جريمة تشغل الرأي العام لفترة طويلة تتخللها أصوات منادية بضرورة معرفة الجاني، وتكتسب تلك الوقائع اهتمامًا كبيرًا على إثر سقوط الضحية في حراك شعبي، أو كون الفقيد شخصية مشهورة ولها شعبية.
ومنذ منتصف القرن الماضي وحتى وقت قريب شهدت مصر العديد من الجرائم التي أثارت ضجة كبيرة، لكن حماس وشغف المتابعين فتر بطول مدة انتظارهم للحقيقة، والتي تنطفئ كليًا مع إنساب الحادثة لـ«مجهول» ضمنيًا أو على الورق.
وفي التقرير التالي نستعرض أشهر 10 جرائم لم يعرف أحد حتى الآن مرتكبيها :
10. حريق القاهرة
في الـ25 من يناير 1952 استشهد 50 ضابطًا من قوات الشرطة، «بلوكات النظام» حينها، وذلك في محافظة الإسماعيلية، بعد أن أمر وزير الداخلية فؤاد سراج الدين بمقاومة جنود الاحتلال، وأتت تلك الواقعة بعد عام من إلغاء معاهدة 1936 في ولاية حكومة النحاس باشا، مع تصاعد حركة الفدائيين.
هذه الأحداث دفعت المواطنين إلى تنظيم المظاهرات بعدها بيوم واحد، في 26 يناير، وقبلها، في الـ6 صباحًا، تمرد ضباط البوليس وامتنعوا عن العمل، وهنا يقول الكاتب أحمد عثمان، في مقال بجريدة «الشرق الأوسط»: «وجئنا ببعض الرجال في الثلاثينات من العمر، جاءوا بسيارة نقل مفتوحة أخرجوا منها صفائح من البنزين أفرغوه في مبنى كازينو بديعة وأشعلوا فيه النيران، وسرعان ما انتقلوا بسيارتهم إلى الجانب الآخر من الميدان، حيث أشعلوا النيران في فندق شبرد».
وتابع «عثمان»: «بعد ذلك انفضت المظاهرة وسادت الفوضى، وانضم الغوغاء إلى المسيرة، وصاروا يحطمون واجهات المحلات العامة، ويسرقون ما بها، وفي ذلك اليوم المشؤوم التهمت النيران الكثير من الأماكن العامة في وسط القاهرة، من فنادق وسينمات ومحلات تجارية ومكاتب، كما مات الكثيرون وجرح آخرون».
ورغم مرور 65 عامًا على تلك الواقعة إلا أن مرتكب الواقعة أو المحرض عليها مجهول إلى أيامنا هذه.
9. مقتل الليثي ناصف
في الـ24 من أغسطس عام 1973 تلقى المصريون نبأ وفاة قائد الحرس الجمهوري الليثي ناصف، وذلك خلال فترة علاجه في لندن، بعد أن عثرت السلطات الإنجليزية على جثته ملقاة من الطابق الـ11 من بناية «ستيوارت تاور».
ووفقًا لما ذكره الدكتور مصطفى الفقي في مقال له بـ«المصري اليوم» كانت زوجة «ناصف» تتحدث عن وجود مؤامرة للتخلص منه، بسبب تأييده للرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
ووفق ما نشرته صحيفة «الجريدة الكويتية»، نقلًا عن صلاح الشاهد أمين رئاسة الجمهورية، كان هناك خلاف نشب بين الرئيس الراحل أنور السادات و«ناصف»، حتى طلب الأخير أن يعفيه من منصبه، وهو ما حدث بتعيينه في وزارة الخارجية بدرجة سفير.
وانتهت التحقيقات الإنجليزية، حسب مقال «الفقي» إلى «شاهد عيان كان يقف في شرفةٍ قريبة من شرفة الفريق حيث رآه وهو يترنح بجوار حافة شرفته، حتي اختل توازنه وسقط مرتطمًا بأرضية الشارع»، وهو ما ترى عكسه نجلته «هدى»، معتبرةً أن والدها مات مقتولًا.
