القوة الإقتصادية الجديدة : ماذا يمثل سوق العقارات لدول الخليج العربي في عصر ما بعد النفط ؟

القوة الإقتصادية الجديدة : ماذا يمثل سوق العقارات لدول الخليج العربي في عصر ما بعد النفط ؟ القوة الإقتصادية الجديدة : ماذا يمثل سوق العقارات لدول الخليج العربي في عصر ما بعد النفط ؟

لعقود طويلة جداً، ظلت صناعات البترول هي مصدر الدخل الأساسي والداعم الأول لإقتصاد دول شبه الجزيرة العربية والخليج العربي بسبب غني المنطقة الشديد به ولكون الذهب الأسود هو مصدر الطاقة الأكثر إستهلاكاً والأكثر طلباً عالمياً

. لكن هذا تغير بشكل جذري مع إتجاه العالم نحو مصادر الطاقة المتجددة حيث أن تكلفة إنتاجها آلآن أصبحت أقل بكثير.

ومع هذا التغير، تعرضت صناعة البترول لإنخفاض حاد في الأسعار وهو الأمر الذي وضع دول الخليج العربي أمام معضلة لا يستهان بها. فبعد زمن طويل من الإعتماد بشكل أساسي على البترول، أصبح بناء وتطوير الصناعات والقطاعات الأخرى أمر حتمي للمنطقة للإبقاء على قوة إقتصادها.

واحدة تلو الأخرى، بدأت دول الخليج العربي في تنويع مصادر دخلها وتقليل إرتكازها على صناعات البترول لكي تخرج من هذه الأزمة بأقل الخسائر. ولعل أبرز القطاعات التي تهتم شبه الجزيرة العربية آلآن بتطويرها هو سوق العقارات الذي لم ينج تماماً من آثار الجانبية لتقلبات قطاع البترول حيث مر قطاع العقارات في دول الخليج بأزمة مشابهة في الفترة الأخيرة.

في هذا المقال، سنشرح كيف يشارك سوق العقارات في الوقت الحالي في تشكيل المناخ الإستثماري وإعادة هيكلة الإقتصاد في أهم 3 دول في منطقة الخليج العربي:

  1. الإمارات العربية المتحدة :

كانت الإمارات العربية المتحدة هي أولى دول مجلس التعاون الخليجي التي بدأت تستعد لعصر ما بعد النفط. وبرزت نتائج هذا التحول بشكل كبير في إمارة دبي التي أصبحت مركز تجاري وسياحي وترفيهي عالمي مشهور بالمعمار الحديث والأماكن التسويقية الفاخرة وإمارة أبو ظبي عاصمة الإمارات التي تحولت إلى مركز صناعي وتجاري مهم هي الأخرى. وساعد هذا التحول المبكر في التقليل من آثار الأزمة الإقتصادية على الإمارات العربية المتحدة بشكل كبير.

إلى جانب هذا، فهناك عوامل أخرى مهمة من المتوقع لها أن تساهم في تعافي الإقتصاد الإماراتي من الأزمة والعودة بقوة. أبرز هذه العوامل هو معرض إكسبو 2020 الذي تم إختيار دبي لتستضيفه بعد حملة تسويق ناجحة للغاية إكتسحت منافسيها من المدن الأخرى. هذا المعرض من شأنه أن يجذب العديد من الإستثمارات ليس فقط ليشاركوا في فعالياته بل في بناءه وتطويره أيضاً. لهذا يتوقع الخبراء أن يزداد الطلب على العقارات خاصةً الوحدات التجارية بشكل ملحوظ في الفترة المقبلة مما سؤدي تقليل معدل الإنخفاض السنوي في العقارات إلى أن يتلاشى تماماً.

  1. المملكة العربية :

على الجانب الآخر، واجهت المملكة العربية السعودية سابقاً صعوبات عدة في جذب أنواع متعددة من الإستثمارات في محاولة منها لتطوير القطاعات الغير البترولية بسبب طبيعة المجتمع السعودي المحافظة. وهو الأمر الذي أدى الأمر إلى زيادة أثر إنخفاض أسعار البترول وبالتالي هبوط الحالة الإقتصادية الكلية للمملكة بما فيها سوق العقارات. إلى جانب هذا، هناك عوامل أخرى أثرت على سوق العقارات بالسلب في السنوات الأخيرة مثل عدم كفاية العرض للوحدات التي تناسب متوسطي ومحدودي الدخل.

وبينما قد تستمر هذه الحالة على المدى القصير، إلا أنه من المتوقع، طبقاً لتقرير أصدرته مؤسسة نايت فرانك، على المدى الطويل أن تشارك القطاعات الغير بترولية عموماً وقطاع العقارات خصوصاً في بناء هيكل إقتصادي جديد للمملكة العربية السعودية بشكل أكبر خصوصاً مع التحولات السياسية والإجتماعية التي تحدث في المملكة آلآن على يد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وإعلانه عن رؤية السعودية 2030. هذا بالإضافة للبرامج التدعيمية الحكومية (برنامج سكني) التي بدأت بالفعل في المساهمة في حل الأزمة.

  1. مملكة البحرين :

صنف تقرير إكسبات إنسايدر الصادر عن عام 2017 مملكة البحرين على أنها أفضل مكان في العالم للمعيشة والعمل. هناك عدة عوامل ساعدت على حصول المملكة على هذا الترتيب أولها وجود العديد من مناطق التملك الحر التي تتيح للمستثمرين ولمن لا يحملون الجنسية بشكل عام تملك وشراء العقارات في البحرين بجانب قوانينها الإستثمارية والضريبية الفعالة التي ساعدت على تيسير وتشجيع الإستثمار الأجنبي بشكل كبير. بالإضافة إلى هذا، فمملكة البحرين تتميز بموقع إستراتيجي بسبب إتصالها المباشر بالمملكة العربية السعودية.

وعلى الرعم من أن مدن الخليج العربي واجهت هبوط ملحوظ في قطاع الوحدات الإدارية في سوق العقارات خلال عامي 2016 و2017، كان السوق العقاري في مملكة البحرين بشكل عام مستقراً إلى حد كبير ولم تواجه أسعار الوحدات هناك إنخفاضاً ملحوظاً في خلال هذين العامين.

لذا، فإنه من المتوقع أن تشهد المملكة نمواً في مجال الإستثمار العقاري خلال السنوات القادمة ستتزايد سرعته مع الوقت. أيضاً، من الجدير بالذكر أن مدينة المنامة، العاصمة البحرينية، هي صاحبة أقل تكلفة للقدم المربع من الوحدات الإدارية في المنطقة في حين أن صاحبة أعلى تكلفة هي مدينة الرياض.

إتجاه دول الخليج العربي بشكل عام في الوقت الحالي نحو تطوير القطاعات الغير بترولية وبناء المشروعات الإستثمارية الكبرى كالمناطق الصناعية والمدن المستقبلية هو خطوة صحيحة نحو تقليص الإعتماد على البترول الذي تتناقص قيمته مع الوقت بسبب إتجاه العالم بشكل كبير نحو مصادر الطاقة المتجددة. ومن المؤكد بشكل كبير أن سوق العقارات بمختلف قطاعاته سيلعب دوراً كبيراً في تحول هذه الدول ليتأقلم مع عصر ما بعد النفط.

معلومات الكاتب

رئيس قسم الأخبار