وسط أجواء شعبية اعتيادية يكسر رتابتها صيحات الجالسين على المقاهي، وعلى مسافة قصيرة من مبنى وزارة العدل المصرية، يرقد مبنى قديم مكون من 3 طوابق، يشير طرازه المعماري لانتسابه إلى عصر بناء فيلات وقصور جاردن سيتي.
تكشف نوافذ المبنى المغلقة انقطاع مرتاديه عنه، في ظل هدوء يخيم على بوابته المغلفة بـ«جنزير»، وكوخ خشبي خلفها، يمنع دخول المتطفلين.
هنا الفيلا رقم 30 شارع يعقوب، حيث كانت شعارات عبدالناصر، محركًا للعديد من الأحداث داخل جدران المقر المعروف للحزب العربي الديمقراطي الناصري، منذ تأسيسه عام 1992، قبل أن يتحول بعدها بعام واحد إلى مقر لجريدة «العربي» التي يصدرها الحزب.
منذ أيام قليلة، فوجئ الأهالي بعرض مقر الجريدة للبيع، وفق لافتة معلقة دون عليها: «ورثة أسامة قداح»، مرفق بها رقم هاتف محمول.
«اتعرضت للبيع من شهر»، الجملة الأولى التي قالها أحد سكان شارع يعقوب- طلب عدم ذكر اسمه ـ موضحًا أن «الفيلا لا يأتي لزيارتها أحد سوى الورثة، المواظبين على التواجد مرة شهريًا»، مؤكدًا أن خطابات الحزب الناصري لا تزال تصل على العنوان نفسه، رغم رحيل أعضائها: «البوستة لسه بتبعت جوابات الحزب على نفس العنوان».
وبالتواصل مع صاحب رقم الهاتف المدون على اللافتة المعلقة بالفيلا، اتضح أنه الدكتور أحمد أسامة قداح، أحد ورثة العقار، مع شقيقته ووالدته، الذي كشف أن «الحزب الناصري امتنع عن دفع الإيجار المستحق منذ 5 سنوات، ما أجبره مع بقية الورثة على رفع دعوى قضائية انتهت بحصولهم على حكم لصالحهم، بإخلاء المبنى من العاملين في الجريدة».
وأوضح «قداح» لـ«المصري لايت» أن مساحة الفيلا 400 متر، ويبلغ سعر المتر الواحد، 25 ألف جنيه، مشيرًا إلى أن العقار معروض للبيع مقابل 10 ملايين جنيه.
ومن ورثة الفيلا إلى سيد عبدالغني، رئيس الحزب العربي الناصري، الذي أكد إخلاء مقر صحيفة (العربي) بناءً على حكم قضائي صادر لصالح ورثة قداح عام 2015، وتم تنفيذه في نهاية العام نفسه، بعد تراكم الديون على الحزب، مع عدم وجود سيولة لسداد المستحقات لمالكي المقر.
وأعاد «عبدالغني»، في تصريح لـ«المصري اليوم»، تراكم مبلغ الإيجار إلى «عدم تلقي الحزب الدعم المالي اللازم من الدولة، كما تنص المواثيق الدولية لدعم الجو الديمقراطي، وهو ما أثر على تمويل صحيفة العربي بشكل كبير، إضافةً إلى قلة قيمة الاشتراكات التي بلغت 10 جنيهات قبل توليه المسؤولية، و20 جنيهًا بعد ذلك».
وعن محرري الجريدة، أوضح «عبدالغني» أن معظمهم اتجه للعمل في صحف أخرى، بعد إغلاق «العربي»، وتردي الأوضاع قبل توليه رئاسة الحزب بشكل رسمي في 29 يناير الماضي، مؤكدًا حرصه الشديد على عودة الصحيفة إلى ما كانت عليه قبل سنوات.
من جانبه، نفى الكاتب الصحفي عبدالله السناوي، رئيس التحرير السابق لجريدة «العربي»، لـ«المصري اليوم»، علمه بالإجراءات القانونية المتعلقة بمقر الصحيفة، رافضًا الخوض في أي تفاصيل لابتعاده عن الجريدة منذ عام 2010، وهو ما أكد عليه أيضًا الكاتب الصحفي عبدالحليم قنديل، رئيس التحرير التنفيذي السابق للجريدة، مؤكدًا أنه لا يعلم أي شيء عن مقر صحيفة «العربي» بعد تركها منذ 10 سنوات، مكتفيًا بالقول: «لا تعليق».
واكتفى أحمد الجمال، نائب رئيس الحزب العربي الناصري السابق، بتصريح مقتضب لـ«المصري اليوم»، موضحًا أن سبب إخلاء البناية من العاملين بجريدة العربي هو انتهاء عقد الإيجار.