صراع لندن وباريس الخفي على "توت عنخ آمون" : فرنسا طالبتنا بفرض شروط صعبة على بريطانيا ...
عرضت كنوز مقبرة الملك توت غنخ آمون، لأول مرة أمام الجمهور في المتحف البريطاني منذ أكثر من 40 عامًا، حيث اصطف البريطانيون لأكثر من 8 ساعات أمام المتحف، لكي يحظوا بنظرة على الكنوز الفرعونية، التي لا تقدر بثمن.
وكشف موقع «ديلي ميل» البريطاني أن عرض كنوز الملك الفرعوني في بريطانيا في عام 1972، والذي جذب حوالي مليون و700 ألف زائر، كاد يفشل بسبب مكيدة الدبلوماسيين الفرنسيين، الذين أثاروا خلافات واسعة بين مصر وبريطانيا آنذاك.
وأوضحت أوراق ووثائق المتحف البريطاني، كيف حاول الدبلوماسيون الفرنسيون وضع عقبات في المفاوضات بين مصر وبريطانيا، لاستعارة تلك الكنوز الفرعونية، التي يعود تاريخها لأكثر من 3 آلاف سنة، والتي كانت تشمل قناع عنخ آمون، وذلك من خلال إقناع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بفرض شروط مبالغ فيها على الجانب البريطاني، لإتمام ذلك التعاون.
بدأت تلك المفاوضات في عام 1966، وكان من بين الشروط والمطالب، التي وضعها عبدالناصر على الجانب البريطاني، أن يصوره المصور الشهير والمفضل في المجتمع البريطاني لورد سنودن، زوج الأميرة مارجريت، وأن يؤدي العملاقان دام مارجوت فونتين، ورودولف نورييف عرضًا في القاهرة، بجانب عرض فرقة الباليه الملكية.
وكانت باريس تود من جانبها أن تعطل الاتفاق بين مصر وبريطانيا، بسبب مخاوفها من أن يخطف عرض كنوز عنخ آمون في المتحف البريطاني، الأضواء من العرض، الذي كانت تنوي إقامته لتلك الكنوز في متحف اللوفر الشهير، والذي أُقيم في عام 1967.
وأشارت وثائق المتحف البريطاني إلى أن المحادثات انهارت أكثر من مرة؛ بسبب المبالغة في مطالب الرئيس عبدالناصر.
وفي إحدى المذكرات، غير محددة التاريخ، يقول لورورث إدواردز المسؤول عن الآثار المصرية في المتحف البريطاني: «ذهبت للقاهرة في فبراير، وسارت المحادثات بشكل مُرض، حتى آخر يوم لي في البلاد، عندما أخبرني وزيرة الثقافة ماجي وهبة، بالإضافة لعرض فرقة الباليه الملكية، تريد الحكومة المصرية أيضًا فرقة «أكسفورد بالي هاوس»، ومارجوت فونتين، ورودولف نورييف».
وتابع: «عندما عدت إلى لندن أخبرت مجلس الفنون، بذلك الطلب، وبعد استشارة المجلس البريطاني، والمكتب الخارجي بنتيجة المفاوضات، كانت النتيجة أنه تم الرفض، وانتهى الأمر برمته».
وقال «إدواردز»: «بعد فترة قصيرة أدركنا بشكل سري أن التغير في الموقف المصري كان نتيجة ضغط دبلوماسي فرنسي على الرئيس عبدالناصر، لأن فرنسا أرادت أن تكون الدولة الأوروبية الوحيدة، التي تستضيف ذلك العرض».
وأشارت الوثائق إلى أن محاولات المتحف البريطاني لإرضاء عبدالناصر تم معارضتها بواسطة المكتب الخارجي، بسبب تدهور العلاقات المصرية البريطانية بعد قرار تأميم قناة السويس، وعدوان 56.
وبعد وفاة عبد الناصر في عام 1970، أدت فرقة الباليه الملكي عرضها، ولكن بدون نورييف وفونتين، ما مهد الطريق للموافقة على استعارة المتحف البريطاني لكنوز توت عنخ آمون.
وكان العرض بالمتحف البريطاني أكثر سخاءً من نظيره في متحف اللوفر، حيث تم مد فترة انعقاده لعدة مناسبات، وذلك بناء على طلب الجمهور.