ورقة عمل لمسؤولة قسم البحوث في المرصد الأوروبي خديجة الكشك
الإشكاليات الدينية في وثيقة العنف ضد المرأة للأمم المتحدة
مسؤولة قسم البحوث في المرصد الأوروبي د.خديجة الكشك قدمت من جهتها ورقة عمل تناولت بعض الإشكاليات الدينية في وثيقة العنف ضد المرأة ضمنتها تفسيرا لغويا واصطلاحيا لبعض جوانب الموضوع، كما اشتملت على قراءة تحليلية وتعليلية للوثيقة، ثم اختتمتها بالحديث عن سبل التعامل مع الوثيقة.
في البداية وفيما يتعلق بالتفسير الاصطلاحي عرفت الإشكالية بأنها تعارض الآراء، ومن وجهة نظر الوثيقة، العنف: كل مظاهر التمييز التي تتعرض لها المرأة، والمرأة: ليست الأنثى التي تقابل الذكر وإنما «الجندر»، مشيرة إلى ان المقصود بالوثيقة: مجموعة الوثائق الصادرة عن الأمم المتحدة المتعلقة بقضية المرأة. بعد ذلك قدمت الكشك قراءة تحليلية للوثيقة، مقارنة من خلالها بين الرؤية الإسلامية والرؤية الأممية، ونقوم هنا بسرد الاختلاف في كل نقطة بشكل متتابع:
الرؤية الإسلامية: الوجود مخلوق لخالق، فالمرجعية إلهية: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) (الأحزاب ـ الآية 36).
الرؤية الأممية: المرجعية بشرية: «الدعوة إلى» استعراض وعند الاقتضاء، تنقيح أو تعديل أو إلغاء جميع القوانين والأنظمة والسياسات والممارسات والأعراف التي تميز ضد المرأة أو أن يكون لها أثر تمييزي على المرأة، وضمان أن أحكام النظم القانونية المتعددة، حيثما وجدت، تتوافق مع الالتزامات بالمبادئ الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك مبدأ عدم التمييز (وثيقة مارس 15/ 4/ 2013، ذ).
القانون المتبع
الإسلام هو القانون المتبع: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) (آل عمران ـ الآية 85).
السعي لسن قوانين جديدة: «يهدف المؤتمر من خلال البحث والمناقشة الموضوعية الحرة إلى خلق فهم أكبر بطبيعة الصعوبات التي تعاني منها المرأة العربية، والوقوف على العوائق التي تمثل سدا أمام مشاركتها في مجالات الحياة العامة.. وتساعد على تصحيح القصور القانوني والتشريعي» (مؤتمر صنعاء 3 - 5 ديسمبر 2005).
وظيفة الخلق
الخلق للعبادة: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (الذاريات ـ الآية 56).
الكون للتمتع: إن احترام وتعزيز حقوق الصحة الجنسية والإنجابية، وحمايتها والوفاء بها وفقا لبرنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية... هو شرط ضروري لتحقيق المساواة بين الأنواع (الجندر) واستقواء المرأة، لتمكينها من التمتع... (وثيقة مارس 15/ 4/ 2013، البند 22).
الموقف من الإنجاب
الحث على تكثير الأمة: «تناكحوا تكاثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة» (أخرجه النسائي).
وجوب العمل على منع الإنجاب: ينبغي على الدوام إعطاء الأولوية القصوى لمنع حالات الحمل غير المرغوب فيه (مؤتمر بكين 1995 البند 14).
توقيت الزواج
تفضيل تبكير الزواج للتعفف: «معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (البخاري)، وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «زوجوا أولادكم إذا بلغوا لا تحملوا آثامهم» (ابن الجوزي: أحكام النساء).
الحث على تأخير الزواج إلى سن الثامنة عشرة: استعراض، سن وإنفاذ القوانين والأنظمة المتعلقة بالحد الأدنى للسن القانونية للموافقة والحد الأدنى لسن الزواج، ورفع الحد الأدنى لسن الزواج عند الاقتضاء (وثيقة مارس 15/ 4/ 2013، ف)
العلاقات والنسب
٭ تحريم الزنا: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) «الإسراء 17 الآية 32».
٭ تحريم اللواط والسحاق: (أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) «الأعراف 7 الآية 80». وجوب الحفاظ على النسل ونسبة الابن لأبيه: (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما) «الأحزاب 33 الآية 5».
