتها لقبول برنامج الإنقاذ الثالث فإنه كان من الممكن الحصول على نتيجتين".
أولاً: المعاملات النقدية كانت ستنتقل بشكل ضخم من النظام المصرفي إلى نظام حساب خزانة معتمد على نظام مدفوعات عام، ويخفض ذلك بشكل أساسي من قوة المركزي الأوروبي.
وثانياً: إثبات أن الحكومة تستطيع بضغطة زر تحويل نظام الدفع الجديد باليورو إلى عملة جديدة.
وهنا يتضح سؤال هل كان من شأن هذا النظام أن يؤدي إلى سحب الهيمنة من اليورو إلى الدراخما (عملة اليونان قبل تبني اليورو) أو أنها كانت ستدفع مقرضي اليونان من المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، للتفكير مرتين قبل أن يغلقوا بنوك اليونان أو يصدروا تهديدات لها.
وتعتمد الإجابة على سياسة كلا الجانبين، وبهذا المعنى فإن نظام الدفع الموازي هو نظام محايد: يمكن استخدامه لدعم منطقة اليورو بنفس الفعالية التي يمكن نشرها لتفتيته.
وفي الحالة التي يقدمها وزير مالية اليونان السابق فإن الفكرة كانت الإبقاء على اليونان ضمن منطقة اليورو باستخدام قوة مساومة إضافية يوفرها نظام الدفع الموازي للتفاوض بشأن قيود الديون التي تظهر الحاجة إليها لإحياء النمو الاقتصادي والحرص على وجود استدامة نقدية طويلة الآجل.
وطالما وجود الدائنين لليونان أن تكاليف استبدال العملة منخفضة، فإنهم كانوا سيفكرون مرتين قبل التهديد بخروج اليونان من منطقة اليورو.
ما الفرق بين النظام الإيطالي ونظيره اليوناني؟
"وهذا يقودنا إلى إيطاليا، هناك اختلافات فنيان بين النظام الذي صممته وسندات الخزانة المصغرة المُخطط لها في إيطاليا"، يقول الوزير اليوناني.
أولاً: "سندات الخزانة المصغرة سيتم طباعتها على الورق وهو الأمر الذي أرفضه تماماً، فالنظام المقترح سابقاً كان إلكترونياً لتأكيد الشفافية التامة وتفادي أي ضغوط تضخمية".
أما السبب الثاني فهو أن ذلك النوع من السندات سيكون معفي من الفائدة ودائم وبدون تخفيضات ضريبية مستقلة.
ويتابع: "الكن الفرق الحيقي بين تصميمي والمقترح الأخر في إيطاليا يظل سياسياً، نظام الدفع الموازي الذي اقترحته كان مصمماً لاستخدام انخفاض تكاليف الخروج من منطقة اليورو لإنشاء مساحة مالية جديدة والمساعدة في تحضر الاتحاد النقدي، أما النظام الإيطالي فهو الخطوة الأولى تجاه وضع النهاية للاتحاد الأوروبي".