خلال سنوات نجوميتهم، جسدوا قصصًا فنية، لم يتخيلوا أن ترقى قصة موتهم أن تكون واحدةً منهم، فالنهايات المأساوية التي واجهها عدد من نجوم الفن، من قتل وفقر وغربة، يمكن أن تتجسد في أفلام سينمائية أو مسلسلات تلفزيونية، أبرزها.
"مش عارف غير اليأس طريق ولا شايف غير الحزن صديق ولا قادر أهرب من ده وده ليه حظي معاكي يا دنيا كده؟"، كلمات غناها عماد عبدالحليم، في عز شبابه وتألق نجوميته، التي أورثها له عبدالحليم حافظ، الذي تبناه وأعطاه اسمه، عبرت عن رفضه لحياته التي أنهاها على ضفة نهر النيل بشارع البحر الأعظم، بحقنة هيروين.
عثر المارة في شارع البحر الأعظم بالجيزة، يوم الجمعة الموافق 20 أكتوبر 1995، على جثة الفنان الشاب عماد الدين علي سليمان، المعروف بـ”عماد عبدالحليم”، ملقاة على الرصيف المقابل لمنزله، وبجواره حقنة مريبة، بينت التحقيقات بعدها تلوثها بالهروين، الذي أنهت جرعة زائدة منه حياة وريث العندليب، وهو في الـ36 من عمره.
جاء خبر وفاة الفنان الشاب صدمة لمحبيه، وللوسط الفني، ولأسرته، خاصة ابنة شقيقه الملحن محمد علي سليمان، الفنانة أنغام، التي لم تكن متواجدة في مصر وقتها لإحيائها حفلًا فنيًا في تونس، لتوقظها والدتها وتخبرها أن عمها يتصدر شاشة أنباء تونس، لكن الخبر انتهى قبل أن تراه، لتتصل بأهلها في مصر وتتلقى الصدمة، هي وأمها التي ربته في صغره، وتفاقم حزنها لعجزها عن حضور جنازته، وعودتها إلى مصر متأخرة، ليمتد عدم استيعابها لموته سنوات طويلة، محملة من حوله ذنب وفاته بالإدمان، لتقصيرهم معه، خاصة لشعوره الدائم بالوحدة، وتخليهم عن مساعدته، وإخراجه من حالات اليأس والاكتئاب التي عاشها، بالرغم من ظهور علامات سوء حالته النفسية عليه في فترات عمره الأخيرة، فكان كثير النوم، وقليل الأكل، ولم يسعَ للارتباط أبدًا.
مع الفنانة أنغام في طفولتها
كانت حياة وريث عبدالحليم حافظ، الذي تبناه بالفعل في صغره، بعدما استمع لغنائه في فرح طبيبه في الإسكندرية، وتكفل به ماديًا ومعنويًا وفنيًا، بعيدة عن حياة النجوم، فلم يختلط بأحد، ولم يكن له أصدقاء كثر، وكان زاهدًا في الحياة، يميل للأغاني الحزينة، التي انعكست على ملامح وجهه الذي زهد الابتسامة، بالرغم من تألقه الفني، سواء في الغناء أو التمثيل، أو الفرصة التي منحها له العندليب بتمهيد الطريق له، ودفعه وتوجيهه في طريق النجاح، ما دفعه لإدمان المخدرات، التي كانت له المهرب من وحدته، والمنفذ لرغبته الدفينة في ترك الحياة.
لم يكن خبر وفاة “عماد عبدالحليم”، هي المرة الأولى التي ارتبط فيها اسمه بالسموم المخدرة، فقبلها بسنوات، تورط الفنان الشاب في قضية المخدرات الشهيرة التي تم القبض فيها عليه في شقة المطرب أحمد الكحلاوي، مع الممثلة الشابة سالي، وصاحب محل فيديو في بورسعيد، عام 1989، وأُخلي سبيلهم بعد ذلك بضمان مالي قدره 200 جنيه لكل منهم، وأغلقت القضية.
استهدفت الإشاعات حياة المطرب الشاب، فلم تتركه يحيا في سلام، وأربكته، فأصبح لا يقوى على مواجهة الجمهور على خشبة المسرح، بالرغم من ابتعاده عن الأضواء، وانطوائه، وكان أبرزها تلك المتعلقة بزواجه من الراقصة نجوى فؤاد سرًا إلا أنها نفت ذلك تمامًا، موضحة أن ما بينهما علاقة صداقة قوية، خاصة لدعمه لها بعد طلاقها، وقربه منها، إلا أن زواجهما كان صعبًا خاصة لأنها تكبره بـ8 أعوام.
تحكمت العديد من المفارقات في حياة عماد عبدالحليم، ولعلها هي ما أنبتت في قلبه الحزن الدائم، ففقر عائلته، دفعه للذهاب لوكيل الفنانين في الإسكندرية للتعاقد على عدد من الحفلات الرمضانية، التي كان يتقاضى 30 قرشًا نظيرًا لكل منها، ووضعه القدر في طريق عبدالحليم حافظ الذي لم يكن يعرف شكله، لأنه لا يملك في منزله إلا راديو يستمع فيه لأغانيه فقط، وبعدما سمع العندليب صوته في حفل زفاف طبيبه، طلب منه السفر معه للقاهرة، ليتبناه، وبالفعل، اصطحبه معه في بروفاته، ليتعلم منه، وتكفل به، وأعطاه اسمه، حتى ذاع صيته، ومات بعدها ليتركه وحيدًا يكمل مسيرته الفنية.
ولد عماد عبدالحليم، في 4 فبراير 1960، وكان من أوائل الفنانين الذين قدموا سيرة عبد الحليم حافظ في مسلسل تليفزيوني، بتجسيد شخصيته في مسلسل “العندليب الأسمر”، مع الفنانين فردوس عبد الحميد، وشيرين، وحسين الشربيني، كان له عدة ألقاب منها “فتى النيل الأسمر”، و”البلبل الحزين”، و”الكروان الحساس”، و”الملاك الجميل”، وشارك بالتمثيل في عدد من المسرحيات، منها مسرحية للأطفال بعنوان “نعم ولا”، ومسرحية “النهاردة آخر جنان” و”للسيدات فقط”، وعدة أفلام منها “كرامتي” مع سعيد صالح ونجوى إبراهيم، وفيلم “عذاب الحب” مع مديحة كامل وصلاح نظمي.
المصدر:إعلام أورنج