من: سالي إسماعيل
مباشر: أثار اجتماع الفيدرالي اهتمامات الأسواق العالمية في الأسبوع الماضي وسط تكهنات متزايدة بشأن التحرك لخفض معدل الفائدة.
وقبل اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي في الدولة صاحبة أكبر اقتصاد حول العالم، كانت الأسواق المالية تشهد تحركات طبيعية لكن بعد الاجتماع اختلفت الصورة تماماً.
ورغم أن صناع السياسة في بنك الاحتياطي لم يعطوا إشارات مؤكدة حول التحول نحو خفض معدل الفائدة لكن التلميحات التي أرسلوها كانت كافية كي تضفي البهجة على الأسواق بل وتتفاعل كذلك معها.
وقرر الفيدرالي باجتماعه الأخير تثبيت معدل الفائدة الأساسي في الولايات المتحدة عند نطاق يتراوح بين 2.25 إلى 2.50 بالمائة بأغلبية 9 أصوات مقابل صوت واحد معارض دعا لخفض الفائدة.
وفي حين أن المركزي الأمريكي أكد أن خفض معدل الفائدة لن يحدث هذا العام لكنه غير توقعاته عن عام 2020 لتكون مرة واحدة بالخفض بدلاً من زيادة واحدة كانت متوقعة في السابق.
وفي الوقت نفسه، قام الاحتياطي الفيدرالي بإسقاط نهج الصبر حيال معدل الفائدة من بيان السياسة النقدية الأخير مع الإبقاء على توقعات النمو الاقتصادي كما هي دون تغيير في مقابل خفض تقديرات التضخم والتضخم والأساسي.
لكن توقعات السوق والتي يرصدها مؤشر "سي.إم.إيه" الذي يتبع تداول العقود الآجلة لمؤشر الاحتياطي الفيدرالي كشفت عن احتمالية بنسبة 100 بالمائة إزاء قيام الفيدرالي بالتحول لتيسير سياسته النقدية في اجتماعه المقبل والمزمع عقده أواخر يوليو/تموز.
وتقوم الأسواق الآن بتسعير فرصة بنحو 64 بالمائة لخفض معدل الفائدة 25 نقطة أساس بالاجتماع المقبل مقارنة مع احتمالية 36 بالمائة للتحرك إلى خفضها بنحو 50 نقطة أساس.
وعقب الإفصاح عن بيان السياسة النقدية، تعهد رئيس الفيدرالي باستخدام كافة الأدوات المتاحة للحفاظ على التوسع الاقتصادي، لكن رئيس المركزي الأمريكي في ولاية مينيابوليس يقول: "طالبت بخفض الفائدة 50 نقطة أساس وعدم رفعها مجدداً لحين عودة التضخم للمستهدف".
وأشار باول إلى معضلة الفيدرالي تتمثل في أن الاقتصاد يؤدي بشكل جيد للغاية لكن الجميع يطالب بخفض الفائدة مؤكداً أن البنك يجب أن يرى مزيداً من الإشارات قبل الإقبال على مثل هذه الخطوة.
الأصول الخطرة أم الآمنة
من الأمور المثيرة للدهشة، أن توقعات الفيدرالي وتعليقات رئيسه جيروم باول والتي استقبلتها الأسواق على أنها إشارة نحو تحرك مرجح بشدة لخفض معدل الفائدة، أعطت دفعة قوية سواء لأسواق الملاذات الآمنة أو حتى الأصول الخطرة.
في حين كانت الورقة الخضراء هي الخاسر الوحيد من التغيير في نغمة بنك الاحتياطي الفيدرالي، والذي تخلي عن كلمة "الصبر" لوصف نهج سياسته النقدية.
وتزاحم المستثمرون على الأصول الآمنة مثل السندات الحكومية والذهب، ما دفع المعدن الأصفر لتسجيل مستويات لم يشهدها في نحو 6 سنوات.
