تحرير: نهى النحاس
مباشر: الأمور تتغير على نحو سريع داخل سوق النفط، وفي أقل من شهرين تحولت التوقعات من التفاؤل القوي إلى التشاؤم الحاد.
ويشير مقال نشره موقع "أويل برايس" إلى أنه منذ 6 أسابيع مضت توقعت شريحة عريضة من المحللين أن تبقى أسعار النفط مرتفعة خلال باقي العام بدعم تشديد أوبك المتوقع للمعروض، والاضطرابات الجيوسياسية في مناطق إمدادات رئيسية.
ووصل الأمر بأخرين إلى توقع أن تحسن الاقتصاد والعقوبات الإيرانية قد يتسببان في ارتفاع خام "برنت" إلى 100 دولاراً للبرميل خلال أشهر.
ولكن مع مرور الوقت وصولاً للوضع الحالي انحدرت أسعار النفط على نحو غير متوقع، ومنذ وقتها يتداول سعر خام "برنت" بتراجع 13 بالمئة عند 62 دولاراً للبرميل، أما خام "نايمكس" الأمريكي فهبط بنحو 16 بالمئة عند 53 دولاراً للبرميل نتيجة تضافر عدة عومل غير مواتية.
ودخلت أسواق النفط في مرحلة السوق الهابط، متراجعة بنحو 20 بالمئة عن مستويات أبريل/نيسان المرتفعة.
ضعف الطلب
وتشهد التوقعات المتشائمة تسارعاً حثيثاً في الوقت ذاته، وأحد أبرز هؤلاء المتشائمين بنك "مورجان ستانلي" الذي يرى أن أسعار النفط محبطة نتيجة تصعيد التوترات التجارية وتباطؤ الاقتصاد وضعف الطلب بأكثر من المتوقع.
وذكر "مورجان ستانلي" أن الطلب الآن يضعف بأسرع من المتوقع، مع تراجع الفجوة بين سعر المنتجات النفطية المكررة وبين النفط الخام، نتيجة لخليط من عوامل الاقتصاد الكلي وأخرى ذات علاقة بسوق النفط.
وشدد البنك الاستثماري أن الطب من جانب بعض المستهلكين الرئيسيين بما فيهم الولايات المتحدة والصين واليابان وكوريا الجنوبية والبرازيل والهند وتايلاند وأستراليا شهد ضعفاً على نحو ملحوظ، حيث تمثل تلك الدول الثماني نحو 48 بالمئة من الطلب العالمي على النفط.
وخفض "مورجان ستانلي" توقعات نمو الطلب العالمي على النفط في 2019 بنحو 17 بالمئة من 1.2 مليون برميل يومياً إلى مليون برميل يومياً.
كما خفض تقديراته لسعر خام "برنت" بنحو 10 دولارات للبرميل ليتراوح بين 65 إلى 80 دولاراً للبرميل مقارنة بـ75 إلى 80 دولاراً سابقاً.
و"مورجان ستانلي" لا يعتبر البنك الأمريكي الوحيد الذي لديه توقعات متشائمة، حيث أن "بنك أوف أمريكا ميريل لنش" يرى أن نمو الطلب على النفط يسير داخل أسوأ مرحلة في 6 سنوات عند مستوى أدنى مليون برميل يومياً.
وفي الوقت نفسه فإن بنك "جولدمان ساكس" قال إن زيادة عدم اليقين في الاقتصاد الكلي وارتفاع الإنتاج الأمريكي قد يعوض أي نقص سببته العقوبات الأمريكية على إيران وفنزويلا.
زيادة المخزونات
ويمكن للفرد أن يلقي ببعض اللوم على زيادة الإنتاج الأمريكي، وفي الأسبوع الماضي هبط سعر خام "برنت" و"نايمكس" لأدنى مستوى منذ منتصف يناير/كانون الثاني عند 59.45 دولار للبرميل و50.60 دولار للبرميل على الترتيب بفعل الارتفاع غير المتوقع في المخزونات الأمريكية الذي يشعل المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي.
ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية فإن مخزونات خام النفط الأمريكي والجازولين وجميع نواتج التقطير ارتفعت في الأسبوع الماضي، وذلك وسط اعتبار المحللين أن البنية الشاملة للسوق "هبوطية للغاية".
وكانت مخزونات خام النفط صادمة أكثر من غيرها، حيث ارتفعت بنحو 6.8 مليون برميل مقابل توقعات أن تتراجع بمقدار 849 ألف برميل يومياً.
ويشكل ذلك أكبر مستوى لمخزونات خام النفط منذ يوليو/تموز 2017، وأعلى بنحو 6 بالمئة من متوسطها خلال 5 سنوات.
ولكن من المحتمل أن يكون ذلك هو ما يريده بالضبط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث دعا مراراً لخفض أسعار النفط كما طالب أوبك بزيادة الإنتاج.
وأيضاً من المحتمل أن ترامب يحصل على أمنيته عن طريق الصدفة فقط، حيث أن أسواق النفط محاطة بتصعيد للحرب التجارية مع إضافة الرئيس الأمريكي المكسيك والاتحاد الأوروبي إلى قائمة الدول التي يعاديها تجارياً.
ومن الصعب إلقاء اللوم على أوبك منذ أن أصبح التكتل يفي تقريباً بمعظم حصصه بخفض الإنتاج منذ البدء في الاتفاق مطلع العام الجاري كما أنه من المحتمل أن يمدد الخفض حينما يعقد اجتماعه الدوري هذا الشهر أو في يوليو/تموز المقبل.
ومن المحتمل أن يكون من الصعب إقناع الجميع بدعم استراتيجية خفض إنتاج النفط هذه المرة مع اعتراض بعض الأطراف بالفعل على تمديد التخفيضات.
وفي الأسبوع الماضي صرح رئيس شركة النفط "روسنفت" بأنه قد يطلب تعويضًا من الحكومة إذا اتجهت نحو جولة أخرى من التخفيضات.
وفي الأيام الأولى من شهر يونيو/حزيران الجاري سجل إنتاج روسيا من النفط 10.87 مليون برميل يوميا، بانخفاض عن مستوى 11.11 مليون برميل يوميا في مايو/أيار.
وهذا التراجع في إنتاج النفط ليس عرضًا طيباً من جانب روسيا ولكنه نتج عن اكتشاف خام الأورال الملوث في خط أنابيب دروزبا الذي يمد أوروبا في منتصف أبريل/نيسان.