أخبار عاجلة

ورشة المنامة... إصرار أمريكي ومقاومة فلسطينية

الورشة التي تحمل اسم "السلام من أجل الازدهار"، وتعرف بكونها الشق الاقتصادي لـ"صفقة القرن"، تنطلق أعمالها مساء اليوم الثلاثاء، بغياب فلسطيني وحضور عربي لافت.

ومنذ أمس، يتظاهر آلاف الفلسطينيين في رام الله وغزة والضفة، وشهدت العديد من المناطق الفلسطينية إضرابًا عامًا وسلسلة من الاحتجاجات العنيفة.

فلسطينيون يشاركون في احتجاج على ورشة عمل البحرين لخطة السلام الأمريكية في رام الله في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل

© REUTERS / MOHAMAD TOROKMAN

الرفض الفلسطيني الذي تواجهه ورشة البحرين بشكل خاص، وصفقة القرن بشكل عام طرحت تساؤلًا مفاده: "إلى أي مدي قد ينجح في تمرير صفقته".

مؤتمر اقتصادي

يهدف المؤتمر، الذي يعقد على مدار يومين، إلى جمع حوالي 50 مليار دولار أمريكي، خلال 10 سنوات، لدعم الاستثمار في الأراضي الفلسطينية.

وأعلن الرئيس الفلسطيني، في أكثر من مناسبة، معارضته لهذا المؤتمر، الذي يعتبر جزءا من خطة صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره جاريد كوشنر، ومساعد الرئيس، الممثل الخاص للمفاوضات الدولية، جيسون غرينبلات.

مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، الولايات المتحدة

© AP Photo / Pablo Martinez Monsivais

ويعتبر الجانب الأمريكي أنه، من خلال جمع الأموال في المؤتمر، يمكن توفير مليون فرصة عمل للفلسطينيين، وإنشاء ممر نقل بين الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين من قبل إسرائيل، منذ العام 1967.

وتفتتح ورشة المنامة أعمالها مساء الثلاثاء في فندق فخم في عاصمة المملكة الخليجية الصغيرة، على أن تستمر حتى الأربعاء، ويترأس أعمال المؤتمر جاريد كوشنر، مستشار ترامب.

وستكون هذه المرة الأولى التي يعرض فيها جزء من الخطة بشكل علني، علما أن الشق السياسي منها لن يكشف عنه قبل تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.       

ومن بوابة الاقتصاد، تجمع الإدارة الأمريكية مسؤولين من دول خليجية وعربية مع مسؤولين غربيين وممثلين لإسرائيل التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع البحرين.

وسيشارك في المؤتمر وزراء ومسؤولون ماليون من دول خليجية، بالإضافة إلى وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد.

موقف شعبي

الدكتور أيمن الرقب، القيادي في حركة فتح، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، قال إن "هناك عدة معوقات أمام صفقة القرن، المزمع طرح جانبها الاقتصادي اليوم في مؤتمر المنامة، أهمها حل الكنيست الإسرائيلي وإجراء الانتخابات في سبتمبر المقبل، وانتظار تشكيل في نوفمبر".

جاريد كوشنر

© AP Photo / Susan Walsh

وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "على الجانب العملي، اتفق نتياهو مع ترامب ومجموعته بالبدء في تنفيذ جزء من الشق السياسي من الصفقة، كاعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وضم أجزاء من الجولان ومن الضفة لتل أبيب".

وتابع:

تبقى الخطة الأمريكية في جانبها الاقتصادي مطروحة في ورشة المنامة، وبحسب تفاصيل هذا الجانب تحاول أمريكا على مدار 10 سنوات تطبيقها، بتوفير 50 مليار دولار لبعض المشاريع الاستثمارية.

وأكد أن "أمريكا تحاول الترويج بأن الهدف الأساسي من الصفقة تحقيق الازدهار في المنطقة، لكن في حقيقة الأمر هي تستهدف شطب ملفات عدة في القضية الفلسطينية، من ضمنها قضية اللائجين، وبالتالي يكون هناك عملية توطين في بعض الدول".

وبشأن إمكانية نجاح ترامب في تمرير الصفقة، قال السياسي الفلسطيني إن "الرهان الأساسي على الشعب الفلسطيني، الذي يمكنه أن يفشل ذلك عن طريق إرادته، فمنذ احتلال فلسطين، أجهض الشعب العديد من المشاريع التي تم طرحها، رغم عدم وجود كيان فلسطيني، لكن كان هناك موقف فلسطيني موحد رافض".

