ثلاثة أسابيع مرّت على الصغيرة منذ أن رأت فيها الشارع، كانت تلعب كالمعتاد مع رفيقاتها، تحمل حقيبة المدرسة، وتذاكر دروسها، إلا أن طلقات النيران التي طرقت سمعها، أنبأتها بوضع قاتم سيحدث، تسارعت نبضات قلبها، وبدا الخوف في عينيها، ومنذ تلك اللحظة لم تطأ قدم الفتاة طُرقات العريش، ولم يزل الذعر باديا في ملامح وجهها.
ثلاثة أسابيع تغيّرت فيها الفتاة، عرفت معنى الحرب، فلم تعد صغيرة. ترتعد مع سماع صوت البنادق التي قتلت سبعة مسيحيين، وترتعش وقت هدوء الأجواء، لم تبكِ أو تصرخ كما الأطفال، حملت بقلبها خوفها، لم ترى رفيقاتها منذ أيام طويلة، محبوسة مع أسرتها داخل البيت.
حينما قرر أهلها الرحيل، حزنت، ستغادر المنزل الذي تعرفه منذ الأبد، عرفت معنى النزوح، لملمت حاجياتها، إلا أنه مع كثرة الحقائب، اضطرت والدتها ترك بعض الأشياء منها لعبتها المفضلة، حينما وصلت الفتاة إلى الإسماعيلية مع عشرات الأسر، وجدت مدينة مجهولة، شوارع وسماء غير التي تعرفها، انقبض قلبها، وقررت أخيرًا أن تودِع دمعة وحيدة في أحضان جدتها جراء ما شاهدته الأسابيع الماضية.
صورة اليوم- أقباط العريش: النزوح في عيون طفلة
صورة اليوم- أقباط العريش: النزوح في عيون طفلة