«في مصر ثلاث شخصيات لا يختلف عليها المصريون.. جمال عبدالناصر وأم كلثوم وصالح سليم»، هذا ما كان يردده المصريون في الخمسينات والستينات، وضع المايسترو نفسه في مكانة لا تقبل الخلاف أو التشكيك، الرجل الذي رسّخ مبادئ النادي الأهلي، وسطّر تاريخًا لنفسه في كل موقع خدم فيه ناديه.
كان يعشق الصدامات، ولا يخشى أحدًا طالما أنه مقتنع بما يقوم به واستنادًا لما تعلّمه داخل أروقة النادي الأهلي، ولكن كيف ستكون نتيجة المواجهة إذا وصلت لرأس الدولة وأقوى رجالها؟
وفي ذكرى رحيل «المايسترو» يرصد «المصري لايت» 3 مواجهات اصطدم فيها صالح سليم مع أقوى رجال الدولة، استنادًا لما ذكره الكاتب الصحفي ياسر أيوب، في حوار سابق له مع «المصري اليوم»، ومقالاته عن صالح سليم.
3. المشير ومعسكرات المنتخب
أول صدامات المايسترو مع رجال الدولة بدأت عندما كان لاعبًا في صفوف النادي الأهلي ومنتخب مصر، وكان الجيش يقيم معسكرات للمنتخب يشرف بنفسه عليها.
كان صالح سليم يكره هذا النوع من المعسكرات، ويراه يحول اللاعبين لعساكر أو أسرى حرب ينفذون الأوامر وحسب، وكان ذلك ما لا يطيقه.
أقيم أحد هذه المعسكرات في ليمان طره، ولم يتحمل «سليم» أن يُقام معسكر للمنتخب في أحد السجون، تحدى الجميع ولملم أغراضه وغادر دون أن يخشى سطوة الرجل الثاني في دولة عبدالناصر.
علم المشير عبدالحكيم عامر بالأمر فاستدعاه لمقابلته، ويقول الكاتب ياسر أيوب إن المشير لم يفاتحه في الأمر، ولكنه تحدث معه عن المنتخب وكرة القدم، وطالبه بأن يؤدي دوره تجاه المنتخب القومي.
قال له «سليم» إنه لا يقصّر تجاه المنتخب ويلعب جميع مبارياته، ولكنه يلعب للأهلي ولجامعة القاهرة، كما أنه موظف ببنك الإسكندرية ولديه أسرة عليه أن يقوم تجاهها بواجبه.
طلب المشير من المايسترو أن يترك وظيفته، فرفض لأنها تدر عليه دخلًا شهريًا 23 جنيهًا، فعرض عليه أن يعينه ضابطًا في القوات المسلحة، فقوبل العرض بالرفض.
علّل «سليم» رفضه بأنه لا يحب الأوامر، ولا يقبل بأن يأمره ضابط أقدم منه بساعة، فعرض عليه المشير التعيين في الشؤون المعنوية وهيئة قناة السويس براتب 25 جنيهًا شهريًا دون أن يتحمل أعباء وظيفية، على أن يعتبر هذا الراتب مقابلًا للعب لمنتخب مصر والانتظام في معسكرات الجيش.
2. السادات سببٌ في استقالته
كان صالح سليم عضوًا بمجلس إدارة النادي الأهلي تحت رئاسة الفريق عبدالمحسن مرتجي، وفي عام 1974 وبسبب أزمة مالية، اقترح مجلس الإدارة أن يضغط على الحكومة برفضه إذاعة مباراة الفريق أمام الزمالك حتى تدفع الدولة مستحقات النادي المتأخرة.
رغم معارضة «سليم» للقرار، إلا أن المجلس وافق عليه بالإجماع، ولكن ممدوح سالم، رئيس الوزراء آنذاك، اتصل بالفريق مرتجي ليبلغه أن الرئيس أنور السادات يطلب منه إذاعة المباراة، فوافق مرتجي دون الرجوع إلى مجلس الإدارة.
ثار غضب صالح سليم على ما فعله الفريق مرتجي -رغم معارضته للقرار من البداية- رافضًا أن يتم اتخاذ قرار مثل ذلك دون الرجوع لمجلس الإدارة، حتى وإن كان بطلب من رئيس الجمهورية.
أحسّ «المايسترو» بالإهانة الشديدة لتراجع مجلس إدارة الأهلي عن قرار اتخذه، وقرر الاستقالة من مجلس الإدارة احتجاجًا على ما حدث.
1. المايسترو ومبارك
«لو حسني مبارك مصمم يلعب هذه المباراة يكلف 11 موظفًا من رئاسة الجمهورية للعب أمام الزمالك»، هذا ما قاله صالح سليم للكاتب ياسر أيوب خلال أزمة المباراة التي أُعلن عنها بين الأهلي والزمالك لصالح ضحايا قطار الصعيد.
كان المايسترو رافضًا لفكرة أن يتحول الأهلي لأداة لأي سلطة أو مؤسسة، حتى وإن كانت هذه المؤسسة هي «رئاسة الجمهورية»، فقد قرأ خبرًا في الأهرام في 2002 يكشف عن إقامة المباراة دون أن يرجع إليه أحد، لم يعترض على المباراة الخيرية ولكنه اعترض على المبدأ، ولم تتم إقامة المباراة بالفعل.
موقف آخر تحدى فيه صالح سليم البروتوكولات الرسمية، عندما قرر الرئيس الأسبق حسني مبارك حضور نهائي البطولة العربية التي استضافها الأهلي في مارس 1995، وكان النهائي بين الأهلي والشباب السعودي.
قبل المباراة تسلّم رجال الرئاسة المقصورة الرئيسية، وقاموا بترتيب الكراسي وفقًا للحضور، فكان كرسي رئيس النادي الأهلي في آخر مقاعد الصف الأول.
اعترض صالح سليم على هذا الترتيب، معتبرًا ذلك إهانة كبيرة للأهلي ولرئيسه، لم يكن راغبًا في الجلوس بجوار الرئيس مبارك لإخباره بشكوى أو طلب خاص، بحسب ما ذكره ياسر أيوب، ولكنها مكانة النادي الأهلي الذي بذل كل شيء للحفاظ عليها.
وبعد اعتراض رجال الرئاسة للحفاظ على البروتوكول الرسمي، قرر «سليم» ألا يحضر المباراة، ولكن حدثت مفاوضات سريعة وتمت إعادة ترتيب المقاعد بحيث يجلس رئيس النادي الأهلي بجوار رئيس الجمهورية.
المصدر : المصرى لايت