ومضى قائلًا: "أما على الأرض، فيعيش قرابة الـ 6 ملايين فلسطيني يستطيعوا أن يغيروا المعادلة، فالتعويل على الشعب الفلسطيني رغم الانقسام والمشاكل الحادة المشتعلة، إلا أن الشعب متقدم على قيادته ويستطيع أن يفعل شيئًا أفضل منهم".

مقاومة فلسطينية

البحرين المنامة

© AFP 2019 / MARWAN NAAMANI

من جانبه قال الدكتور خالد البطش، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الفلسطينية، قال إن "مؤتمر البحرين يعد جزءًا من خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، وفتح الطريق واسعًا أمام كل العرب لتمرير مشاريع مشابهة".

 وأضاف في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، أن "الشعب الفلسطيني، يدين تلك الخطوة البحرينية وتعتبر المؤتمر مجرد جس نبض أمريكي للمنطقة العربية كلها، لاختبار إمكانية تصفية القضية الفلسطينية"، مشيرًا إلى أن "الأراضي الفلسطينية غير قابلة للبيع لا بمليارات الدولارات، أو بالوعود السياسية الأمريكية".

وبشأن نجاح أمريكا في ترويج صفقة القرن، قال البطش: "لا نخاف من مثل هذه المخططات، سبق وأن سعت أمريكا بإنجاز اتفاق أوسلو، وهو الآن ينهار وأي حديث عن مشروعات اقتصادية أو سياسية ضمن صفقة القرن لن تثبت كثيرًا".

وأنهى حديثه قائلًا: "مستمرون في المقاومة، وفي مسيرات العودة، وسنواجه أي مشروع أو صفقة تهدف لتصفية القضية الفلسطينية".

تظاهرات حادة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع أعضاء الحكومة الفلسطينية الجدد أثناء أداءهم اليمين الدستورية

© REUTERS / Mohamad Torokman

وشهدت عدة مدن فلسطينية، صباح اليوم الثلاثاء، إضرابًا عامًا، وتظاهرات عنيفة، احتجاجا على انطلاق فعاليات مؤتمر البحرين.

وقالت صحيفة "معاريف" العبرية، إن السكان بالمناطق الفلسطينية، قرروا اليوم إجراء إضراب عام بغزة والضفة، رفضا لمؤتمر البحرين.

وبحسب الصحيفة العبرية، اندلعت منذ ساعات الليل، تظاهرات عنيفة، بين عشرات الشبان الفلسطينيين، وقوات الجيش الإسرائيلي، بعدة مناطق بالضفة، ضمن فعاليات الاحتجاج.

 وعم الإضراب الشامل مختلف مرافق الحياة في قطاع غزة استجابة لدعوة القوى الوطنية والإسلامية، وأغلقت المحال التجارية أبوابها إضافة الى تعطيل عمل البنوك بقرار من سلطة النقد.

وأعلنت معظم الجامعات في قطاع غزة تعليق الدوام الإداري والأكاديمي فيها، فيما أغلقت الوزارات الحكومية بما فيها المحاكم أبوابها أيضا.

والتزمت نقابة الصيادين بقرار الإضراب وأعلنت تعليق العمل من الساعة الساسة صباحا حتى الساعة السادسة مساء.

ودعت الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار الجماهير الفلسطينية إلى المشاركة في الفعاليات المتزامنة مع الإضراب وأبرزها المؤتمر الجماهيري الذي يعقد في مركز رشاد الشوا الثقافي مساء اليوم.

وجرت مظاهرات مماثلة في عدد من مدن الضفة الغربية بدعوة من حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

رفض رسمي

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس

© AP Photo / Mohamad Torokman

من جهتها أكدت حركة حماس رفضها لمؤتمر البحرين الذي سيعقد اليوم، مؤكدة أن قضية فلسطين "لا ينوب عنها ولا يمثلها سوى شعبنا".

وأكد مشير المصري خلال مؤتمر صحفي أن "فلسطين لم تكن يوما قاصرا حتى يقرر لها غيرها؛ فالمجتمعون بالمنامة لا يملكون أي حق أو تفويض للحديث بالنيابة عن فلسطين".