8. مقتل نيازي مصطفى
في صباح الـ20 من أكتوبر 1986 فوجئ الجمهور بنبأ مقتل المخرج نيازي مصطفى، بعد أن وجده طباخه الخاص، محمد عبدالله، مقيدًا بـ«كرافات» داخل غرفته، وشرايينه مقطوعة، وفمه مكمم بـ«فوطة».
وبعض وصول المحققون إلى مسرح الجريمة وجدوا ملف ضخم يحتوي على أوراق ومذكرات «نيازي»، وبعد الفحص تبين أنه تعرض للعبث، بجانب شهادات استثمار بأسماء سيدات.
وبعد تحري السلطات عن علاقاته العاطفية السابقة، وخلافاته مع أقارب زوجته الراحلة «كوكا»، إضافةً إلى عبث الذي اكتشفوا الجريمة بالجثة وتحريكها من موضع الجريمة، حتى لم يجد المحققون بدًا من حفظ القضية ضد «مجهول».
7. مقتل ميمي شكيب
في أوائل عام 1974 داهمت الشرطة شقة الفنانة ميمي شكيب بقصر النيل، وألقت القبض عليها بتهمة ممارسة الدعارة مع 8 أخريات، وكان الأمر بمثابة مفاجأة حينها، وتمت محاكمتها في نفس السنة.
وبعد 6 أشهر من المحاكمة حصلت «ميمي» وزميلاتها على البراءة لعدم ثبوت الأدلة، وذلك وفق ما هو منشور بمجلة «مصر المدنية»، وبعد خروجها من الحبس عاشت بقية حياتها في بؤس شديد أجبرها على اللجوء لصندوق معاشات الأدباء والفنانين بوزارة الثقافة عام 1975 لمساعدتها ماديًا.
واستمرت حالتها السيئة على ما هي عليها إلى أن فوجئ الجمهور بنبأ مقتلها في 20 مايو 1983، بعد أن وجدوا جثتها ملقاة من شرفة منزلها، وحتى الآن لم يُعرف الجاني.
6. مقتل سعاد حسني
في 21 يونيو من عام 2001 عثرت السلطات البريطانية على جثة الفنانة سعاد حسني، إثر سقوطها من الطابق السادس بمبنى «ستيوارت تاور» من شرفة شقة صديقتها نادية يسري، بعد أن أنهت علاجها في العاصمة لندن.
ولم تتوصل السلطات حينها إلى الجاني، بعد تعثر التحقيقات عند الشك في انتحارها بسبب معاناتها من حالة نفسية سيئة، وفق أقوال بعض الشهود، وكذلك ظهرت حينها رواية من أن وفاتها جاء نتيجة سقوطها من الشرفة لأن ارتفاع السور لا يتعدى 35 سنتيمتر.
وفي عام 2009 صرحت جانجاه حسني، شقيقة «سعاد»، لموقع «العربية نت» أن جثة اختها كان بها كسر في قاع الجمجمة، وذلك حسبما أفادت تقارير إنجليزية حسب روايتها، وقدمت دعوى حينها إلى النائب العام لفحص الجمجمة فقط، لكن حتى الآن لم يظهر جديد.
5. مقتل أشرف مروان
في 27 يونيو 2007 قتل رجل الأعمال المصري، وزوج نجلة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، أشرف مروان، وذلك عندما عثرت السلطات على جثته ملقاة من بناية «ستيوارت تاور»، التي توفت فيه سعاد حسني والليثي ناصف.
ولم يصل المحققون إلى مرتكب الجريمة حتى الآن، وفي سبتمبر 2015 نشرت صحيفة «الجارديان» تقريرًا عن اللحظات الأخيرة في حياة «أشرف»، والتي وصفتها بـ«الغامضة».
وأشارت الصحيفة إلى أن «أشرف» كان يتعاطى موادًا مضادة للاكتئاب، وهو ما يرجح إمكانية انتحاره، إلا أن «وليام دولمان» الطبيب الشرعي، نفى ذلك بقوله إن الراحل كان لديه أسبابًا ليعيش، وكان يستعد للسفر إلى نيويورك حينها، لكن مع ذلك لا يوجد دليل على قتله.
4. قتل متظاهري ثورة يناير
باندلاع أحداث ثورة 25 يناير، ومرورًا باشتباكات المتظاهرين مع قوات الأمن في «جمعة الغضب» قُتل مئات المحتجين، وبتنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك توقع الجميع معاقبة الجناة.
