تعطى للفقراء والمساكين قبل غروب شمس آخر يوم رمضان
زكاة الفطر واجبة على كل مسلم بمقدار قيمة الفطر العينية ويجوز إخراجها في بلد آخر
الزكاة التي سببها الفطر من رمضان، يطلق عليها زكاة الفطر، وتسمى زكاة البدن تمييزا لها عن زكاة المال، ولأنها تزكي الصائم وتطهر صومه، ومن حكمة تشريعها أنها تشيع الفرح والسرور في المجتمع يوم العيد وخاصة بين الفقراء والمساكين.
حكمها: زكاة الفطر واجبة عن كل فرد من المسلمين صغيرا كان أو كبيرا، ذكرا كان أو أنثى، لما جاء عن عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان، صاعا من تمر أو صاعا من شعير، على العبد، الحر، والذكر، والأنثى، والصغير، والكبير من المسلمين» (رواه البخاري).
شروط وجوبها: لا تجب زكاة الفطر إلا على مسلم يكون لديه عند وجوبها ما يزيد على قوته وقوت عياله الذين تلزمه نفقتهم، وزائدة عن مسكنه ومتاعه وحاجاته الأصلية لليلة العيد ويومه، ولا يمنع الدين من وجوبها ما لم يكن دين حال يستغرق ماله كله، والمطالبة به قائمة.
من يلزم المزكي إخراجها عنهم: يلزم المزكي أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه، وعن زوجته، وعن كل من تلزمه نفقتهم من أولاده، ووالديه إذا كان يعولهما، ولا تلزمه الفطرة عن خدمه، وإن تبرع بفطرة خدمه أو بعض من يعمل عنده أو غيرهم مع الإذن منهم جاز، ولا تلزمه فطرة الجنين، ما لم يولد قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان.
مقدار الفطرة: المقدار الواجب إخراجه في زكاة الفطر صاع نبوي من الأرز ونحوه مما يعتبر قوتا يتقوت به، فيجوز إخراج زكاة الفطر من الأقوات الأخرى كالقمح والتمر والذرة والدقيق والأقط (اللبن المجفف) والحليب المجفف (البودرة) والجبن واللحوم سواء كانت معلبة أم غير معلبة، حسب تعدد أصناف المقيمين في الدولة وتعدد أغراضهم.
والصاع مكيال يتسع لما مقداره (2.5) كيلو غرام من الأرز تقريبا، ويختلف الوزن بالنسبة لغير الأرز من الأقوات، وحيث إن الأصل هو الكيل فيراعى عند تقديرها كثافة مادتها.
إخراج القيمة نقدا: يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا بمقدار قيمة الفطرة العينية، وتقدر القيمة في العام الحالي بمبلغ دينار كويتي واحد عن كل فرد.
وقد أخذت الهيئة الشرعية بذلك لما فيه من التيسير على المزكي وعلى الفقير، إلا أن تقديرها بدينار ليس تقديرا ثابتا بل يختلف من عام لعام ومن بلد لبلد بحسب غلاء الأقوات ورخصها.
وقت وجوبها: تجب زكاة الفطر بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان، لأنها فرضت طهرة للصائم، والصوم ينتهي بالغروب فتجب به الزكاة.
والسنة إخراجها يوم الفطر قبل صلاة العيد، لحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة» (رواه الجماعة).
ويجوز تعجيل إخراجها من أول أيام رمضان لاسيما إذا سلمت لمؤسسة خيرية، حتى يتسنى لها الوقت الكافي لتوزيعها بحيث تصل مستحقيها في وقتها المشروع.
وتأخيرها عن صلاة العيد مكروه، لأن المقصود الأول منها إغناء الفقراء في هذا اليوم، فمتى أخرها فات جزء من اليوم دون أن يتحقق هذا الإغناء، وذلك لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات» (رواه أبو داود)، فلو أخرها عن صلاة العيد وأداها في يومه لم يأثم، فإن لم يخرجها حتى غابت الشمس يأثم وتبقى في ذمته دينا لله عز وجل عليه قضاؤها.
مصرفها: مصرف زكاة الفطر مصرف الزكاة، أي إنها توزع على الأصناف الثمانية المذكورة في آية (إنما الصدقات للفقراء والمساكين...)(التوبة:60)، لأنها صدقة فتدخل في عموم الآية، إلا أن الفقراء والمساكين هم أولى الأصناف بها لأن المقصود إغناؤهم بها في ذلك اليوم خاصة.
ولا يجزئ إعطاء زكاة الفطر وغيرها من الزكوات إلى الآباء والأمهات وإن علوا، ولا إلى الأبناء وإن نزلوا، ولا الزوجات.
ولا يجوز صرف زكاة الفطر إلى صنف ممن لا يجوز صرف زكاة المال إليهم، كأهل البيت، والأغنياء، والقادرين على الكسب، ولا تصرف لكافر.