وشدد على أن كل ما سيصدر عن مؤتمر البحرين من قرارات ومواقف لا تمثل شعبنا، مضيفا" هي ليست إلا محاولات فاشلة كتلك في محطات سابقة لم تعبر عن شعبنا وحقوقه الثابتة."

من جهته، شكك رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية بشرعية المؤتمر الاقتصادي الأمريكي في ظل المقاطعة الفلسطينية له.

ووصف أشتية، خلال افتتاح الاجتماع الأسبوعي للحكومة الفلسطينية في رام الله، مؤتمر البحرين، بأنه "هزيل المحتوى وعقيم المخرجات"، مشيرا إلى تدني تمثيل مستوى المشاركة العربية فيه.

علم إسرائيل على خلفية مدينة القدس، 4 ديسمبر/ كانون الأول 2017

© REUTERS / Ronen Zvulun

وقال إن الأهم على مستوى المشاركة في مؤتمر البحرين هو أن "فلسطين غائبة ورفضت المشاركة فيه وهو ما يجعله من دون شرعية".

وأضاف:

حل القضية الفلسطينية هو حل سياسي متمثل بإنهاء الاحتلال وسيطرتنا على مواردنا وسيكون بإمكاننا بناء مستقل عندما ينتهي هذا الاحتلال.

وتابع: "من يريد السلام والازدهار للشعب الفلسطيني فليدعو إسرائيل إلى وقف سرقة الأرض ومصادرة أموالنا ومقدراتنا الطبيعية وليفرض على إسرائيل إنهاء الاحتلال والاستيطان والتخلص من تبعياته ورفع حصار غزة".

وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أكدت أمس معارضتها الحاسمة لمؤتمر البحرين المقرر عقده تحت شعار "السلام من أجل الازدهار" لبحث الجوانب الاقتصادية المرتبطة بخطة واشنطن للسلام.

وقالت اللجنة التنفيذية في بيان عقب اجتماع لها في رام الله، إنها تؤكد رفضها لمؤتمر البحرين "في غياب أي التزام بالقانون الدولي ومتطلبات إنهاء الاحتلال، وبإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1976 وعاصمتها القدس".

ودعت اللجنة "جميع الدول والهيئات والكيانات السياسية والاقتصادية المدعوة للمشاركة بالمؤتمر، إلى احترام موقف الإجماع الفلسطيني وموقف منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني".

مؤتمر أمريكي

 وأصدرت البحرين والولايات المتحدة، مطلع الشهر، بيانا مشتركا عبرتا فيه عن تطلعهما لورشة العمل المزمع عقدها في البحرين، وأكدتا عمق الشراكة التي تجمعهما وسعيهما المشترك لإنعاش اقتصاد المنطقة ومنح فرصة لشعوب المنطقة، من ضمنهم الفلسطينيين، لعيش حياة أفضل.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في موسكو، 29 يناير/ كانون الثاني 2018

© Sputnik . Alexei Philipov

وجاء في البيان: "ستستضيف مملكة البحرين بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية ورشة العمل الاقتصادية "السلام من أجل الازدهار" في المنامة في الـ25 والـ26 من يونيو 2019".

وأضاف البيان: "ستشكل ورشة العمل هذه فرصة جوهرية للقاء الحكومات والمجتمع المدني والقادة الاقتصاديين بهدف تشارك الأفكار ومناقشة الاستراتيجيات وتوفير الدعم للاستثمارات الاقتصادية المحتملة والمبادرات التي يمكن التوصل لها باتفاقية سلام".

وتابع البيان: "ستوفر ورشة السلام من أجل الازدهار نقاشات حول طموح ورؤية قابلة للتحقيق وإطار عمل يضمن مستقبلا مزدهرا للفلسطينيين والمنطقة، بما في ذلك تعزيز إدارة الاقتصاد وتطوير رأس المال البشري وتسهيل نمو سريع للقطاع الخاص".

وأكدت الدولتان أن "بحال تبني هذه الرؤية وتطبيقها، فإنها من الممكن أن تغير حياة الأشخاص وتضع المنطقة على الطريق نحو بناء مستقبل أكثر إشراقا".

وتلاقي الورشة رفضا رسميا من القيادة الفلسطينية، والفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية، حيث يتردد أن الصفقة تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات كبرى لإسرائيل.    

SputnikNews