أخبار عاجلة

ما يفعله السفهاء بنا

كان حسني الأب يحتقر السفهاء، ويحب أكثر «العظمة الكبيرة» لأن الدهن في «العتاقي»، ولهذا حينما شعر بحيرة أمام الضغوط الخارجية من أجل الديمقراطية والإصلاح، لم يستعن بأي من السفهاء، بل ذهب إلى كاهن الإصلاح في معبد السلطة سعد الدين إبراهيم.

أما جمال مبارك، فعلى ما يبدو كان قد وقع مبكرًا في خطيئة «آل باتشينو» المفضلة «الغرور يا عزيزي عز». وأحاط نفسه بمجموعة متنوعة من السفهاء، أخذوا يروجون لمشروع «الليبرالية الجديدة» والإصلاح من الداخل، وعند لحظة الحقيقة حينما يرتفع قمع السلطة ويتكرر فشلها، كان جمال يضحك، والسفهاء من حوله يصفقون، ويقومون بدورهم في تبرير أفعال السلطة معتقدين أنهم بذلك مؤثرون أو يقومون بدور إصلاحي، بينما حقيقة دورهم يجسده إفيه جمال الشهير «رد أنت يا حسين». مرت الأيام وأتت أيام لكن سفهاء جمال مبارك حافظوا على وجودهم على الساحة وخاضوا بفشل معارك لم تنتج إلا هزائم متكررة لهم وتطير برؤوس من خدموهم، وتعطل أي مسيرة لتحسين الأوضاع لنا ولهم.

لكن مثل «الإخوان» وغيرهم من قتلة وسفلة وأوغاد أنتجهم وادينا الطيب، لا يمكن التخلص من السفهاء، فهم جزء أساسي من مجتمعنا وللأسف من تركيبة القوى المؤثرة في المشهد السياسي والاجتماعي. صبرنا ونحن نشاهدهم يقفون في أركان الصف الصناعي مع «الشفيق فريق»، بدعوى مواجهة الفاشية الدينية، قذفوا بنصف المجتمع خلف مرشح عسكري يخوض السياسة لكنه لا يتحمل خوض نقاش في برنامج تليفزيوني. ومع ذلك فشلوا.

فشلوا لأن منطق ومسار السفهاء ضد النجاح، فسواء رفعوا صورة الفريق «شفيق» وارتدوا «البلوفر» أو رفعوا على رأسهم البيادة العسكرية وعلقوا صورة « رئيسي»، فما يريدونه هو إغلاق المجال السياسي، فهم أرادوا «شفيق» ويريدون «السيسي» الآن لكى يأتي ويؤدب شوية «العيال دول».

«عايزين استكرار» يقول السفيه وهو يقبل صورة الجنرال أي جنرال. استبدل «شفيق» بـ«السيسي» بـ«تهامي»، لن يلاحظ السفيه، المهم التطبيل وحلم «الاستكرار» الذي يراه لا يتحقق إلا بدهس المدرعات للمسيحيين، وتحرش المخبرين بالفتيات، وضرب الشباب والتعذيب في الأقسام.

يمكن أن تختار حبيبك، لكن ليس دائمًا يمكن اختيار رفيقك، وفرضت «30 يونيو» على الجميع الرفقة بين أناس لا يطيقون حتى النظر في وجه بعضهم البعض، ومن ضمن أعضاء هذا التحالف «السفهاء».

عرفنا من البداية أن الخلافات ستكون سمة ما هو قادم، البعض لن يتحمل ويرفض الاستماع لأي صوت إلا صوته وبإمكانه في هذه الحالة أن يذهب برفقة البرادعى، والبعض جلوسه على كرسي السلطة يصيبه بحكة أسفل الظهر ويفضل المعارضة كخيار مصيري، لكن آخرين قبلوا بخريطة الطريق وبالجلوس على مائدة المفاوضات مدركين أن العيش المشترك يتطلب تقديم بعض التنازلات، لكن على ما يبدو جاء البعض حاملين السلاح إلى مائدة المفاوضات.

يظل شخص كزياد بهاء الدين يصرخ ويحذر من قانون المظاهرات وخطورته ليس فقط لأنه يتعدى على الحقوق الأساسية للمواطنين وهو الخط الأحمر الذي لا يمكن التفاوض عليه، بل لأنه ينهي تحالف 30 يونيو وينسف التجربة من الأساس. لكن السفهاء فرحون بالسلطة، مخدوعون بتأكيدات وزير الداخلية وقدرته على السيطرة على الوضع.

عزيزي السفيه، انتبه أين تقف الآن من فضلك؟

تذكر أن داخلية «العادلي» انهارت في أقل من ست ساعات، ومخابرات «السيسي» الآن يتم تفجير مقارها بشكل منتظم أسبوعيًّا، في رسالة موجهة لمن ينتبه «لو أردنا قتلك لقتلناك». وهل يمكن مقارنة مجد وعظمة وشرطة وجيش «السيسي» بجيش أنور السادات؟!

وبدلاً من أن يبحث السفيه عن وسيلة لمحاسبة المسؤولين عن التقصير الأمني وإهدار دماء الجنود والمواطنين، يطالب الجنرال بتقييده وسجنه، يرفع يده مؤيدًا لقانون المحاكمات العسكرية، ويصوت لقانون التظاهر من أجل «الاستكرار»، ويهتف بصوت مبحوح «افرم يا سيسي».

يزداد ضجيج وسفه السفهاء إذا تم وضعهم في مراكز قيادية، السلطة مفسدة، وللسفهاء جنون. بينما نخسر الجنود في سيناء وفي المناطق الحدودية، بدلاً من توحيد الصف، يهاجم السفيه شركاءه في التحالف، بثقة يتوجه السفهاء إلى نبذ وطرد أي مختلف معهم داخل التحالف الحاكم، والغرور يقود للعمى.

عزيزي السفيه افرح كما تريد بقانون معيب يتعدى على حقوقك وحقوق غيرك، وصفق لداخلية تستعين بالبلطجية وتتعدى على المواطنين تحت مظلة القانون، تقدم كحوت أعمى نحو نهايتك الحتمية، ثرثر بكلامك الكبير عن القانون واحترام دولة القانون، وقريبًا ستلحق بمصير مجانين الشرعية والشريعة.

SputnikNews