٭ تجويز الإباحية: يجب أن تزيل البلدان العوائق القانونية، والتنظيمية، والاجتماعية، التي تعترض سبيل توفير المعلومات، والرعاية الصحية، والجنسية، والتناسلية للمراهقين، كما يجب أن تضمن ألا تحد مواقف مقدمي الرعاية الصحية من حصول المراهقين على الخدمات والمعلومات التي يحتاجونها، وفي إنجاز ذلك لابد للخدمات المقدمة إلى المراهقين أن تضمن حقوقهم في الخصوصية، والسرية، والموافقة الواعية والاحترام (بكين 15+ البند 38).
٭ السماح بجميع أصناف العلاقات، وانتظامها جميعا في مفهوم «جندري»: «من خلال عدسة (الجندر) يصبح تحدينا أكبر بتنوع وضع المرأة بما فيه ميولها الجنسية» (كلمة فاليري ريموند في مؤتمر بكين 1995). لا أهمية للنسب: فللأم حق نسبته إليها، ولا ضير إن لم تعرف أصلا لابنها والدا (بحكم معاشرتها عدة رجال).
الموقف من الإجهاض
احترام الحياة: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون) «المائدة 5 الآية 32».
حرية الإجهاض وقتل النفس: توفير الوصول لخدمات الرعاية الصحية التي تستجيب للصدمات وتشمل الأدوية بأسعار معقولة وآمنة وفعالة وذات نوعية جيدة.. ووسائل منع الحمل في حالات الطوارئ، والإجهاض الآمن (وثيقة مارس 4 15 2013، هـ).
علاقة الرجل بالمرأة
العلاقة بين الرجل والمرأة هي علاقة سكن لتكوين أسرة:
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها)
«الروم 30 الآية21».
العلاقة ليس الرجل زوجا وإنما شريك/ Partner): التشريع لوجود «الأشكال المختلفة للأسرة» (مؤتمر بكين 5+ البند 60).
الذكر والأنثى
التفرع إلى جنسين حقيقة طبيعية: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) «النساء 4 الآية1».
التصنيف غير طبيعي، فالنوع واحد ولا فرق بين الذكر والأنثى: «إن فكرة الطبيعي لا تعبر عن قيمة إنسانية ذات بال، لأن الإنسانية بدأت في تخطي الطبيعة. فلن نحتاج بعد اليوم إلى تبرير التمييز الطبقي بين الجنسين على أساس طبعي، فيجب علينا لأسباب برجماتية أن نتخلص من مفهوم الطبيعة هذا» (بيللا أبزوج: خطاب مؤتمر بيكين 3 أبريل 1995).
المساواة بين الجنسين
ليس الذكر كالأنثى: (فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى) «آل عمران 3 الآية 36».
لا وجود لجنسين بل «جندر» واحد فحسب: استعمل هذا المصطلح 233 مرة في وثيقة بكين)، كما أن الجنس ثقافة مكتسبة: الدعوة إلى إدماج المنظور الجندري gender perspective في جميع السياسات والتشريعات والبرامج، وتخصيص ما يكفي من الموارد المالية والبشرية، من خلال التوسع في استخدام التخطيط والميزنة (وضع الموازنات) المراعية للمنظور الجندري (وثيقة مارس 4 15 2013، ر)
ثقافة الاختلاف
الاختلاف للتكامل دون التصادم: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) «الروم 30 الآية 21». كما أن الطرفين لهما حقوق وعليهما واجبات متكاملة، فهما يختلفان كيفا لا كما: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم) «البقرة 2 الآية 228».
الاختلاف تصادم وصراع على السلطة: «لكي نتأكد جيدا من إلغاء الطبقية الجنسية لا بد وأن تقوم الطبقة الدنيا (المرأة) بالثورة وذلك عن طريق تحكم المرأة الكامل للمسألة الإنجابية وامتلاكها الكامل أيضا لحقها في جسدها.. فالفارق البيولوجي القائم على العوامل الطبيعية لن يعد ذا أهمية بعد الآن (شولاميت فايرستون: «جدلية الجنس»). والدعوة إلى أن يكون الرجل والمرأة لهما نفس الحقوق وعليهما نفس الواجبات بحثا عن المساواة.