لكن الصورة بدت ضبابية بعد حصول أغلب الضباط المتهمين في قتل المتظاهرين على أحكام بالبراءة، وكانت المفاجأة الأكبر هي براءة «مبارك» ووزير داخليه حبيب العادلي ومساعديه أمام محكمة الجنايات في أواخر 2014، وذلك بعد أن طعن الرئيس الأسبق على حكم معاقبته بالسجن المؤبد، والذي كان صادرًا في يونيو 2012.
3. موقعة الجمل
في الـ2 من فبراير 2011 فوجئ المتظاهرون بميدان التحرير من هجوم عشرات حاملين صور الرئيس الأسبق حسني مبارك، راكبين الخيول والجمال، وهاجموا المعتصمين.
ومع تنحي «مبارك» تم تحويل 25 متهمًا إلى محكمة الجنايات في يوليو 2011، بتهمة الشروع في قتل المتظاهرين لأغراض إرهابية، ومن أبرز الأسماء الذي شملهم القرار أحمد فتحي سرور، وصفوت الشريف، ومحمد أبوالعينين، ومرتضى منصور ونجله، ورجب حميدة.
وفي أكتوبر من عام 2012 أصدرت محكمة الجنايات حكمها ببراءة كل المتهمين، بعدها طعنت النيابة العامة على القرار، وهو ما رفضته محكمة النقض في مايو 2013، ليحصل المتهمون على البراءة النهائية، ويظل الجاني مجهولًا حتى الآن.
2. مقتل إبراهيم الفقي
في الـ10 من فبراير عام 2012 توفى الدكتور إبراهيم الفقي، خبير التنمية البشرية، داخل منزله بمدينة نصر، إثر حريق شب في الشقة، ولقيت مصرعها معه شقيقته أيضًا.
وانتهت تحقيقات الشرطة حينها إلى أن الحريق نشب بسبب إحدى الدفايات، وتوفى «الفقي» نتيجة اختناقه، وظلت هذه الرواية محل صدق لدى كثيرين إلى أن تحدثت زوجته السيدة «آمال».
تقول «آمال» حسبما نشرت صحيفة «العرب»، في عام 2014، إن «الفقي» كان يتمتع بحاسة شم قوية، حتى أنه تمكن من اكتشاف حريق أثناء إقامته في أحد الفنادق، دون أن يشعر أحد بذلك.
وأكملت «آمال» روايتها: «علمنا أنه بالفعل كان هناك ماس كهربائي تم السيطرة عليه بسرعة، ولم يرغبوا في إطلاق صفارات الإنذار حتى لا يزعجوا النزلاء طالما تمت السيطرة على الموقف بسرعة».
بهذا الموقف دللت «آمال» على أنه من المستحيل أن يظل «الفقي» في المنزل دون أن يحرك ساكنًا أثناء نشوب الحريق، مشيرةً إلى أنه كان يستيقظ من الفجر، أي أنه كان سينتبه لاشتعال النيران التي بدأت في الـ9 صباحًا حسب رواية التحقيقات.
وتابعت «آمال»: «أعربت عن رغبتي في فتح تحقيق حول ملابسات الحادث، لكن قال لي شقيقه الأكبر: لا داعي فهو مات مخنوقا من الدخان.. إلا أن هذه الكلمات لم تقنعني».
1. مقتل يوسف العسال
عثرت الأجهزة الأمنية على جثة الفنان يوسف العسال مقتولًا داخل شقته بمنطقة مصر الجديدة، وذلك في نوفمبر من عام 2014.
وأفادت تحقيقات الأجهزة الأمنية بأن 3 أشخاص طرقوا باب منزل الفنان الراحل واشتد النقاش بينهم عقب خروجه إليهم، ليقوموا بخنقه وتكميم فمه إلى أن فارق الحياة، حينها حاولت زوجته منع الاعتداء عليه لكنهم أوسعوها ضربًا وفروا هاربين، حسب ما نشره «المصري اليوم».
ومنذ ذلك الحين تم تكليف المباحث العامة بسرعة ضبط وإحضار المتهمين الثلاثة، لكن دون أي جديد إلى الآن.