وحقق الذهب الذي سجل مكاسب في 3 من بين 5 جلسات بالأسبوع الماضي، صعوداً يقدر بنحو 56 دولاراً بعدما تجاوز حاجز 1400 دولار للأوقية.
فيما تراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لآجل 10 سنوات دون مستوى 2 بالمائة للمرة الأولى منذ نوفمبر/ترشين الثاني عام 2016، نظراً لوجود علاقة عكسية بين الأسعار والعائد على تلك الديون الحكومية.
وسجلت "وول ستريت" مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي مع أرباح قدرها 630 نقطة لصالح مؤشر "داو جونز" كما شهدت كل من البورصات الأوروبية والأسواق المالية في اليابان وفي الصين مكاسب هي الأخرى.
وفي البرازيل، شهدت أسواق الأسهم مكاسب قوية ليتجاوز مؤشر "آي بوفينسبا" 100 ألف نقطة للمرة الأولى في تاريخه، وذلك على خلفية تكهنات تبني البنك المركزي في البلاد سياسة تيسيرية إتباعاً لنهج الفيدرالي.
بنوك مركزية أخرى
وشهد الأسبوع الماضي كذلك إعلان بنك إنجلترا تثبيت سياسته النقدية وفقاً للتوقعات وعلى الرغم من الآفاق الاقتصادية الضعيفة.
وبسبب المخاوف المتزايدة من مسألة البريكست بدون صفقة، فإن المركزي البريطاني خفض توقعاته بشأن نمو اقتصاد المملكة المتحدة إلى "صفر" خلال الربع الثاني من العام الجاري.
وبالنظر إلى المركزي الأوروبي الذي اجتمع في بداية الشهر الجاري، فإن نائب رئيس البنك "لويس دي جونديوس" أكد أن قرار السياسة النقدية الأخير كان بالإجماع نافياً وجود أيّ انقسام في الآراء.
وفي الوقت نفسه، ألمح إلى أن برنامج لشراء الأصول قد يكون أحد الخيارات الممكنة التي يلجأ لها البنك إذا لم يصل معدل التضخم في منطقة اليورو للمستهدف والذي يقل قليلاً عن 2 بالمائة.
ورغم قيام البنك المركزي في اليابان تثبيت معدل الفائدة قصيرة الآجل عند مستوى -0.1 بالمائة لكنه حذر من تنامي المخاطر العالمية على خلفية التوترات التجارية.
وفي مخالفة للتيار السائد، اتجه البنك المركزي في النرويج لزيادة معدل الفائدة للمرة الثالثة في غضون 12 شهراً مع القوة الاقتصادية التي تتمتع بها الدول الاسكندنافية.
ترامب VS باول
يوماً بعد يوم تتجلى نقاط الخلاف بين رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبين تحركات رئيس الفيدرالي جيروم باول، لكن هل تسبب اجتماع الفيدرالي الأخير في تهدئة الأمور؟.
وفي الأسبوع الماضي، كشفت تقارير إعلامية بأن ترامب يفكر في الإطاحة برئيس المركزي الأمريكي لكن جيروم باول أكد أن القانون واضح وأنه يعتزم الاستمرار في منصبه خلال فترة ولايتها بالكامل والبالغة مدتها 4 سنوات.
وبعد اجتماع الفيدرالي الذي كشف عن احتمالية خفض معدل الفائدة بحلول عام 2020، قال الرئيس الأمريكي أنه يتوقع أن يقوم باول في نهاية المطاف بفعل الشيء الصحيح وتقليص الفائدة.
لكن مع ذلك حذر عضو سابق في بنك الاحتياطي الفيدرالي "روبرت هيلر" من أن إقالة ترامب لباول من شأنها أن تضر بثقة المستثمرين وتؤدي لاضطراب بالأسواق المالية مع زيادة حالة عدم اليقين.
وعلى نفس حذو ترامب يسير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث طالب بخفض معدلات الفائدة مرة أخرى بعد فترة صمت دامت لفترة طويلة