نقلها: يجوز نقل زكاة الفطر إلى بلد آخر غير البلد الذي يقيم فيه المزكي، إذا كان في هذا البلد من هم أحوج إليها من البلد الذي فيه المزكي، أو إذا كان في نقلها تحقيق مصلحة عامة للمسلمين أكثر مما لو لم تنقل أو فاضت عن حاجة فقراء البلد، فإن لم يكن هناك عذر من هذه الأعذار المذكورة فإنه يجوز نقل زكاة الفطر من البلد الذي فيه المزكي لكن مع الكراهة، بشرط أن تعطى لأحد المستحقين من الأصناف الثمانية وهذا ما أخذت به الندوة الثانية لقضايا الزكاة المعاصرة.
من فتاوى ندوات قضايا الزكاة المعاصرة:
1 ـ زكاة الفطر واجبة عل كل مسلم يملك قوت نفسه ومن تلزمه نفقته يوم العيد وليلته فاضلا عن حوائجه الأصلية، ويلزمه إخراج صدقة زوجته وأولاده الصغار الذين لا مال لهم ولا يلزمه صدقة الفطر عن أولاده الذين لا تجب نفقتهم عليه أو خدمه أو من تبرع بمؤونته أو كفله يتيما كان أو طالب علم أو فقيرا أو غير ذلك.
2 ـ الواجب في صدقة الفطر صاع من تمر أو شعير أو زبيب أو صاع من بر «القمح »، والصاع مكيال يتسع لما يزن بالأوزان الحالية كيلوين وأربعين غراما تقريبا من القمح.
3 ـ الأصل إخراج الزكاة من الأجناس المنصوص عليها في الحديث كما يجوز إخراجها من غالب قوت أهل البلد مثل الأرز واللحم والحليب المجفف، ويعتبر في الأجناس غير المنصوص عليها قيمتها باعتبار المنصوص عليه، فيقدر في اللحم مثلا ما قيمته صاع من بر وهكذا في سائر الأجناس المنصوص عليها، ويجوز إخراج زكاة الفطر نقدا بقيمة الواجب، ويمكن للجهات المعنية تقدير هذه القيمة سنويا.
4 ـ الأصل إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد ويحرم تأخيرها عن يوم العيد ويجب قضاؤها، كما يجوز عند الحاجة إخراجها من أول شهر رمضان.
5 ـ يجوز التوكيل في إخراج صدقة الفطر.
6 ـ يجوز للمؤسسات الزكوية تحويل زكاة الفطر من عين إلى نقد وعكسه بما تقتضيه الحاجة أو المصلحة.
7 ـ يجوز نقل زكاة الفطر إلى خارج البلد الذي وجبت فيه على المزكي إلى من هو أقرب أو أحوج، كما يجوز نقل زكاة الفطر عند عدم وجود محتاجين في البلد الذي وجبت فيه الزكاة.
8 ـ لا بد من النية لإخراج صدقة الفطر ويقوم مقام النية الإذن الثابت ولو عادة.
9 ـ إذا اقتضت المصلحة أو الحاجة يجوز للمؤسسات الزكوية تأخير صرف ما اجتمع لديها من زكاة الفطر إلى ما بعد يوم العيد.
10 ـ الأولى صرف زكاة الفطر للفقراء والمساكين ويجوز صرفها في مصارف الزكاة العامة.
فدية الإفطار في رمضان
تعريفها: هي مبلغ من المال يؤديه العاجز عن الصوم للفقراء بدلا من الصيام.
مشروعيتها: حكم الفدية الوجوب على من وجد منه سببها إذا أفطر به، لقوله عز وجل: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ـ البقرة: 184)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا.
سبب وجوبها:
تجب الفدية على من فقد القدرة على الصوم أبدا، ويحصل ذلك بكل من الأسباب التالية:
1 ـ الشيخوخة، فالشيخ الهرم والمرأة العجوز إذا كان يجهدها الصيام ويشق عليهما مشقة شديدة فلهما أن يفطرا ويطعما عن كل يوم مسكينا.
2 ـ المرض الذي لا يرجى برؤه، فالمريض مرضا مزمنا يجوز له أن يفطر إن كان يجهده الصوم، أو يشق عليه، أو يخشى منه زيادة المرض، فإن أفطر لم يجب عليه القضاء بل عليه عن كل يوم فدية طعام مسكين.
أما المرض الذي يرجى برؤه فلا تصلح فيه الفدية أصلا، بل إذا أفطر المريض لمرضه يجب عليه القضاء متى مازال المرض لقوله عز وجل: (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ـ البقرة: 185).
3 ـ الحامل والمرضع، ذهب بعض العلماء إلى أن الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفا على ولديهما تجب عليهما الفدية مع القضاء، أما إذا أفطرتا خوفا على أنفسهما فعليهما القضاء فقط دون الفدية، واستدلوا بقوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ـ البقرة: 184)، قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ الحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا.
والراجح أن الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما، أو خافتا على أنفسهما ليس عليهما الفدية بحال من الأحوال، ولكن عليهما القضاء فقط.
4 ـ وتجب الفدية أيضا على من فرط في قضاء رمضان فترك القضاء من غير عذر حتى جاء رمضان التالي، فعليه أن يصوم رمضان وعليه الفدية بسبب التأخير بغير عذر.