قبل ولادة الملك عبد العزيز آل سعود بعشر سنوات توفي جده الإمام فيصل بن تركي سنة ١٨٦٥م، فدبّ الشقاق والنزاع بين ابنيه: عبد الله، وسعود؛ مما أضعف سلطة الدولة السعودية الثانية، لاسيما أن النزاع المرير بين الأخوين استمرّ مدة عشرة أعوام، ولم يتوقف مؤقتاً سوى بوفاة الإمام سعود بن فيصل عام ١٨٧٥م ومبايعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل لتولي الحكم، لكنه تنازل لأخيه الإمام عبد الله عام 1877م، فاستأنف أبناء الإمام سعود النزاع مع عمهم الإمام عبد الله، وهاجموه في الرياض ١٨٨٦م، وقبضوا عليه، وسجنوه.
وحركت هذه الاضطرابات في بيت الحكم السعودي أطماع أمير جبل شمر في حائل محمد بن عبد الله بن رشيد، لبسط نفوذه وتوسيع رقعة حكمه، فرغم تبعيته سياسياً لسلطة الدولة السعودية، توجه بجيشه ليغزو الرياض؛ بذريعة إنقاذ الإمام عبد الله، وبعد اقتحامها عيّن سالم السبهان أميراً عليها، واصطحب معه الإمام عبد الله إلى حائل للإقامة عنده، وقد امتدّ به المُقام إلى عام ١٨٨٩م لكن المرض اشتد عليه، فسمح "ابن الرشيد" للإمام عبد الله بالعودة إلى الرياض، وما إن وصلها بيومين حتى توفي في 24 نوفمبر 1889م.
وواكبت وفاة الإمام عبد الله بلوغ الملك عبد العزيز 14 عاماً؛ حيث ولد في الرياض عام 1875م، وفقاً لكتاب "الطريق إلى الرياض"، وإن كانت مصادر أخرى منها موسوعة "مقاتل من الصحراء" تشير إلى أنه ولد في عام 1876م، وقد واكب العام الذي ولد فيه الملك عبد العزيز تولي والده الإمام عبد الرحمن الحكم، وخلال هذه السنوات عايش الملك عبد العزيز العديد من الاضطرابات التي عصفت بالدولة السعودية الثانية، وقدر له في عام 1890م أن يشارك في أول حدث سياسي في حياته، ولم يكن ذلك الحدث يختلف عن طابع تلك الأحداث المضطربة التي سادت تلك الفترة.
ففي هذا العام تناهى إلى علم الإمام عبد الرحمن أن سالم السبهان ينوي الغدر به، خلف ذريعة القدوم للسلام عليه، فوضع الإمام عبد الرحمن خطة لإفشال ما يحيكه "السبهان"، وقبض عليه مع مرافقيه وسجنهم، فغضب محمد بن رشيد وأعلن التعبئة في جيشه، واتجه به ليغزو الرياض للمرة الثانية في أوائل عام ١٨٩٠م، لكنه عجز عن اجتياحها؛ ففرض عليها حصاراً خانقاً وصمدت المدينة 40 يوماً، لكن آثار الحصار الجائر كانت فادحة على سكانها، لاسيما أن "ابن الرشيد" عمد إلى تقطيع النخيل، فقرر الإمام عبد الرحمن إرسال وفد للتفاوض معه؛ لإنهاء حملته العسكرية على الرياض.
واختار الإمام عبد الرحمن للوفد أخاه الأمير محمد بن فيصل، والشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، والشيخ حمد بن فارس، وابنه الأمير عبد العزيز. واتفق الطرفان خلال المفاوضات على أن تكون للإمام عبد الرحمن الإمارة على الرياض وتوابعها، مقابل إطلاق سراح سالم السبهان ورفاقه وعودة محمد بن رشيد بجيشه إلى حائل، وتُعد مشاركة الملك عبد العزيز في مفاوضات إنهاء الحملة العسكرية لـ"ابن الرشيد" على الرياض، أول حدث سياسي يشارك فيه وعمره لم يكن يتجاوز 15 سنة، وكان اختيار والده له في هذه المهمة بمثابة إعداد مبكر له لإدارة شؤون الحكم، والانخراط في جهود التغلب على التحديات التي كانت تواجه الدولة السعودية وقتئذ.